الملايين حول العالم يشاهدون كسوف الشمس

عبر النظارات الواقية والمراصد

رجل يستخدم فيلترا خاصا ليتمكن من رؤية كسوف الشمس في مدينة ريجا بلاتفيا (رويترز)
TT

تسارع الناس في مختلف بلدان العالم لمتابعة كسوف الشمس أمس والتقطت الوكالات صورا لتجمعات من الناس وهم يحاولون رؤية الكسوف سواء بمساعدة نظارات حديثة او بأخرى قديمة الصنع، حيث كان المهم هو متابعة تلك الظاهرة الطبيعية.

وشهدت الامارات بعد الظهر كسوفا جزئيا للشمس غطى ربع قرصها. وتجمع المئات من الجمهور على كورنيش العاصمة الاماراتية أبوظبي لمشاهدة الظاهرة التي بدأت الساعة الثانية و45 دقيقة بالتوقيت المحلي، واستمرت حتى الساعة الرابعة و10 دقائق عصرا.

وأقامت جمعية الامارات للفلك مرصدا لمشاهدة الحدث على شاطئ الخليج العربي، ووفرت أجهزة خاصة للجمهور والهواة لمراقبة عملية الكسوف.

وفي الكويت قالت مديرة ادارة علوم الفلك في النادي العلمي في الكويت منى عنبر ان الكسوف بدأ عند الساعة 1.18 من بعد ظهر اليوم واستمر حتى الساعة 2.53. واوضحت عنبر ان الكسوف الجزئي قد غطى ما نسبته 18 بالمئة من قرص الشمس في الكويت فيما كان الكسوف كليا وهو الاول هذا العام في عدد من مناطق اخرى في العالم.

اما في ايران فقد أعلنت مصادر رسمية في ايران أمس عن حدوث كسوف للشمس في محافظة كرمانشاه غرب ايران. وقال رئيس الجمعية الفلكية في كرمانشاه محمد علي خداياري في تصريح اوردته وكالة الانباء الايرانية الرسمية ان الكسوف حصل في الساعة الثانية و37 دقيقة من بعد ظهر اليوم (أمس) بالتوقيت المحلي.

واضاف ان كسوف الشمس في سماء كرمانشاه كان جزئيا وغطى نحو 26 بالمائة من قرص الشمس. وحسب تقرير لوكالة اسوشييتد برس فقد عم الظلام مساحة شاسعة من غرب سيبريا في روسيا بعد ظهر يوم امس الجمعة عندما حجب القمر ضوء الشمس تماما، وهو ما أدخل السعادة في قلوب جماهير مزدحمة من الروس والسائحين الأجانب. وحدث كسوف كلي للشمس في نوفوسيبيرسك، وهي ثالث أكبر مدينة روسية ويبلغ عدد سكانها 1.5 مليون نسمة. وقد ثبت أن توقعات الحالة الجوية بتكاثر السحب في السماء غير صحيحة، حيث استطاع عشرات الآلاف الذين تجمهروا في وسط المدينة رؤية الكسوف الكلي النادر، والذي استمر لمدة دقيقتين وثلاث وعشرين ثانية، في جماله التام. وهللت الجموع المرتدية نظارات واقية وأطلقوا الصفير عند رؤية القمر يحجب ضوء الشمس، والنهار يتحول إلى ليل. ووصف لوكاس هينريتش، وهو طالب يدرس الفيزياء جاء من برلين إلى نوفوسيبيرسك مع زملاء الدراسة، هذا الحدث بأنه «لا يمكن تصديقه».

وقال هنريتش: «لقد أصبح المكان باردا ومظلما، وفجأة عاد الضوء من جديد. أنا سعيد جدا، فالأمر يستحق القيام بهذه الرحلة». ولكن منع الجو الملبد بالغيوم في مناطق أخرى غرب سيبيريا الكثيرين من الاستمتاع بالمنظر المدهش. وتعرض سكان بلدة ناديم الصغيرة التي لا تبعد كثيرا عن منطقة القطب الشمالي لسقوط الأمطار وتغطية سحب كثيفة للسماء أثناء الكسوف الكلي. ولكن، لم يمنع الطقس السيئ الكثيرين من الاستمتاع بجو الاحتفال وإقامة حفلات الشواء. ولم يتضح على الفور عدد الأفراد الذين تعرضوا لإصابات في العين، على الرغم من إطلاق التحذيرات المتكررة بارتداء نظارات واقية.

وفي موسكو، كان الكسوف جزئيا، حيث حُجب نصف ضوء الشمس، ولكن منعت الغيوم الكثيفة سكان المدينة من الاستمتاع بالمنظر.

يسجل الأشخاص ظاهرة كسوف الشمس على مدى ما يقرب من 4.000 عام، وعادة ما يوحي هذا الحدث بالخوف، والفتنة، والرهبة، وخاصة عندما يقترب الأمر من الكسوف الكلي.

وتتناقل وكالات الأنباء أن روسيا سوف ترى الكسوف التالي للشمس بعد 22 عاما. ووفقا لناسا، من المتوقع أن يحدث الكسوف الكلي التالي الذي يشهده العالم في الثاني والعشرين من يوليو (تموز) عام 2009، الذي سيبدأ في الهند ويمر بنيبال، وبنجلاديش، وبوتان، وميانمار والصين، وفوق المحيط الهادي. أما في الصين فقد تجمع الملايين من الأشخاص لرؤية الكسوف بطول طريق الحرير القديم في الصين يوم الجمعة، وذلك قبل أسبوع من افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في بكين. وقد تعرض عام الأولمبياد الذي خططت له الصين بعناية إلى صدمات متكررة بسبب الكوارث الطبيعية: العواصف الثلجية غير المعتادة، والزلزال الأكثر تدميرا في هذا الجيل، والفيضانات، وتكاثر الطحالب في موقع مسابقات الإبحار الأولمبية.

ولكن في مساء يوم الجمعة، كان من المتوقع أن يكون الكسوف، الذي كان يعتبر في الماضي فألا سيئا لحكام إمبراطورية الصين، مشهد ترحيب في الدولة التي تتلهف على أية إشارة جالبة للحظ قبل دورة الألعاب. وأطلقت وسائل الإعلام على الحدث «الكسوف الأولمبي». وكان من المتوقع أن يذهب الكسوف قبل غروب الشمس في العاصمة القديمة ونهاية طريق الحرير الذي يسمى الآن شيان.

وخطط التلفزيون المركزي في الصين لإذاعة كسوف الشمس، وهو أول كسوف تشهده الصين هذا القرن، على الهواء مباشرة في جميع أنحاء البلاد. كما تجمع الآلاف من السائحين القادمين لرؤية الكسوف في مناطق مختلفة من الصحراء في أقصى الغرب في شينجيانغ، بحثا عن أفضل موقع للرؤية.

وعلى الرغم من تأكيد الحزب الشيوعي الحاكم على التفكير العلمي، إلا أنه مازالت هناك معتقدات خرافية في الصين. فيمتلئ تاريخ افتتاح الأولمبياد بالرقم ثمانية، لأن «ثمانية» باللغة الصينية تبدو مثل كلمة «الثروة». ولكن يعني الاحتفال بكسوف الشمس يوم الجمعة كإشارة جيدة للتخلي عن المعتقد القديم بأن هذا الحدث يعني سوء الحظ. فعندما كان يحدث مثل هذا الكسوف، كان الأباطرة يتعرضون للوم وعليهم الاعتذار لأنهم أغضبوا السماء. يقول جون هندرسون، أستاذ التاريخ بجامعة ولاية لويزيانا والذي كتب عن علم الكونيات الصيني، إن القدرة على التنبؤ بحدوث الكسوف الشمسي وإظهار القدرة على التحكم في السماء تحولت إلى أمر سياسي لدرجة أن بعض التقارير عن الكسوف تم استغلالها. وصرح هندرسون: «وردت شائعات بحدوث ظاهرات كسوف لم يقع أي منها، في مناطق ذات نزاع سياسي أو بيروقراطي. ربما يكون هذا طريقا للتعبير عن المعارضة». وبينما من المفهوم أن الناس في الصين يريدون أن يعرفوا لماذا يقع الكثير من الكوارث الطبيعية في عام الأولمبياد، لا توجد علاقة واضحة لهذا بظاهرة كسوف الشمس، كما قال جانغ شياويوان، وهو أستاذ العلوم الاجتماعية في جامعة جياوتونغ في شنغهاي، وقد كتب عن أبحاث علم الفلك والوطنية في الصين.

«لقد علمنا عن هذا الكسوف بالفعل منذ عدة أعوام من قبل أن نحظى بحق استضافة الأولمبياد، لذا كيف يمكن أن نفسر هذا بالعقاب؟». في عالم فلسفة فينج شوي وعلم الفلك، يجلب الكسوف تقلبات، ولكن الأمر يتعلق بسوق الأوراق المالية والحالات النفسية لدى البشر، كما يقول ريموند لو، وهو معلم فلسفة فينج شوي في هونغ كونغ. «هذا ليس له علاقة كبيرة بالأولمبياد. لن يكون يوم الافتتاح سيئا على الاطلاق».

ولكنه يقول تحسبا لأي شيء، يمكن تعليق حلقات معدنية تصدر أصواتا مع هبوب الرياح في أنحاء المنزل.