الدمشقيون يحنون إلى أيام زمان

في معرض يوثق العاصمة السورية في النصف الأول من القرن العشرين

من معرض صور وبطاقات بريدية لدمشق فيما بين 1900 و1945 («الشرق الأوسط»)
TT

صرخ شاب دمشقي، كان برفقة رجل كبير في السن، قائلاً: هل من المعقول أن تكون هذه دمشق قبل عشرات السنين؟ هل هذا شارع بغداد؟ وأين هي الحافلات في ساحة المرجة التي تسير على أسلاك الكهرباء حيث لا نشاهد اليوم سوى سيارات الخدمة البيضاء الصغيرة والباصات الكبيرة؟ ضحك الرجل المسن، وهو جد الشاب، من صرخات حفيده، وقال له: نعم هذه دمشق التي أعرفها وعشتها في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي؟!.. وتكرر المشهد مرات ومرات حيث استقطب معرض صور وبطاقات بريدية لدمشق فيما بين 1900 و1945 نظمته أمانة احتفالية دمشق الثقافية في صالة الشعب للفنون الجميلة ومن أرشيف الأكاديمي المعماري السوري الدكتور طلال عقيلي واللبناني بدر الحاج والتي كانا قد حصلا عليها من مزادات ومعارض قديمة. استقطب هذا المعرض مئات الدمشقيين الذين حنّوا إلى دمشق قبل مائة عام الخالية من السيارات ودخانها الكريه، والخالية من الأبنية الضخمة، وذلك من خلال مشاهدتهم دمشق بالأبيض والأسود، وكيف كانت في الماضي وكيف أصبحت في الحاضر، وهي تدفع ضريبة الحضارة الآلية وضريبة الزحف العمراني حيث لم تبق من غوطتها الشهيرة إلاّ مساحات خضراء قليلة خارج المدينة، بينما تخبرنا صور المعرض أن الغطاء الأخضر كان موجوداً في قلب دمشق على ضفة نهر بردى وفروعه السبعة التي جفت جميعها داخل المدينة. ونشاهد في المعرض كيف كان أهالي دمشق يسيرون في مناطق شارع بيروت وشارع بغداد وشارع النصر وساحة الأمويين وطريق الربوة وكل الشوارع الحديثة الحالية التي لم تكن سوى دروب تظللها أشجار الغوطة، كما نتابع في المعرض صور عربات الخيل وهي تنقل الركاب من محطتها الرئيسية قرب ساحة المرجة ونشاهد صوراً للمباني الجديدة التي أنشئت في ذلك الوقت ومنها مبنى محطة الحجاز وفندق أمية وفندق الشرق وفندق سميراميس. نشاهد صور معمل النعسان للآرابيسك وعماله المهرة في صور تذكارية، صور كثيرة ضمها المعرض الذي قال عنه الدكتور طلال عقيلي لـ«الشرق الأوسط»: يساعد المعرض على توثيق دمشق ليس تاريخياً فقط بل وعمرانياً من خلال معرفة المباني المعمارية التي كانت موجودة سابقاً ومقارنتها بالطرز المعمارية الحالية، كما يوثق وسائل النقل التي كانت في دمشق سابقاً مع مقارنتها بما هو موجود حالياً.