معادلة الزواج في السعودية: فحص طبي + دورة تأهيلية

بهدف تقليل نسب الطلاق وضمان صحة الأجيال القادمة

حفل زواج جماعي بالسعودية («الشرق الأوسط»)
TT

ضمن جملة من الأنظمة والقوانين التي سنتها الحكومة السعودية لقضية الزواج، من خلال وضع اشتراطات طبية لضمان سلامة الزوجين مما ينعكس على ميلاد أسرة صحية، تجري في الجانب الآخر، من قبل مؤسسات المجتمع المدني، دورات تدريبية للأزواج من شبان وفتيات لتدريبهم على الحياة الأسرية، وكيفية التعامل فيما بينهم، بهدف التقليل من ظاهرة الطلاق المتفشية داخل المجتمع.

ولا يمر يوم واحد على السعوديين من دون مشاهدة إعلانات عن تلك الدورات في الصحف السعودية، وكذلك عبر الوسائل الإلكترونية من بريد إلكتروني حتى رسائل الهاتف الجوال.

وكانت من ضمن الشروط المحددة للشبان والفتيات الراغبين بالمشاركة في حفل الزواج الجماعي الخيري الذي عقد مؤخرا في العاصمة الرياض، بحضور الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير المنطقة، أن يكون الأزواج الجدد قد اجتازوا دورات ما قبل الزواج، بهدف ضمان الاستقرار الأسري في الأسرة السعودية.

ومن بين العديد من المراكز الاجتماعية، والتي يعمل معظمها من دون عائد ربحي، أعلن أحد المراكز المجتمعية العاملة في مدينة جدة (غرب السعودية) خلال الصيف الجاري، أن أكثر من 11 ألف شاب وفتاة من العازمين على الزواج سجلوا ضمن برامج دوراتهم خلال الموسم الساخن بأفراحه المعتادة سنويا.

وفي الشارع السعودي تتفاوت الآراء حول جدية ومدى الاستفادة من مثل هذه الدورات، ففي حين يرى فهد بن مبارك (21 عاما) أن نصائح والده قبل الزواج كافية لتدبير حياته الأسرية الجديد، يعتقد عبد الرحمن العمري (29 عاما) أن الدورات «مُسكن» وقتي لآلام بداية الزواج.

ويوضح فهد، الذي لا يزال طالبا في المرحلة الجامعية، أن طريقة تعامل والده مع والدته خلال سنوات زواجهم تمثل «المثال الأعلى» بالنسبة له في مواجهة أي صعوبات في الزواج، ويضيف «أعتقد أن العامل الرئيس في تنظيم الحياة الأسرية يعود للرجل، وكذلك كلما كان عمر الزوجة صغيرا، يستطيع الرجل تكيفها على الحياة التي يرغب في تكوينها».

ويعترض العمري، وهو أحد المشاركين في دورة تدريبية، على نظرية «الزواج المبكر»، ومدى إسهامها في طول مدة الحياة الزوجية، قائلا «من أهم أسباب ازدياد ظاهرة الطلاق يعود إلى الزواج المبكر المعتمد لدينا في المملكة من قبل العائلات، حيث أن الزوجين بعد وصولهما إلى مرحلة النضج العمري تبدأ الخلافات».

ويقول العمري، الذي يعمل معلما للمرحلة المتوسطة، إنه أقبل على التسجيل في هذه الدورات «نحن في السعودية لا نعرف عالم الفتيات بسبب العادات الاجتماعية التي تمنع هذا الأمر، وكذلك فترة الخطوبة لدينا تكون قصيرة، وتحكمها ظروف عدم الاحتكاك بين الزوجين، ومن هذا المنطلق وجد في الدورات فرصة لمعرفة التصرف مع زوجة المستقبل القادمة من عالم غريب بالنسبة لي، كما أن عالمي غريب بالنسبة لها».

توجه العمري يتضح أنه توجه العديد من الشبان السعوديين قبل الزواج، كما هو واضح من ازدياد أرقام المراكز المختصة في تدريس مناهج في التقريب الأسري، والملاحظ أنه مقابل وجود هذه المراكز غير الربحية، هناك مراكز ربحية بدأت في التكاثر بصورة تدل على مدى خصوبة أرض الاستثمار في هذا المجال.

ويوضح زهير بن عبد الرحمن الأمين العام لمركز المودة الاجتماعية للإصلاح والتوجيه الأسري، أحد المراكز العاملة في تقديم دورات ما قبل الزواج منذ خمس سنوات، أن المركز يسعى لتحقيق الاستقرار الأسري والاجتماعي والحيلولة دون تمزق الأواصر ووقوع الطلاق في المجتمع من خلال تأهيل المقبلين على الزواج لتحقيق حياة سعيدة، مبينا أن المحاضرين والمحاضرات في هذه الدورات هم نخبة من الشخصيات الأكاديمية المؤهلة في تقديم الدورات.

وحول مواضيع هذه الدورات، قال زهير «الدورات التي يشارك فيها العرسان تتناول الحياة الزوجية والعلاقات الأسرية وطرق حل المشاكل الزوجية، إلى جانب تسليط الضوء على آليات فهم نفسية الطرف الآخر، ويتم تحقيق هذه الأمور عبر التعرض للنواحي الشرعية والنفسية والاجتماعية والتربوية والصحية».

ويؤكد الأمين العام للمركز أن إيجابيات الدورات على الحياة الزوجية كبيرة وواضحة من خلال نماذج شاركت في الدورات السابقة، ويضيف «أهمية الدورات، التي يجب سن قانون حكومي يخضع كافة المتزوجين لها، كون أغلب المتزوجين حالياً من الشباب لذلك فهم يحتاجون إلى تأهيل في مبادئ الحياة الأسرية، إضافة إلى تدريبهم على أساليب حل المشاكل».

يذكر أنه في الآونة الأخيرة بدأت العديد من مؤسسات القطاع الخاص في دعم المراكز المقدمة لمثل هذه الدورات انطلاقا من مفهوم «المسؤولية الاجتماعية»، وكذلك مجموعة من الجهات الحكومية مثل المحاكم الشرعية والدوائر الأمنية بهدف تقليل نسب الطلاق.