«شهر العسل».. مصطلح غير مألوف في غزة

الحصار المفروض منذ أكثر من عام قلص قدرة الفلسطينيين على المغادرة

الشباب الذين يرغبون في الزواج أصبحوا غير قادرين على تأمين المستلزمات الأساسية للزواج بسبب الحصار («الشرق الاوسط»)
TT

لم يكد يمضي اسبوع على زفاف محمد شحدة، 26 عاماً، حتى عاد لممارسة عمله كحارس ليلي في أحد مخازن الرخام في منطقة «بركة الوز»، غرب مخيم المغازي، وسط قطاع غزة. «شهر العسل» مصطلح لا يبدو مألوفاً لمحمد، مثله مثل سائر الشباب الفلسطيني في قطاع غزة. وقال محمد لـ«الشرق الاوسط»: «شهر العسل؟ هل هناك احد في غزة يعرف شهر العسل، أنا على سبيل المثال اتقاضى 400 شيكل في الشهر (110 دولارات)، فهل من يتقاضى مثل هذا المبلغ يفكر في مثل هذه الأمور». واستدرك قائلاً «لو افترضنا أني اتقاضى مبلغ 100 الف دولار، فهل بإمكاني مغادرة قطاع غزة في ظل الحصار الخانق، أم تتوقع مني ان اتوجه مع عروسي الى بحر غزة الذي لا يمكن ان تفرق فيه بين الماء والمجاري». وأضاف وهو يقوم بإغلاق بوابة المخزن على نفسه ومازالت رائحة العطر تفوح من قميصه «الناس هنا قلصت مستوى آمالها وتوقعاتها لدرجة تجعلهم يرون الأمور الطبيعية في كل مكان في العالم غير طبيعية بالنسبة لهم، أو مجرد كماليات يتوجب عدم التفكيـــر فيها». الحصار الخــانق المفروض على قطاع غزة منذ اكثر من عام قلص قدرة الفلسطينيين على مغادرة قطاع غزة، وضمن اولئك العرسان الموسرين الذين تسمح ظروفهم الاقتصادية بقضاء شهر العسل في المنتجعات المنتشرة في دول الجوار. قبل فرض الحصار كانت نســبة قليلــة من الأزواج القادرين يتوجهون الى تركيا والمغرب وســوريا لقضاء شهر العسل.

الشباب الذين يرغبون في الزواج أصبحوا غير قادرين على تأمين المسلتزمات الأساسية للزواج بسبب الحصار الذي أدى الى تدهور الأوضاع الاقتصادية، وهو ما أوجد ظاهرة الأعراس الجماعية التي تعتبر احد الردود الفلسطينية على الحصار والفقر، وغلاء المهور. أحمد عليان، مدير الجمعية الإسلامية في خانيونس (جنوب القطاع) أشرف الخميس الماضي على تنظيم عرس جماعي شارك فيه 120 عريسا. وقال عليان لـ«الشرق الاوسط» إن تنظيم الأعراس الجماعية يأتي للتسهيل على الشباب وتشجيعهم على الزواج، حيث أن العرسان الذين يشاركون في هذه الأعراس يوفرون على انفسهم دفع أموال لإقامة حفل واستئجار صالة أفراح وإعداد وليمة الفرح واستئجار سيارات لنقل المدعوين، بالإضافة الى حصول كل واحد منهم على هدية قيمة. وأشار الى أن ظاهرة الأعراس الجماعية تعكس التكافل الاجتماعي بين ابناء المجتمع الفلسطيني. واشار الى أن الكثير من الموسرين الذين حضروا احتفالات الأعراس الجماعية تبرعوا بمبالغ «محترمة» للعرسان. واكد أنه عندما تم الاعلان عن تنظيم حفل العرس الجماعي فإن عدد الشباب الذين تقدموا بلغ 320 عريسا، لكن بسبب قلة الموارد الاقتصادية فإنه لم يتم قبول إلا 120 عريسا فقط من اكثر الفئات فقراً. ونوه الى ان ظاهرة تنظيم الأعراس الجماعية عرفها قطاع غزة منذ العام 1997، حيث كان الإقبال على هذه الأعراس ضئيلاً ثم ما لبث أن تعاظم بشكل لافت.