«فتيات الشرطة» لحماية السياح في بحمدون اللبنانية

الماء والخضراء والوجه الحسن

أصبح لمصيف بحمدون حارساته المسؤولات عن الامن وتنظيم السير والخدمات («الشرق الأوسط»)
TT

«أوقفن الدراجة النارية وخذن أوراق من يركبها»، يقول رئيس بلدية بحمدون المحطة في قضاء عاليه من جبل لبنان لفتيات الأمن المنتشرات في شوارع البلدة. تتفاجأ حين تسمع أمرا كهذا وتسترق النظر الى ميدان العمليات لتشاهد دورية سريعة من الفتيات الجميلات بلباس شبه عسكري. تنتبه الى دراجة نارية يزعج هديرها رواد المقاهي، فتحسب انك تشاهد فيلم «ملائكة شارلي» حيث تنجح النساء في ما يعجز عنه الرجال.

بحمدون... منطقة الماء والخضراء والوجه الحسن، جندت فتياتها لخدمة السياح وحمايتهم من اي ازعاج او اعتداء او حتى تحرش. فلم تعد صورة الحارسات الشخصيات للزعيم الليبي العقيد معمر القذافي وحدها المتفردة بالمشهد الاعلامي العربي، بل اصبح للمصطاف في هذه البلدة الجبلية الجميلة حارساته الساهرات على الامن وتنظيم السير والخدمات. بل اكثر من ذلك، صار محاطا بجهاز سري من الحارسات اللواتي يتغلغلن بلباس مدني بين الحشود للوقاية الاستخباراتية ضد كل ما يمكن ان يعكر صفو الاقامة. فقد تعود سياح بحمدون منذ سنوات على حضور نسائي في شوارع المنطقة، ما أعطى الخليجيات خصوصا راحة نفسية كانت السبب المباشر لاطمئنان العائلات على تحركات ذويهم وسهرهم في مقاهي البلدة واسواقها. «ملائكة شارلي» ثلاث فئات... لكل واحدة واجباتها وخصوصيتها، فتنظيم السير ومساعدة الأطفال في قطع الطريق في عهدة جهاز «شرطة السير»، وأمن السياح في عهدة جهاز «الشرطة السياحية»، أما الحفاظ على أموال وممتلكات وراحة المصطافين فهو في عهدة شكل من أشكال الاستخبارات معروف بـ«الجهاز المدني». رئيس البلدية أسطة أبو رجيلي قال لـ«الشرق الأوسط» ان المسؤولين في بحمدون يتفهمون عادات الاسر المصطافة وتقاليدها، «لذلك أوجدنا فريقا نسائيا يهتم بأمور السياح». وشدد على «الطابع العائلي الذي تعيشه المنطقة، والذي فرض علينا اجراءات كهذه للسهر على راحة المصطافين وضمان عطلة هادئة وصحية لهم، فشرطة السياحة تهتم بالسائحين وعلاقتهم بالمقاهي والمطاعم، وتتأكد من نظافة مختلف الأماكن، أما شرطة السير فتهتم بتنظيم حركة السيارات وتساعد الأولاد على قطع الطريق فيما تتولى الشرطة المدنية، وهو الجهاز الأكبر، مهمة التأكد من أن احدا لا يضايق النساء اضافة الى مراقبة التجاوزات مثل التحرش او الاعتداءات او أعمال النشل اذا ما وجدت. وهذا الجهاز يتنقل بين المصطافين بلباس مدني». ويضيف أبو رجيلي: «جميع الفتيات اللواتي يعملن في هذا النطاق طالبات جامعيات كما أنهن متدربات على التعامل مع مختلف القضايا والتصرف بأسلوب مناسب مع كافة المشاكل».

مغامرة السنوات الخمس التي عاشتها الشقيقتان لارا وليال غاوي علمتهما كيفية التعامل مع الناس وأكسبتهما خبرة قد تفيدهما في عملهما في المستقبل. فلارا التي تدرس علوم الأطفال وليال العلوم المصرفية غير نادمتين على ما تفعلان. تقول احداهما: «وجدنا أن عملا كهذا هو تحد للرجال ونستطيع القيام به، فقررنا خوض المغامرة منذ خمس سنوات». وتضيف: «وجدنا بعض الصعوبات في البداية في التعامل مع المصطافين الرجال خصوصا، فالفكرة جديدة، اما النساء فقد احببن ما نقوم به ووجدن ان في استطاعتهن التعامل معنا براحة».

واجهت لارا وليال بعض المشاكل مع العائلة. «لكن سرعان ما تعود اهلنا على عملنا الجديد بل صاروا اكبر مشجع لنا. عملنا يقوم بشكل خاص على التعامل مع النساء والأولاد فنكون دليلا لهم ونستقبل شكاواهم ونعمل على حل اي قضية تعترضهم في حال صادفتهم مشاكل مع المقاهي أو المطاعم، كما أن وزارة السياحة وضعت مكتبا في تصرفنا».

ومن عراقة لارا وليال في التجربة الى حداثة جويل دعيبس وديزي متى. هما تشاركان في هذا الفريق للسنة الأولى. تقولان: «احببنا الفكرة عندما عرضت علينا وقررنا الغوص فيها بعد أن سمعنا عن مغامرات من سبقونا. والمضحك في الموضوع أن المصطافين يطلقون علينا عدة ألقاب ككشافة وظباط أما الآن فأصبح اللقب الشرطيات مع تحية». ويضيفان «ان هذا العمل يتطلب مسؤولية كبيرة واسلوب تصرف معين ولكن المسؤولية لا تندرج في اطار المعاناة فهي غير موجودة الا في بعض الأحيان وأغلبها تكون مع المتسولين».

المصطافون اشادوا بالفكرة التي صنفوها بأنها خطوة حضارية. كما أنهم تعودوا على الفتيات وأصبحوا يسألون عنهن اذا غبن يوما عن شوارع البلدة. حتى ان البعض منهم أصبح يرى أن الفتيات أفضل من الرجال في مثل هكذا موقع كما قال احد المصطافين أبو حسام ممازحا.