الخزف الصيني الزائف يهدد تجارة الأعمال الفنية الصينية

دقة الصنع تجعل من الصعب على المشترين أن يروا الفرق بين الاثنين

تمثل القدرات الكبيرة للمقلدين أخيرا خطرا كبيرا على الأعمال الفنية الإمبراطورية الصينية، التي يباع منها الملايين في الوقت الحالي في أماكن عقد المزادات في مختلف أنحاء العالم (رويترز)
TT

عندما يتنافس المزايدون في دور المزادات العالمية على دفع آلاف الدولارات على قطع من الخزف الصيني عادة يكون الامضاء في أسفل الإناء هي شهادة المصدر وضمان الأصالة أو على الأقل هكذا يتوقع المشتري. ولكن بزيارة عاصمة الخزف الصيني جينج زين تتضح حقيقة جديدة قد تكون مزعجة للكثيرين من الذين أنفقوا مبالغ طائلة على شراء قطع صينية من مزادات عالمية.

ففي تل في الجهة الشرقية من جينغ زينغ توجد مجموعة من الخزّافين الذين يعملون في مكان سري، في تشكيل آنية زائفة تشبه آنية تعود إلى فترة حكم أسرة تشينغ ومينغ باستخدام الصلصال الصيني المعرف باسم «الكاولين». وبعرض تلك القطعة على رئيسهم قال «أعطى هذه السلطانية 85 في المائة»، واضعا القطعة المقلدة بجوار السلطانية الأصلية التي تعود إلى أسرة تشينغ.

وقال رئيس الخزافين أثناء لقاء مع وكالة رويترز: «يصعب على المشترين أن يروا الفرق بين الاثنين». ومرر أصبعه على سطح السلطانية الأملس والعلامة الزرقاء التي تميز فترة حكم الإمبراطور يونغزنغ. وقال إنها أفضل نسخة من مجموعة جديدة يمكن أن تباع مقابل ما يزيد على 100.000 دولار. وهذا التاجر الثري من جينج زين هو حلقة الوصل في سلسلة عالمية من التجار البارزين والمقلدين وهواة جمع الآنية في تجارة الخزف الصيني الزائف والتي تقدر بملايين الدولارات خلال السنوات الأخيرة. ويقول أنطوني لين، الرئيس السابق لـ«كريستيز» في آسيا لرويترز: «وجدت الكثير من الأعمال الزائفة طريقها إلى المزادات في أماكن كثيرة».

ومنذ فترة حكم أسرة يوان (1297- 1368)، كانت تصنع بعض أفضل الآنية الخزفية الصينية في أفران إمبراطورية في جينج زين بجنوب الصين، ومنها آنية سيلادون نصف الشفافة أحادية اللون، وتعود تلك الآنية النادرة إلى الفترة التي عاش فيها الإمبراطور تشينجو. وخلال فترة حكم أسرة «تشينغ» (1644-1911)، قام بعض الخزافين بتقليد بعض الأعمال الرائعة التي تعود لفترة حكم أسرة «مينغ». وعلى الرغم من أن الخزف الصيني المقلد ليس هو بالشيء الجديد، فإن تلك التجارة قد ازدهرت عالميا في ظل التقدم الذي تشهده الصين.

وقد تمكن الخزافون، يدعمهم في بعض الأحيان تجار أجانب ومعهم شبكات توزيع، من نشر الآنية الزائفة في الدول الأخرى وفي أماكن عقد المزادات. ويقول لين: «في فرنسا هناك الكثير من الآنية الزائفة، لأن فرنسا فيها عدد كبير من المقتنيات الخاصة».

وتمثل القدرات الكبيرة للمقلدين أخيرا خطرا كبيرا على الأعمال الفنية الإمبراطورية الصينية، التي يباع منها الملايين في الوقت الحالي في أماكن عقد المزادات في مختلف أنحاء العالم. ويقول كياين لو، وهو من مقتني الأعمال الفنية الصينية في هونغ كونغ: «تسبب ذلك في أضرار بالصناعة بصورة عامة، لأن الناس لم تعد لديهم ثقة». وتبلغ الأعمال الفنية الصينية أسعارا خيالية، حيث كانت سلطانية تعود لفترة حكم أسرة تشينغ تباع مقابل نحو 19 مليون دولار في عام 2006، وبذلك كانت أكثر الأعمال الفنية الآسيوية تكلفة يقام عليها مزاد. ويقول جيمس لالي، وهو من أبرز التجار داخل الولايات المتحدة في الأعمال الفنية الصينية: «بالتأكيد، تدفع الزيادة السريعة في الأسعار والإقبال الكبير على السوق المقلدين إلى إبراز أفضل ما لديهم». ومما يزيد من الأمر أنه من الصعب التحقق من أن تلك الآنية حقيقية، وخاصة بعدما تمكن المقلدون من ابتكار وسائل تخدع أجهزة الفحص.

وقد دفع خوف المقتنين من أن يتم خداعهم بآنية زائفة إلى الاستعداد لدفع المزيد لشراء آنية أصلية ومعها تاريخ بيعها أو الشراء من امكان عقد المزادات البارزة مثل «سوثيبيز» و«كريستيز»، اللتين تعطيان ضمانا لمدة خمسة أعوام.

وفي بعض الأحيان يكون مع المقلدين قصص مختلقة لتاريخ الآنية الزائفة، ويكون معها في الأغلب ملصق لمتاحف قديمة زائفة وينجحون بالفعل في خداع بعض الأماكن الكبيرة. وأخيرا سحب أحد أماكن عقد المزادات قطعة خزفية صينية مرتفعة الثمن كان يتم عرضها في مدينة نيويورك. كان قد تم طبع دليل به تفاصيل تلك الآنية التي من المفترض أنها تعود إلى فترة حكم أسرة تشينغ. وتنتشر في الوقت الحالي أماكن عقد المزادات في الصين في ظل تدافع المتقنين الصينيين على اقتناء تلك الآنية، ولكن هناك خطر الآنية الزائفة على ضوء إجراءات الفحص الضعيفة.