مع ارتفاع أسعار الوقود.. الشركات الكبرى تتجه للابتكار

بوسائل منها تقليل أيام الدوام والعمل من المنزل

TT

في ولاية واشنطن، أجرت شركة مايكروسوفت ثلاثة مجمعات مكتبية على بعد أميال من مقر الشركة في الشهور الأخيرة لتقلل من الرحلات الطويلة اليومية التي يقطعها 7 آلاف موظف.

في سان فرانسيسكو، تشجع شركة سيتيغيت كنينغهام المتخصصة في العلاقات العامة موظفيها على العمل في المنزل قدر الإمكان، مع توفير أجهزة كومبيوتر محمولة و«بلاكبيري» للاتصال عن بعد، وتدفع لهم 40 دولارا شهريا في مقابل توصيل الإنترنت فائق السرعة إلى منازلهم.

وفي شركة تصنيع معدات الإضاءة ريجوفيناشن، ببورتلاند في أوريغون، يتغيب الموظفون تماماً عن العمل في أحد أيام الأسبوع. وجعلت الشركة أسبوع العمل مكوناً من أربعة أيام فقط. وبلغ عدد ساعات العمل في كل يوم 10 ساعات. كما تمنح رئيسة الشركة أليسا روز دراجة مجانية لأحد الموظفين كل شهر.

وفي جميع أنحاء البلاد، يحصل الموظفون على بطاقات بنزين مجانية، واشتراكات حافلات مدعمة، والمزيد من الرواتب، وفرصة بإمكانية تحمل الشركة جميع تكاليف الوقود. لقد أصبح البنزين أحد مطالب العمل الحديثة، حيث يحاول أصحاب الشركات مساعدة موظفيهم على تقليل استخدامه وتخفيض نفقاته. في الوقت الذي كان فيه سعر غالون البنزين دولارا واحدا، كان الاتصال بالعمل من المنزل عن طريق الإنترنت، وأسابيع العمل القصيرة وسائل لتوفير الوقت ولمساعدة الموظفين على تحقيق التوازن في حياتهم. والآن أصبحت هذه وسائل لتوفير المال.

تقول لورين ميليغن، التي تقدم المساعدة للباحثين عن وظائف من أجل تحسين عرض سيرتهم الذاتية في ResuMayDay، وهي شركة تقدم خدمات إدارية في وارين فيل في إيللينوي: «تلقينا 14 اتصالا الأسبوع الماضي، أخبرنا تسعة منهم أن ارتفاع أسعار البنزين هو السبب». وأضافت: «يجب أن يبدأ أصحاب الشركات في الانتباه».

وصل بعض أصحاب الشركات إلى نفس النتيجة. «يجب أن نظل قادرين على المنافسة والتطور»، هذا ما قاله ديفيد لويس رئيس شركة OperationsInc.، وهي متخصصة في استشارات الموارد البشرية في ستامفورد، حيث يحصل الموظفون منذ شهر يونيو (حزيران) ما يصل إلى 100 دولار في الشهر على بطاقة الائتمان لتعويض زيادة أسعار البنزين. «ندفع 100 دولار زيادة في الشهر من أجل البنزين، لحل مشكلة حقيقة قد تتسبب في تحول كبير». وأضاف أنه حتى مع زيادة البطالة، من الأفضل اقتصادياً أن يحتفظ بالموظفين بدلا من تعيين أشخاص جدد وتدريبهم.

ويرى ريتشارد هولتز، رئيس شركة InfiniSys، وهي متخصصة في تصميم الأنظمة التكنولوجية من أجل المباني، ولديها مكاتب في دايتونا بيتش في فلوريدا، أن تقليل أثر ارتفاع أسعار البنزين أصبح من تكاليف العمل التجاري. ومن أجل البقاء في المنافسة، قرر أن عليه أن يساعد موظفيه، الذين كانوا ينفقون حوالي 15 في المائة من مرتباتهم على انتقالاتهم اليومية من وإلى العمل. فجعل أسبوع العمل أربعة أيام فقط، ومنح الجميع زيادة بسيطة (25 سنتا في الساعة)، وبدأ في دفع تكاليف الإنترنت المنزلي من أجل الاتصال بالعمل من المنزل عن طريق الإنترنت. ويبدو أن أسبوع العمل القصير سينتشر بين الشركات، على الأقل على سبيل التجربة. وتحول جميع موظفي مدينة برمنغهام البالغ عددهم 4 آلاف إلى هذا النظام بدءا من الأول من يوليو (تموز). واعلنت يوتا تحولا مماثلا في أوائل يوليو (تموز). كما تعدل مقاطعة سوفولك في نيويورك ومقاطعة أوكلاند في ميشغان مواعيد العمل. في معظم المكاتب، تتداخل مواعيد العمل، حيث يسير العمل من يوم الاثنين حتى الجمعة، ولكن الموظف يذهب إلى العمل لمدة أربعة أيام فقط. يفضل البعض هذه المواعيد، لأنهم يأخذون إجازتهم في يوم مختلف كل أسبوع. بينما يكرهه آخرون لصعوبة التنسيق مع رعاية الأطفال. وليست مفاجأة أن الجميع تقريبا يتفقون على أن هذا يوفر 20 في المائة من تكاليف الانتقالات.

أعلنت جمعية الوطنية للمجالس المدرسية أن 100 مدرسة في 16 ولاية غيرت مواعيدها إلى أربعة أيام في الأسبوع (مع طول اليوم الدراسي)، من أجل توفير تكاليف المواصلات والتدفئة والتبريد. فهل من الممكن أن يصبح من المعتاد أن تكون عطلة نهاية الأسبوع للآباء والأبناء ثلاثة أيام في المستقبل؟ تتخذ الشركات التي ليست مستعدة تماما لمثل هذا التغيير الكبير خطوات معتدلة لتوفير البنزين: التأكيد على الاتصال بالعمل من المنزل عن طريق الإنترنت، على سبيل المثال. في شركة Sabre Holdings في ساوثلايك في تكساس، وفر القرار بتشجيع الموظفين على العمل من المنزل بدءا من يونيو (حزيران) الماضي تكاليف الانتقالات، بل ومنع الروتين اليومي من الاندفاع للجلوس على المكاتب.

في العام الماضي، قللت Sabre، التي تمتلك شركات سياحة من بينها Travelovity.com، مبانيها المكتبية من ثلاثة إلى اثنين، من أجل توفير نفقات التبريد والتدفئة.

يوفر الاتصال بالعمل من المنزل عن طريق الإنترنت على الموظفين الأموال التي كانوا يدفعونها على ملابس العمل، والغذاء في الخارج، كما قالت جانيل أوهوتري المتحدثة باسم الشركة. ويستفيد أيضا الموظفون الذين كانوا بالفعل يعملون من المنزل. كان ستيف بيري، الذي يعمل في الترخيص في شركةSelectQuote لخدمات الائتمان في سان فرانسيسكو، يعمل في المنزل يوما واحدا في الأسبوع على مدار الأعوام القليلة الماضية. ومنذ عدة أشهر، أضاف يوما آخر للعمل في المنزل.

وبدأ في الشهر الماضي فقط يجهز مكتبا كاملا في منزله، حيث يخطط لأن يعمل أربعة أيام في الأسبوع، ويذهب إلى مكتبه في الشركة مرة واحدة فقط. وبهذا سيقلل من نفقات انتقاله اليومية الذي يستغرق ثلاث ساعات من نابا، وذلك لتصل إلى 25 دولارا بعد أن كانت 100 دولار في الأسبوع.

وتساعد الشركات التي تفضل حضور الموظفين يومياً في دفع نفقات انتقالهم إلى العمل. يعمل لدى شركة Bayless للهندسة والتصنيع في وادي سانتا كلاريتا في كاليفورنيا، حوالي عشرات الموظفين الذين يعيشون على بعد 10 أميال في وادي أنتيلوب. هذا العام استعانت الشركة بسيارة كبيرة تنقل الموظفين ذهابا وإيابا.

تقدم جامعة ريتشموند في فيرجينيا إيصالات مجانية لركوب الحافلات. قبل أن يبدأ هذا البرنامج في الصيف، كان 35 من بين 1300 موظف في الجامعة يذهب ويجيء بالحافلة، ولكن الآن أصبح العدد 150. منحت شركة Averett Warmus Durkee للمحاسبة، في أولاندو بفلوريدا، كل موظف 1000 دولار زيادة في المرتب للتغلب على ارتفاع أسعار البنزين. وغيرت سلسلة محلات Hot Box Pizza في إنديانا بوليس من طرق توصيل الطلبات للمنازل. حتى الشهر الماضي، كان على سائقي هذه المحلات استخدام سياراتهم الخاصة. ولكن لاحظ غابي كونيل، المالك، أن الجدال يشتعل بين السائقين حول من حان دوره للذهاب إلى المسافات البعيدة. وقال: «قبل أن ترتفع أسعار البنزين، كانوا يهرعون مع أي طلب، لذلك إنه مؤشر سيئ أنهم لا يريدون الذهاب الآن. إن البيتزا دائما ما ترتبط بتوصيل الطلبات للمنازل، وأنا لا أريد أن أفقد السائقين». لذلك هو في طريقه إلى شراء خمس سيارات ذكية (وهي صغيرة جدا) يمكنها تقطع 40 ميلا للغالون. وتعمل السيارات كإعلانات للمطعم، لأنها ستحمل شعاره.

* خدمة «نيويورك تايمز»