المخرج الإيراني كياروستامي يفاجئ جمهور «البندقية» بتحفة فنية

المخرج الإيراني عباس كياروستامي: رؤية فنية متميزة في عالم الإخراج السينمائي على المستوى العالمي (أ.ب)
TT

قدم المخرج الإيراني الكبير عباس كياروستامي في فيلمه «شيرين» الذي عرض خارج المسابقة ضمن فعاليات الدورة الـ65 من مهرجان البندقية، حالة سينمائية استثنائية استقيت قصتها من حكاية خسرو ملك الساسانيين الذي عشق شيرين الآرامية العراقية الأصل.

وحسب وكالة فرانس بريس (أ.ف.ب)، استند كياروستامي على قصة «شيرين» ليقتبس عملا مسرحيا ثم ليصور 114 امرأة ممثلة جئن لمشاهدة العرض في قاعة المسرح. وقصة «شيرين» حقيقية، قام الشاعر نظامي غنجوي بنظمها في القرن الثاني عشر، في قصيدة مكونة من ستة آلاف وخمسمائة بيت. ووفاء لحبها، تفضل شيرين طعن نفسها بخنجر والموت إلى جانب حبيبها لتدفن معه بعد ان قتله ابنه من أم رومية لينتهي معه حكم ملوك الساسانيين الكبار ويتعاقب الملوك الضعاف على الحكم.

فيلم «شيرين» اعتبره كثيرون من النقاد تحفة فنية لاهتمامه وبحثه عن شكل سينمائي، يختبر باستمرار مادة السينما نفسها وما يمكن ان تحمله للمشاهد من مفاهيم تتعلق بالشكل، وبما هو داخل حقل الصورة وخارجه. وتنبع إحدى قيم شريط «شيرين» من كون مخرجه يبدو كأنه طالب سينمائي يبحث باستمرار عن أسلوب سينمائي وشكل جديدين يقدم من خلال موضوعه، رافضا الأشكال الجاهزة التي توفرها السينما الكلاسيكية للمخرجين.

الكاميرا في «شيرين» حاضرة في قاعة المسرح فقط ولا تهتم إلا صوتا بما يجري على الخشبة، حيث تلتقط الوجوه الصامتة، تدور الحكاية في مكان آخر، أما الحركة فهي قائمة خارج الكاميرا والإطار لا يحوي غير الثبات.

كياروستامي في «شيرين» يقلب الآية ويخترق قانونين للسينما، فالسينما قائمة أساسا على الحركة والصورة هنا جامدة وهي قائمة على الحدث الذي يدور هنا خارج الاطار. وتنبع قيمة الشريط ايضا من قدرته على ربط حكاية شيرين التي ظهرت مصورة في العديد من الرسوم التي زينت الكثير من الاطباق والاواني الفارسية براهن المرأة الايرانية اليوم.

وعلى مُشاهد فيلم «شيرين» الذي يستغرق 90 دقيقة أن ينظر إلى وجوه النساء وهن يشاهدن ويتفاعلن ويتعقبن لحظات الحكاية وليس له أن يطمح بغير ذلك من معلم السينما الإيراني الذي طالما عالج في أفلام شؤون المرأة. وفي الفيلم تظهر النجمة الفرنسية جوليت بينوش التي ينوي المخرج كياروستامي أن تصوير فيلم معها العام المقبل كوجه من وجوه تلك الممثلات.

ويقدم كياروستامي صورة قد يألفها المشاهد وقد يرفضها لكنها تظل حرفية أنتجتها يد معلم سبق له حيازة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي عام 1997 عن فيلمه «طعم الكرز».

وتظل سينما عباس كياروستامي ابن الثامنة والستين حيوية، وتتضمن حكمة العمر وشغف المبتدئين. وقادرة على تحدي اللغة السينمائية من خلال عدد من الخيوط التي تتعارض ظاهريا مع السينما.

وقبيل عرض «شيرين» في البندقية، منح المخرج الإيراني جائزة «مجد المخرج» للدورة الخامسة والستين من مهرجان البندقية، وهي تمنح لكبار معلمي الفن السابع. وتسلم كياروستامي الجائزة من يد البرتغالي مانويل دي أوليفيرا بحضور ماركو مولر المدير الفني للمهرجان. وتمنح هذه الجائزة للمرة الثانية، وكانت قدمت العام الماضي للمخرج والمعلم الياباني تاكيشي كيتانو واسمها مأخوذ من أحد افلامه.