«هوليوود» تتخذ مسارا سياسيا

أفلام أميركية جديدة تستفيد من الحملات الانتخابية لجذب الجمهور

TT

تتنوع الآراء السياسية داخل الولايات المتحدة، فهناك من يرون أن الرئيس يعتبر نفسه فوق القانون، ويتهم آخرون الحكومة بأنها لا تأبه لجنودها، بينما يعتقد فريق آخر أن أصحاب التوجهات الليبرالية ليس لديهم أدنى فكرة حول السر وراء عظمة الولايات المتحدة. وفي الوقت الذي يتوقع المرء أن يستمع إلى مثل هذه الآراء في خضم الموسم الانتخابي، نجد أن المفاجأة الكبرى هي أنها لا تصدر من قبل مرشح رئاسي أو حملة انتخابية لسياسي يبغي الحصول على مقعد في الكونغرس، وإنما من جانب العديد من الأفلام ذات الطابع السياسي التي من المنتظر ظهورها بدور العرض خلال الأسابيع القادمة. ويراهن القائمون على هذه الأفلام ـ التي تتضمن تنديداً بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وأساليب التحقيق التي تنتهجها ـ على أن الموسم الانتخابي الذي تشهده البلاد حالياً سيجعل رواد دور العرض أكثر إقبالاً على مثل هذه النوعية من الأفلام. من ناحيته، قال أوليفر ستون، الذي تولى إخراج فيلم يسرد سيرة ذاتية خيالية لرئيس تحت عنوان دبليو من المقرر طرحه في دور العرض في 17 أكتوبر (تشرين الأول) «لقد ورد بالكاد ذكر جورج دبليو. بوش خلال المؤتمر الوطني الجمهوري، وهو أمر مذهل».

ومن الواضح أن بعض صناع الأفلام يراودهم الأمل في أن تسهم أفلامهم في توجيه النقاشات العامة على مستوى البلاد وتغييرها ـ بل وربما الاضطلاع بدور رائد على الصعيد الثقافي. بيد أنه بالنظر إلى تاريخ إيرادات الأفلام ومستوى الإقبال الجماهيري عليها، نجد أن مثل هذه الأفلام ربما لا تلقى سوى إقبال جماهيري محدود، حيث يبد أن الغالبية من رواد دور العرض في الوقت الحاضر يفضلون تجاهل همومهم والهروب من مشكلاتهم الحياتية أكثر من المشاركة في نقاش فكري، خاصة إذا ما كان يرتبط بأحداث جارية. جدير بالذكر أن الأفلام التي صدرت مؤخراً حول الحرب والشرق الأوسط ـ ومن بينها التسليم وأوقفوا الخسائر وفي وادي إيلا والفيلم الوثائقي الحائز جائزة أوسكار تاكسي إلى الجانب المظلم ـ فشلت في اجتذاب جماهير عريضة. إلا أنه بدلاً من محاولة الحد من التركيز على الصبغة السياسية لأفلامهم، عمد العديد من صناع هذه الأفلام إلى استغلال المؤتمرات الحزبية التي انفضت للتو من أجل تعزيز الاهتمام بأفلامهم. في هذا الإطار، قام ديفيد زكر، الذي تولى إخراج وشارك بكتابة ترنيمة أميركية، بعرض فيلمه على ما يزيد على 2000 ضيف خلال انعقاد المؤتمر الوطني الجمهوري. أما ستيوارت تاونسند، مؤلف ومخرج معركة سياتل الذي يتناول التظاهرات التي اندلعت عام 1999 ضد منظمة التجارة العالمية، فقد عرض فيلمه أمام المؤتمرين. يذكر أنه من المقرر طرح فيلمي معركة سياتل وترنيمة أميركية في دور العرض في 26 سبتمبر (أيلول) و3 أكتوبر (تشرين الأول). من جهته، أوضح تاونسند «أسعى لأن يربط الأفراد عند مشاهدتهم الفيلم بينه وبين الشخصيات والأحداث التي يودون في معرفة المزيد بشأنها». يذكر أنه علاوة على دبليو ومعركة سياتل وترنيمة أميركية، تتضمن الأفلام الجديدة التي تتناول الحكومة والسياسات العامة والمواطنة والمعتقدات الشخصية: كومة أكاذيب: يضطلع ببطولة الفيلم كل من راسل كرو الذي يقوم بدور مسؤول بيروقراطي بوكالة الاستخبارات المركزية، وليوناردو دي كابريو ويقوم بدور عميل للوكالة يؤمن بالمثالية والقيم، والفيلم من إخراج ريدلي سكوت ومن المقرر طرحه بدور العرض في 10 أكتوبر (تشرين الأول). المحظوظون: قام بكتابة الفيلم وإخراجه نيل بيرغر، ومن المنتظر ظهوره بدور العرض في 26 سبتمبر (أيلول). ويتناول الفيلم قصة ثلاثة جنود أميركيين شاركوا في حرب العراق بعد عودتهم إلى الولايات المتحدة التي تبدو لا مبالية بتضحياتهم الشخصية والمادية في سبيلها. «ريليجيلوس»: يقوم بالبطولة الممثل الكوميدي بيل ماهر، أما الإخراج فقام به لاري تشارلز. من المقرر طرح الفيلم في دور العرض في 3 أكتوبر (تشرين الأول) ويستعرض آراء بعض الشخصيات، بينها السيناتور الديمقراطي مارك بريور، حول الدين والإيمان. ويعمد ماهر إلى التقليل من تقريباً جميع الآراء التي ظهرت بالفيلم. «ثورة المتهربين»: عبارة عن فيلم وثائقي جديد من إخراج مايكل مور، وسوف يتاح مجاناً على شبكة الانترنت بدءا من 23 سبتمبر (أيلول). ويتتبع الفيلم جهود مور لتسجيل الناخبين الشباب الذين تغلب عليهم مشاعر اللامبالاة وعدم الاكتراث في عام 2004.

«فروست/ نيكسون»: يقدم المخرج رون هوارد في هذا الفيلم رؤية جديدة لمسرحية بيتر مورغان حول المعلومات التي تكشف عنها اللقاء الذي أجراه المذيع البريطاني ديفيد فروست مع الرئيس نيكسون بعد أن عصفت به فضيحة «ووترجيت». من المقرر طرح الفيلم في دور العرض في 5 ديسمبر (كانون الأول). من جهته، أوضح مورغان أنه خلال كتابته «لفروست /نيكسون» من أجل المسرح والسينما، حاول تجنب تحويل تفسيره الروائي للقاءات التي أجراها فروست عام 1977 مع نيكسون إلى ما يشبه قصة رمزية ذات مغزى أخلاقي. وقال مورغان: «لقد عدت إلى النص لاستخراج بعض الأشياء. ولم أرغب في أن يجري النظر إلى الفيلم باعتباره إسقاط يرتبط بالعراف وفترة رئاسة بوش». وبالمثل، أكد بيرغر أنه من خلال تناوله قصة جنود ثلاثة عائدين إلى الوطن من العراق (تيم روبنز وراتشيل مكدامز ومايكل بينا) في فيلمه المحظوظين، لم يهدف إلى مناصرة أي حزب سياسي على حساب الآخر. واستطرد موضحاً أن الفيلم يعرض قصة أفراد يشعرون بالغربة داخل وطنهم. وقال إن الفيلم: «يسلط الضوء على تغير المشهد الأميركي العام والشخصية والروح الأميركية». من جهته، أعرب سكوت عن أمله في أن يجد المشاهدون فيلمه مسلياً ومفيداً في الوقت ذاته، مشيراً إلى أنه رغب في توضيح مدى صعوبة إدارة العلاقات الخارجية. وأكد «بغض النظر عمن المسؤول، الوظيفة مستحيلة». وأضاف أنه يأمل في أن يثير الفيلم نقاشات بناءة حول كيفية التعامل مع الإرهاب. أما دي كابريو فاعترف أنه من الصعب الفصل بين الآراء الشخصية والرسالة التي يشعر بأن الفيلم يرمي لتوصيلها. وقال: «من الصعب ألا تقحم آرائك السياسية في عمل كهذا». ورغم أن العديد من صانعي الأفلام يعتقدون أن إصدار أفلامهم في موعد قريب من إجراء الانتخابات يعزز من أعمالهم ـ خاصة الأفلام التي تطرح وجهة نظر سياسية محددة ـ فإن هذا التوقيت يثير قلق بعض الموزعين. من جهته، قال ماهر إنه كان مقرراً في البداية طرح «ريليجيلوس» في دور العرض خلال هذا الصيف. إلا أنه أعرب عن اعتقاده بأن إرجاء موعد طرح الفيلم حتى ما قبل الانتخابات بشهر يعزز من أهميته، خاصة مع اختيار حاكمة ألاسكا سارة بالين، التي كانت في وقت من الأوقات عضو بكنيسة عيد العنصرة، مرشحة لمنصب نائب الرئيس. وقال ماهر: «لقد ورد بذهني أن هذه السيدة وهذا الترشيح سيفيدان الفيلم». أما فيلم «زكر» الذي يحمل عنوان ترنيمة أميركية، فتدور أحداثه حول أحد النشطاء الليبراليين الاستفزازيين (يقوم بالدور كيفين بي. فارلي) والذي يرغب في إلغاء الاحتفال بعيد الاستقلال في الرابع من يوليو (تموز)، لكن تزوره ثلاثة أشباح تمثل كل من جون إف. كنيدي، وجورج إس. باتون، وجورج واشنطن، كي تكشف له الأخطاء التي تنطوي عليها فكرته. وقد أعرب زكر عن تشككه حيال ما إذا كان فيلمه الكوميدي بمقدوره التأثير على عملية صنع القرار، لكنه أشار إلى أن اقتراب موعد عرض الفيلم من انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) سوف تحسن من إمكانات نجاحه جماهيرياً.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ «الشرق الاوسط»