غرف فرساي الباذخة تحتضن معرضا أميركيا معاصرا

مكانس كهربائية بين صور لسيدات من العائلة المالكة وسرطان بحر وبالونات ملونة على شكل حيوانات

زوار يشاهدون أحد أعمال الفنان الأميركي جيف كوونز «الكلب البالوني» في فرساي بفرنسا (أ.ب)
TT

يتدلى سرطان بحر أحمر اللون من الألمنيوم من السقف بجوار نجفة من الكريستال. ويعرض صندوق زجاجي على مكانس كهربائية أمام اللوحة الرسمية لماري أنطوانيت. ووضع تمثال لشقراء فاغرة فاها تحمل نمرا ورديا يبدو وكأنها تضحك على صورة ترجع إلى عام 1729 للويس الخامس عشر.

لقد غزت أميركا غرف القصر وحدائقه عن طريق معرض مثير للجدل للفنان الأميركي الشهير جيف كونز.

عرض فرساي في الأعوام الأخيرة مجموعة قليلة من أعمال الفنانين المعاصرين، وفي ذلك الوقت كانت تعرض لمدة قصيرة. يعتبر المعرض الذي أقيم لـ 17 تمثالا من أعمال كونز أول مرة ينظم فيها القصر، الذي بناه لويس الرابع عشر، معرضا طموحا لأحد الفنانين المعاصرين. يستمر معرض «فرساي جيف كونز» الذي افتتح يوم الأربعاء الماضي حتى الرابع عشر من ديسمبر (كانون الأول).

عبر كونز عن سعادته لأنه أول معرض يعرض أعماله الفنية في فرنسا يقام في فرساي. يزور القصر 5 ملايين شخص تقريبا، ويجوب من 8 إلى 10 ملايين الحدائق كل عام، كما تذكر إحصاءات فرساي الرسمية.

قال كونز، بينما توقف أمام المصورين في حدائق القصر أمام تمثال «سبليت روكر» المصنوع من الفولاذ ويزن 11 طنا ومغطى بـ 90 ألف زهرة ونبات حي: «أشعر بالإثارة في هذه التجربة. إنها رائعة، بل أعلى مراحل حياتي الفنية».

ولكن المعرض لم يسعد الجميع، فقد قام عشرات بالتظاهر خارج أبواب القصر في بداية اليوم، في مظاهرة نظمها اتحاد الكتاب الوطني في فرنسا، وهي منظمة يمينية غير مشهورة تدافع عن الطهارة الفنية في فرنسا.

قال رئيس المجموعة أرنود آرون أبينسكي إن المعرض «يصيب قلب الحضارة» و«هو اعتداء وحشي على ماري أنطوانيت».

ووصف المعرض بأنه «تلطيخ حقيقي لأكثر المظاهر المقدسة لتراثنا وهويتنا»، وفي خطاب مفتوح في يوليو (تموز) إلى وزيرة الثقافة كريستين ألبانيل، طالب بإلغاء المعرض.

وأشار كونز، في مؤتمر صحافي في القصر يوم الأربعاء الماضي، إلى أن فرنسا منحته مستويين أو ثلاثة مستويات من وسام الشرف، وأن عملا للفنان الفرنسي جان أونوريه فرانغونارد، من القرن الثامن عشر، معلق في منزله.

وأشاد «بانفتاح» فرنسا بسبب قرارها عرض أعمال فنان أميركي في فرساي قائلا إنه (كونز) استوحى تماثيله المغطاة بالزهور من «خيال وسيطرة» ملك الشمس (لويس الرابع عشر) ذاته.

وقال إن كل عمل من أعماله المعروضة في حوار مع المكان المحيط. فإن وضع سرطان البحر في القاعة المخصصة لمارس رمز الحرب، على سبيل المثال، «يعود إلى عصور مشابهة للعصور الوسطى». وأنكر كونز أن وضع «الصورة الذاتية» المصنوعة من الرخام الأبيض، في نفس الغرفة التي تعرض صور لويس الرابع عشر ولويس السادس عشر، يعبر عن التكبر. وقال: «ليس في الأمر ما يدل على الغرور، بل فيه مزحة وتخليد معاصر». وعندما سئل عن سبب وضع مجموعة من المكانس الكهربائية بين صور لسيدات من العائلة المالكة، قال في إجابته إن المكانس الكهربائية «تتشابه كثيرا مع الرحم».

بدا أن بعض الزوار أصابهم القلق من وجود أعمال كونز في الصرح الذي يعود إلى القرن السابع عشر، بجدرانه الرخامية ورسومات أسقفه، وتماثيله الرخامية ونجفه وأكثر من 350 مرآة. قالت جوكو جايم، وهي قادمة من طوكيو في أول رحلة لها إلى باريس، إنها صدمت لرؤية تمثال من السيراميك المشابه للبورسلين «مايكل جاكسون والفقاعات» في وسط قاعة فينوس.

وقــالت: «هذا لا يتماشى مع جمال الديكور. بل يفسده. هنــاك فن معــاصر أكثر جمالا، فلماذا هذا؟» جاءت 90 في المائة من 2.8 مليون دولار أنفقت لتمويل المعرض من أصحاب مؤسسات خاصة. ولكن صحيفة «لوموند» حذرت الأسبوع الماضي من صراع محتمل للمصالح، لأن ستة أعمال في المعرض جاءت من مجموعة خاصة يقتنيها فرنسوا بينو، وهو أغنى مقتني أعمال فنية في فرنسا، وتملك إمبراطوريته التجارية دار مزادات «كريستي» و«إيف سان لوران».

وأكدت الصحيفة أن عرض الأعمال في القصر سيزيد من قيمتها. وأشارت أيضا إلى أن جان جاك أيلاغون، رئيس القصر ووزير الثقافة السابق، كان مديرا لمؤسسة فنية خاصة في البندقية يملكها بينو.

وفي حديثه في المؤتمر الصحافي، دافع أيلاغون عن فرساي قائلا إنه وجد أن «التلميحات» حول الدوافع الاقتصادية للمعرض «في غير محلها وصادمة» وأضاف أن أية مؤسسة ثقافية لا تقيم معارض من أجل تقديم «دعم اقتصادي» للفنان، والأدعى ألا تزيد من قيمة مقتنيات جامعي الأعمال الفنية الأفراد. ووصف كونز بأنه فنان ناضج يتعامل مع تاريخ فرساي الفني باحترام، ووصف المعرض بـ«الحدث الفني الكبير».

وفي نفس الوقت، دافع كونز عن نفسه وعن سمعته ضد لقب ملك سقط المتاع، مخبرا صحافي فرنسيا أن هؤلاء الذين يستخدمون ضده هذا التعبير يظهرون تعصبا ضده.

* خدمة «نيويورك تايمز»