ظاهرة فرق الاحتجاج الغنائية تتنامى في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين

فرقة الراب «صوت لا يقهر» تجذب الأضواء إليها

ياسين قاسم ومحمد ترك في عرض «راب» غنائي (ا ف ب)
TT

بكلمات من اللغة العامية قاسية ساخرة وعلى وقع موسيقى الراب يصف ياسين قاسم ومحمد ترك معاناة الفلسطينيين من الاقتتال الداخلي او بؤس الحياة اليومية في مخيمات اللجوء في لبنان بدون ان يأبها لاستياء السياسيين أو المتشددين. يطلقان على فرقتهما اسم «صوت لا يقهر» وهي إحدى فرق الراب العديدة التي برزت في مخيمات اللاجئين البائسة في لبنان وفي الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل.

وحسب وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، فاجأ محمد ترك، 18 سنة، وياسين قاسم، 19 سنة، المحيطين بهما باغنية عنوانها «انقلاب» تحكي عن القتال الفلسطيني الداخلي والانقسامات وعلاقة مختلف الفصائل بالقضية الفلسطينية. ويقول قاسم «طلبت منا عدة اطراف سياسية ان نتوقف. وبلغ اصرارها حدود التهديد خصوصا بشان اغنية «انقلاب». ويضيف بنظرة ساخرة «وافقنا معهم لكننا استمررنا في تقديم الأغنية».

ومن عبارات الاغنية «اندعست جبهة الجهاد، انكسر حماس الثورة، بتنظيماتنا كتر الحكي هو العبرة» و«كل واحد بافكارو التزم (...) بدك تاذيني اذيني كل هاد جزء من احباطي» و«مين عم يشرب الالم بالمعالق، الموت ما عاد فارق، مثلي الاعلى حريتي سارق».

سجل الثنائي الفلسطيني اول أقراصه المدمجة في آب/اغسطس عام 2007 داخل غرفة ضيقة تقع في احد ازقة مخيم برج البراجنة المكتظ باللاجئين ويقع في ضواحي بيروت. ويقول ترك «كلما كانت ظروف الحياة اشد قساوة احب المستمع الهيب هوب».

تنقل قاسم وترك خلال عامين بين اعمال مختلفة لجمع ثمن معدات التسجيل التي ساهم اصدقاء لهم بتمويلها. ويضيف ترك «لدي اصدقاء في استراليا قاموا ببيع البومنا وساعدونا في تأمين ثمن معدات التسجيل». وفي مشهد يتكامل مع مشهد الفقر المحيط بهما يعكف قاسم وترك على تسجيل اغانيهما في الاستديو الضيق الذي غطيت جدرانه وسقفه بالاسفنج لعزل الصوت. ويقول ترك ولقبه تي ان تي، «احببت الراب منذ ان سمعته للمرة الاولى. هو وسيلة تعبر فيها عن كل ما هو سيئ في المجتمع». ويواجه الفلسطينيون في لبنان صعوبات كبيرة للحصول على عمل اذ تحول القوانين دون ممارستهم لنحو 25 مهنة. وفي مخيم برج البراجنة ظروف الحياة القاسية واضحة وضوح الشمس: مياه الصرف الصحي تفيض على الطرقات وبعض المنازل لا تزال سقوفها من صفائح الزنك واشرطة الكهرباء تتدلى وتعبر من طريق الى اخرى. ويقول قاسم «كل اغنية لها قصتها. نحكي عن المخيمات ومعاناة العيش داخلها كما نحكي عن المشاكل وحلولها المحتملة». انهى قاسم دراسته الثانوية ويأمل بالحصول على منحة لمتابعة دراسته الجامعية، اما ترك فقد ترك المدرسة منذ ان كان في الثانية عشرة من عمره وبدأ يعمل في معمل للالمنيوم ليعيل عائلته وأشقاءه الاربعة.

اصيب والد ترك في احد الاشتباكات مما اضطره الى ترك المدرسة. ويقول ترك «اصيب والدي ولم يعد بامكانه ان يعمل» معربا عن امله بالا يضطر اشقاؤه مطلقا الى ترك المدرسة. ويضيف «مهما حصل لن يتركوا الدراسة. اريد ان يكونوا احسن مني عندما يكبرون».

تحمل فرقة «صوت لا يقهر» رسالة اساسية عنوانها الوحدة. ويقول قاسم «العرب بحاجة الى الوحدة فهم يواجهون مشاكل متشابهة تؤدي الى تجزئة مجتمعاتهم». ويضيف «بامكان الشباب ان يغيروا كل شيء. الشباب الواعي يمكنه ان يساهم في خلق ثورة حقيقية وهذا ما تحكي عنه اغانينا».

تأثر الشابان بعدة فنانين كبار من مغني الراب الاسود الراحل توباك شاكور الى المغني اللبناني مارسيل خليفة والشاعر الفلسطيني محمود درويش الذي توفي الشهر الماضي.

يأمل قاسم وترك بلقاء فرقة «دام» وهي فرقة راب من الضفة الغربية، في احد الايام. ويقول قاسم «نسجل اغانينا ونرسلها لهم. نحن لا نستطيع الذهاب الى فلسطين وليس بمقدورهم ان ياتوا الينا» مضيفا «محتمل ان نلتقي في حفلة مشتركة قد تقام في بلجيكا». جمهور فرقة «صوت لا يقهر» يكبر وقد وقع المغنيان مؤخرا عقودا مع شركات تسجيل في الاردن وبلجيكا. ورغم تزايد شهرتهما ما زال قاسم وترك فخورين بجذورهما وصادقين بالتزام قضيتهما. يقول قاسم «اطلقنا على انفسنا لقب «صوت لا يقهر» لان صوتنا يخرج من مخيمات فلسطينية لا يمكن طمس صوتها».