العراق يستعيد آثارا تم تهريبها إلى أميركا و1000 قطعة بيعت بمزادات علنية

خبراء عراقيون: مهربون من بغداد وكردستان يدفعون أموالا طائلة لآثار مسروقة

مشاركون في عملية تسليم قطع أثرية للعراق يعاينون نماذج منها في السفارة العراقية بواشنطن (رويترز)
TT

فيما استعاد العراق 1046 قطعة أثرية من الولايات المتحدة كان قد تم تهريبها في اوقات مختلفة الى اميركا، كشف خبراء آثار في المحافظات الجنوبية عن استمرار نبش المواقع الأثرية بصورة غير شرعية وتهريب القطع الأثرية.

وقالت السفارة العراقية في واشنطن إن هذه القطع تشتمل على تماثيل واسطوانات والواح طينية تعود الى العهد السومري، وكذلك على نقود تعود الى فترات لاحقة حجزت خلال اربع عمليات تقصي منفصلة تعود الى عامي 2001 و2003.

وكشف مصدر في السفارة العراقية النقاب عن تفاصيل عمليات التهريب مشيراً في هذا الصدد الى إنه في عام 2001 تمت عمليتا ضبط وتحريات أسفرت احداهما عن حجز شحنة تجارية تحتوي على 300 قطعة من الالواح الطينية في ولاية نيوجرسي، وبعد الاستعانة بخبراء في مجال الآثار تم التأكد بان الشحنة تعود للعراق وليس الى دبي في الامارات العربية المتحدة كما كان مدونا في وثائق الشحن، وان هذه القطع يعود تاريخها الى العهد البابلي للفترة 1500 الى 1700 قبل الميلاد. أما العملية الثانية فقد تمت بعد تسلم دائرة الجمارك العراقية معلومات من دائرة تسجيل التحف الفنية المفقودة تفيد ان اسطوانات سومرية تم بيعها في مزاد «كرستي» العلني في ولاية نيويورك. هذه القطع التى تعود الى القرن الثالث قبل الميلاد سرقت من  المتحف العراقي في أعقاب حرب الخليج الاولى. واشار المصدر الى ان عمليتي التحري الاخريين تمتا في عام 2003، حيث استعيد اثني عشرة ختما اسطوانيا وهي تعود الى مملكة لكش في جنوب العراق للفترة 2141 ـ 2122 قبل الميلاد. وفي عام 2003 أيضا احتجزت 671 قطعة تمت مصادرتها تضمنت اوانٍ زجاجية وعملات معدنية وسكاكين نحاسية ورؤس رماح وعقود حلي واختام وعصي برونزية ودروع مزينة تعود لمناطق مختلفة من العراق، تم التعرف عليها في احد المعارض المختصة في ولاية نيوجرسي.

وقال بيان اصدرته السفارة العراقية إن مراسيم التسليم جرت بعد توقيع الجانبين العراقي والاميركي على وثيقة التسليم وقعها عن الجانب العراقي السفير سمير الصميدعي، سفير العراق في الولايات المتحدة، وعن الجانب الاميركي جولي مايرز، وكيلة وزير الامن الوطني لشؤون الجمارك والهجرة. الى ذلك، أكد عدد من خبراء الآثار في محافظتي الناصرية والعمارة ان لصوص الآثار «يهددون بالقضاء على الحضارة السومرية التي يعتبر جنوب العراق معقلا لها»، وان النهب الذي تتعرض له المواقع الأثرية منذ الغزو الاميركي ما زال مستمرا وهو يفوق كل عمليات السرقة التي تعرضت لها في تاريخها الذي يمتد لآلاف السنين. وقال عبد الأمير الحمداني مدير مفتشيه آثار محافظة الناصرية أن «المخاطر التي يتعرض لها مهد الحضارات كثيرة، ولا يوجد من يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وان اقتصرت الحماية مؤخرا للمواقع المسجلة على الخريطة الأثرية، لكن غير المكتشف منها الكثير والتي كانت تغمرها المياه في شكل جزئي أو كلي أو كان يستحيل الوصول إليها لأنها تقع في مناطق نائية». ولفت الحمداني إلى «أن عدد المواقع الأثرية داخل حدود المحافظة يتجاوز 800 موقع، وقد شهدت أرضها كل الحقب الحضارية بدءاً من عهود ما قبل التاريخ حتى العصر الإسلامي المتأخر. ففي بعض المواقع توجد 18 طبقة حضارية». وأضاف الحمداني «السارق هو من أهالي المنطقة ولكنه ليس لصاً بطبعه إذ يتحين الفرص ليقوم بنبش المواقع الأثرية وحفرها». وأضاف «يأتي المهربون وتجار الآثار من المحافظات البعيدة، كبغداد وكربلاء وإقليم كردستان ويدفعون الأموال الطائلة للحصول على القطع الأثرية التي نُبشت. وهذا ما يفرغ المنطقة من إرثها الحضاري. فقد تكون هناك متاحف عالمية تسعى للحصول على هذه القطع بأي ثمن، وترتفع أسعار هذه القطع مع مرور الأيام وتباع بأسعار خيالية في الأسواق العالمية في كل من الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا». وأوضح عدنان هاشم حسوني مدير مفتشيه آثار محافظة العمارة ان «في المحافظة 380 موقعا أثريا متروك بعضها  بلا حراسة ويعود معظمها إلى عصر الدويلات السومرية والعصور الساسانية وعصر الدويلات العباسية، اذ لم تسع الحكومة العراقية في العهد السابق، الى التنقيب عن آثار ميسان خشية من اكتشاف آثار فارسية تعرض العلاقات المتأزمة بين البلدين الى هزات اضافية، تعرضت معظمها إلى النبش وسرقة وتهريب اللقى الاثرية التي يعثر عليها السراق». وأضاف ان «ان تمركز قوات الاحتلال في المواقع الآثارية او بالقرب من بعضها شكّل خطرا آخر لا يقل خطورة عن السرقة، حيث الآليات الضخمة والمجنزرات والدبابات والآليات العسكرية الثقيلة الكبيرة التي تستعملها قوات الاحتلال تؤثر وبشكل سلبي كبير في المواقع الأثرية من خلال الاهتزازات والترددات العنيفة التي تحدثها بالتربة، ما يعرض الآثار لخطر التدمير والتصدع والهدم وبشكل يومي خلال الأعوام الخمسة الماضية».