مكافأة المُسحِّراتي في نهاية شهر رمضان المبارك

الكبار يشاركون في عيديات العيد مع الصغار

اللباس التراثي المميز للمسحراتي («الشرق الاوسط»)
TT

مع حلول عيد الفطر السعيد ومع عطلته الطويلة نسبياً والتي أقرتها الحكومة السورية بدءاً من أول أيام العيد وحتى الاثنين 6 أكتوبر بدأت الأسر السورية تتجه إلى مناطقها وقراها لمشاركة الأهل والأقارب العيد وأفراحه وخاصة أن الكثير من سكان دمشق هم من المناطق السورية. وحرص هؤلاء على تمضية العيد بين الأهل في الريف والمدن الأخرى جعل الازدحام على أشده في كراجات انطلاق البولمانات ومحطات القطار.

وتعتبر العيدية في عيد الفطر وعيد الأضحى واجباً على كل رب أسرة تقدمها بشكل خاص للأطفال من أبناء الأسرة أو للأقارب الذين يأتون مع أسرتهم في زيارات متبادلة في العيد وعادة تكون العيدية مبلغاً من المال يقدم للطفل حيث يجمع عيدياته ليصرفها عادة على اللهو والتسلية في مدن الملاهي ومراجيح العيد التي تنتشر بشكل مؤقت في أيام العيد على أطراف المدن وفي الحارات الشعبية. وتزداد أو تقل العيدية حسب الوضع المادي للأب والأقارب وكذلك حسب الكرم والبخل هنا.

وقد انتشرت في السنوات الأخيرة في المجتمع السوري إعطاء العيدية ليس للأطفال فقط بل حتى للكبار وبشكل خاص للشباب من الأسرة والأقارب العاطلين عن العمل أو للزوجة التي ليس لديها دخل من قبل زوجها أو أشقائها ووالدها إذا كانت حالتهم المادية جيدة. ولكن المفارقة هنا أن أول الأشخاص الذين يحصلون على العيدية هم (المسحراتية). ففي العادة وبعد صلاة العيد يقوم الأطفال بمعايدة والدهم ووالدتهم بالعبارة المعروفة «كل عام وأنتم بخير» ويقوم الأب والأم بتقديم العيدية للأطفال، ولكن يكون قد سبقهم إلى العيدية مسحر الحارة فمن المعروف أن المسحر الذي يقوم بإيقاظ أهل حارته بقرع الباب عليهم في موعد السحور ويناديهم بألقابهم مع صوت طبلته الشهيرة والعبارات الروحية المعروفة ومنها: قوم يا نايم وحد الدايم... يا أبو أحمد وحّد الله قول لا إله إلا الله ويقرع الباب على أبو أحمد أو أبو جاسم وغيره من أبناء الحارة، وعادة يقدم له البعض طعاماً ليتسحر مما حضروه على الإفطار أو السحور وفي تقليد دائم وفي صباح يوم العيد وبعد إثباته شرعاً ومع ساعات الفجر الأولى يقوم مسحراتي الحارة وتكون مهمته قد انتهت مع آخر يوم من شهر رمضان المبارك بالقرع على أبواب من كان يوقظهم ليحصل منهم على العيدية وهو عادة مبلغ من المال حسب إمكانية كل شخص والبعض يقدم له لباساً جديداً ليلبسه في العيد خاصة وأن أغلب المسحراتية هم من الفقراء عادة ويقومون بهذه المهمة تطوعاً مع إدراكهم بأن أهل الحارة سيكافئونهم على ذلك بالطعام أو المال واللباس. وعلى الرغم من فقدان دور المسحراتي مع وجود التلفاز والمنبهات والموبايلات التي توقظ الصائمين في وقت السحور إلاّ أن حارات كثيرة في دمشق مازالت تستقطب المسحراتية وخاصة من أبناء الحارة ولوحظ في السنوات الخمس الماضية اقتحام الشباب لهذا العمل بعدما كان حكراً على الرجال الكبار في السن وهؤلاء الشباب حرصوا أن يقلدوا الكبار من المسحراتية في كل شيء في العبارات والتعرف على أهل الحارة وفي اللباس التراثي المميز للمسحراتي وفي الطبلة التي يضربون عليها وحتى يمسكون قنديل كاز كما كان يفعل المسحراتية في السابق، وفي رمضان الحالي انتشر المسحراتية الشباب في حارات شعبية دمشقية مثل الميدان والشاغور والعمارة حيث أهل الحي والزقاق يعرفون بعضهم جيداً ويعرفهم المسحراتي في حين يغيب المسحراتي عن الأحياء الجديدة وذات الأبنية الضخمة مثل المزة ودمر وغيرها.