من لندن إلى الإسكندرية: جامعو الوثائق يتهافتون على شراء أرشيف يوسف شاهين بآلاف الجنيهات

«الشرق الأوسط» تنفرد بنشر مراسلاته من نيويورك لبهنا فيلم

صور من الخطابات النادرة إلى جانب بوسترات أفلام («الشرق الأوسط»)
TT

يموت الفنان وفنه لا يموت بل يظل خالداً بكل ما يتركه من تراث وأعمال تعبر عن رؤيته للعالم من حوله. أفيشات أفلام المخرج العالمي الراحل يوسف شاهين تقدر حالياً بآلاف الجنيهات ويبحث عنها محبو الفن السابع من كل أنحاء العالم، فلم يمض سوى شهرين على رحيله عن عالمنا وبدأ التنقيب عن أرشيفه الشخصي بين هواة جمع الوثائق النادرة.

يكشف مكرم سلامه صاحب أكبر أرشيف لتاريخ السينما المصرية،عن ذلك قائلا «إن هناك عشاقا لفن شاهين يحاولون البحث عن أفيشات أفلامه وخاصة أفيش فيلم (الناصر صلاح الدين) الذي أنتج عام 1963، الذي كان إنتاجه السبب في إنشاء القطاع العام في السينما المصرية، وأنا أمتلك منه نسخة واحد فقط ولا توجد نسخ أخرى له، وقد وصل ثمنها الآن في دار مزادات كريستي إلى (3 آلاف جنيه استرليني) حوالي 30 ألف جنيه مصري، وقد حاول عدد من جامعي البوسترات البريطانيين في زيارتهم للإسكندرية شراءها مني، إلا أنني لا أرغب في بيعها لأنها تعتبر قيمة فنية نادرة، فهو أول أفلام شاهين بالألوان وأكبر انتاج للمعارك وقدم فيه دفاعا عن صورة العربي المشوهة في السينما الغربية».

ويؤكد سلامه أن الكثيرين يبحثون عن صور فيلم «بياع الخواتم» عام 1965 أول فيلم سينمائي تقوم ببطولته فيروز ويصل ثمن الصورة الواحدة منه إلى ألف جنيه إسترليني ولا أحد يملك صورا للفيلم، الذي أخرجه شاهين عقب هروبه من مصر إلى لبنان، بسبب الضغوط التي كانت موجودة على الفنانين وتحويل السينما من قطاع خاص لعام والقيود المفروضة على العمل السينمائي. ويضيف سلامه أن الراحل شاهين كان كتاباً مفتوحاً وحياته كلها مكشوفة أمام الجميع، لأنه قدم سيرته الذاتية فقطع الطريق بذلك على الجميع فلن يكون هناك من يوثق لحياته بشكل أفضل منه.

عثر مكرم سلامه على بعض المراسلات التي كانت بين شاهين وشركة منتخبات بهنا فيلم للإنتاج السينمائي عند أحد تجار الورق القديم والذي يبدو أنه لم يكن يدرك قيمة ما يملك، فكل أرشيف المخرج العالمي محفوظ لدى أسرته وأبناء أخته جابي ومريان خوري، وشركة أفلام مصر العالمية التي كان يملكها تنفرد بكل مراسلاته، لكن هذه الخطابات تعود للفترة الأولى من حياته قبل أن يؤسس شركته الخاصة، لذا يصل ثمن الخطاب إلى ألف جنيه استرليني، لأنها خطابات لا يعلم عنها أحد شيئاً! ورغم عدم رغبة مكرم سلامه في التفريط في هذه الخطابات باعتبارها وثائق عزيزة عليه، إلا أن «الشرق الأوسط» قد حصلت عليها؛ ففي خطاب أرسله إلى شركة بهنا بتاريخ 15 يوليو (تموز) عام 1952، يخبر شاهين فيه شركة بهنا أنه خلال رحلته الأميركية قد تعرف بأحد المنتجين الأميركيين وأنه أقنعه بعمل سينمائي مشترك وأن هذا المنتج سيتولى عملية توزيع النسخة الإنجليزية للفيلم وأنه سيتكفل بدفع أجر نجمين من نجوم السينما الأميركية، كما انه سيتولى مهمة توفير كاتب للسيناريو والحوار على أن يتحمل شاهين تكاليف سفر الممثلين والكومبارس وحجز الفنادق والأستوديو وتكاليف الفيلم الأخرى، ويخبر شاهين الشركة في خطابه بأن الفائدة التي ستعود عليهم هي الحصول على مستوى أفضل للفيلم وأن إنفاق المزيد من المال على هذا الفيلم الذي سيجمع نجوما عالميين في فيلم مصري سيجذب عددا كبيرا من جماهير السينما العربية كما الأجنبية.. ومن بين هذه المراسلات التلغرافات التي كان يرسلها لشركة بهنا طوال فترة إقامته في أميركا. وخطابات خاصة بتوزيع أفلامه في الخارج ومنها خطاب بتوقيع ماري كويني وشاهين يقران فيه برغبتهما في إعطاء حقوق توزيع فيلم «ابن النيل» لشركة ميليور فيلم الهولندية والتي كان يرأسها شونبييك بعد عرضه في مهرجان كان عام 1952، لتقوم بعرضه في هولندا وبلجيكا ولوكسمبرغ.

وهناك خطاب كتبه بخط يده فهو مرسل إلى عمه مايك يخبره فيه بأنه تلقى عرضا من جين دافيس وهو أحد الموزعين الفرنسيين بأن يعرض فيلمه «ابن النيل» في أكبر دار عرض فرنسية ومن ثم يعرفه على موزعين من جميع أنحاء العالم، وفي ختام خطابه يقول إنه يرفق قائمة بأسماء الموزعين الراغبين في شراء الفيلم ونسخه من العقد البولندي. ومن البوسترات النادرة التي تضمها شقة مكرم سلامه أيضاً بوستر أول أفلام المخرج العالمي «بابا أمين» إنتاج عام 1950 الذي كان أشبه برصد واقعي لحياة عائلة تنتمي إلى البرجوازية الصغيرة وكان رب هذه الأسرة يشبه والد شاهين ذا الأصول اللبنانية.

وأيضاً فيلم «رمال من ذهب» الذي أنتج عام 1966، وهو الفيلم الذي أخرجه خارج مصر بعد فيلم «بياع الخواتم» مع الرحبانية، وتم تصويره في إسبانيا والمغرب، ولعبت بطولته فاتن حمامه امام بول برج، وهو الذي قال عنه شاهين «أعتقد انه أسوأ فيلم في حياتي».