«المهاجران».. عرض مسرحي يقدم في ملجأ

لأول مرة في دمشق

مشهد من مسرحية «المهاجران» («الشرق الأوسط»)
TT

في خروج عن المألوف والمعتاد في تقديم العروض المسرحية على مسارح العاصمة السورية، دمشق، تقدم لأول مرة فرقة مسرحية عرضها في ملجأ. والمسرحية هي «المهاجران»، ويجري عرضها حالياً في ملجأ عام بمنطقة القزازين بشارع بغداد، شرق مركز مدينة دمشق. وهذا الموقع يفصل ما بين حي العمارة في دمشق القديمة وأحياء دمشق الجديدة كالقصاع والخطيب وغيرهما. والمسرحية التي أعدها ويخرجها الدكتور سامر عمران، اقتبست عن نص للكاتب البولوني سرافومير مروجيك. وكان الأخير قد كتبها في فترة الحرب الباردة، أواسط سبعينات القرن المنصرم. ويقوم ببطولة المسرحية في حلتها السورية الجديدة محمد آل رشي. ويأتي عرضها ضمن فعاليات «دمشق عاصمة الثقافة العربية».

وكانت قد انطلقت عروضها يوم 25 سبتمبر(أيلول) لتتواصل وبشكل يومي حتى 4 نوفمبر( تشرين الثاني) المقبل وتدور أحداثها في ملجأ بين شخصيتين تنتمي كل واحدة منهما إلى عالم مختلف ونقيض الآخر؛ فالأولى تمثل المثقف السياسي والثانية العامل البسيط الذي لا يحلم إلا بقوت يومه. وكل منهما يحمل همومه وآلامه التي يسر أحدهما للآخر بها. وحسب الجهة المنظمة للعرض المسرحي ـ تعتبر «المهاجران» إحدى أنضج مسرحيات الكاتب مروجيك، إذ كتب منتصف السبعينات، وضمن مناخ الحرب الباردة وانقسام العالم إلى معسكرين.

وهذا ما يجعله يكتسب حاليا معنىً جديداً بوجود قوة استقطاب واحدة في العالم. فمع العولمة، تغدو لصفة المهاجر معانٍ جديدة، توحدها كلها صفة القسرية. منذ الخمسينات، اعتاد البشرُ على الضحك المجرد مع مهرجي بيكيت الوجوديين المنتظرين على قارعة طريق في انتظار غودو. «المهاجران» أكثر واقعية وقسوة. فمهاجرا مروجيك في نصه المسرحي لهما ـ ويا للسخرية ـ جنسيات وجوازات سفر، ولا شجرة لهما وهما في القبو، والليلة هي رأس السنة.. يكتشف جمهور دمشق إذاً هذا النص للمرة الأولى في إخراج سامر عمران باعتباره نموذجاً كلاسيكياً ـ معاصراً لحداثة مسرح أوروبا الشرقية في نكهته المريرة مع أحد كبار كتاب الانشقاق ومجالدة الأنظمة الأمنية في العالم، صاحب التانغو وستربتيز وحبا في القرم. وفي فضاء بديل، يمضي العمل المسرحي نحو مزيد من الكثافة الحسية. ويؤدي آل رشي وأسامة غنم وسامر عمران فصول هذا النص المترع بالتفاصيل باللهجة العامية. وكان مخرج العرض عمران قد ذكر بتصريح صحافي أن عرض مسرحية «المهاجران» تجربة «تعتمد على نوع من المسرح المبني كالفسيفساء حتى النهاية، والنص مكتوب بمنتهى الدقة وأردت على مستوى آلية الممثل وآلية العمل على المكان الذي نعمل فيه تقديم عرض مسرحي في ملجأ، وأن نقدم مغامرة لم نعتد عليها بعد في سورية».