نصير هنود أميركا وفلسطينيي المخيمات

TT

بعد أربعة أيام من فوز عالمين فرنسيين بجائزة «نوبل» في الطب مناصفة مع عالم ألماني، تجددت فرحة الفرنسيين عندما أعلنت الأكاديمية السويدية، أمس، فوز الكاتب جان ماري غوستاف لوكليزيو بجائزة «نوبل» في الأدب لعام 2008. ولم يكن الإعلان مفاجئاً تماماً لأن اسم الكاتب الفرنسي البالغ من العمر 68 عاماً كان مطروحاً طيلة الأُسبوع الماضي كأحد أوفر المرشحين حظاً بالفوز.

ولد لوكليزيو، الذي يختصر الفرنسيون اسمه الطويل بالأحرف الثلاثة الأُولى «جيه. إم. جي»، في مدينة «نيس» على الساحل الجنوبي لفرنسا، لأب بريطاني وأُم فرنسية. وبدأ الكتابة في سن مبكرة جداً بحيث تشير سيرته الى أنه ألف أول عمل له وهو في السابعة من العمر، وكان كتابا عن البحر تدور أحداثه في الباخرة التي أقلته مع والدته الى نيجيريا للالتحاق بالأب الذي كان يعمل طبيباً جراحاً هناك. تلقى لوكليزيو دراسته في كلية أدبية في «نيس» ثم أقام فترة في لندن وبريستول قبل أن يعمل في حقل التعليم الجامعي في الولايات المتحدة الأميركية.

لفت الكاتب، منذ روايته الحقيقية الأولى «المحضر»، انتباه الوسط الفني ونال جائزة «رينودو» عام 1963 وله من العمر 23 ربيعاً فحسب. لكن لوكليزيو لم يكن أديباً متفوقاً ومسافراً رحالة عبر القارات فحسب بل مواطنا عالميا مال قلبه الى الجنوب ودافع عن الأقوام المهمشة والمضطهدة عبر روايات تميزت بلغتها الشاعرية البسيطة ظاهرياً، المشحونة بالعاطفة والأناقة والإيحاء. ورغم ما عرف عنه من ابتعاد عن الأضواء وميل الى العزلة في أماكن مقفرة ونائية فإنه مارس دوره كمثقف ملتزم بالقضايا الإنسانية ومؤمن بالتسامح وتواق الى العدل. وفي شبابه الأول، عام 1967، تعرض للطرد من تايلند، حيث كان يؤدي خدمته العسكرية في قاعدة فرنسية، لأنه تجرأ وندد بتشغيل الأطفال في الدعارة. وتم نقله الى المكسيك لإكمال الخدمة، وهناك تعرف على قضايا السكان الأوائل لأميركا وعاش بينهم، في بنما، لأربع سنوات، وترجم كتاباً من أُمهات تراثهم، ونال شهادة عليا من مركز الدراسات المكسيكية بجامعة بربنيان الفرنسية في تاريخ هنود أميركا الوسطى. هذا الحس الفطري في الانتصار للمظلومين تسبب في تعرض لوكليزيو لهجمة من الأوساط الصهيونية في فرنسا، عام 1988، بسبب نشره فصولاً في مجلة الدراسات الفلسطينية من رواية تتناول بداية التيه الفلسطيني ونشوء حياة المخيمات.