مخطوطات نادرة من القرآن الكريم في معرض لندني

يضم 50 مخطوطة من الهند والصين وإسبانيا

TT

تقدم دار سام فوغ للمخطوطات والكتب النادرة معرضا يضم مجموعة من النصوص القرآنية والمصاحف تحت عنوان «الكلمة المنيرة: القرآن من عام 650 الى 1930». المعرض يستعرض حوالي 50 نموذجا من القرآن الكريم خطت عبر 1300 عام ويستعرض الاساليب الفنية المختلفة التي خط بها النص المقدس عبر نطاق شاسع يمتد من دول البحر المتوسط حتى الهند.

المعرض المقام على طابقين بمقر دار سام فوغ بوسط لندن يقدم نماذج ساحرة لصفحات من القرآن الكريم اختلفت في ألوانها وزخارفها باختلاف العصر الذي صنعت فيه. الزائر للمعرض يرى الاختلاف في الثقافات والمجتمعات الإسلامية عبر العصور عبر صفحات القرآن العائد لتلك المجتمعات. فنسخة من القرآن تعود الى نيجيريا تبرز برسومات افريقية واضحة اضافت عليها الالوان الصريحة طابعا متميزا، فيما تعكس نسخ القرآن الصينية والايرانية الحضارات التي انتجت تلك المخطوطات.

وتشير خبيرة الفن الاسلامي بدار سام فوغ تشارلي شروير الى ان بعض النماذج المعروضة كتبت على قطع من الجلد قبل اكتشاف الورق في القرن العاشر وهو الاكتشاف الذي أدى الى تغير واضح في عمل الخطاطين حيث اعطاهم الورق مساحة اوسع للابداع والابتكار تمثلت في الزخارف الدقيقة والمستفيضة. وادى استخدام الورق الى ابراز جماليات الخط بشكل اوضح في النصوص المكتوبة بخطي النسخ والمحقق فيما تطور الخط الكوفي المنتشر في تلك الفترة في منطقة شمال افريقيا واسبانيا.

وفي جانب آخر من المعرض يوجد جزء من القرآن داخل حافظة من الجلد كتب على الصفحة الاولى منه «وقف لمسجد السلطان فرج ابن برقوق» وفي معرض حديثها عن تلك القطعة تشير شروير الى ان بعض النسخ المعروضة تتميز بسخاء في الزخارف والتطعيمات المذهبة وتتميز بالفخامة التي تشير الى كونها تكليفات من البلاط الملكي او من شخصيات ثرية. وكمثال آخر على ذلك تشير شروير الى مخطوطة مكتوبة بماء الذهب بالخط المغربي وترجع الى فترة المملكة الناصرية في غرناطة. المخطوطة واحدة من اثنتين كتبتا بالخط المغربي بماء الذهب وتوجد المخطوطة الثانية في مكتبة جون رينولدز بجامعة مانشستر. ويرجح بعض الخبراء ان تكون المخطوطة جزءا من مصحف تم عمله بتكليف من السلطان في غرناطة او المغرب وهو امر لا يستغرب بالنظر الى فخامة المخطوطة وقيمتها الفنية.

ودرجت القصور الملكية خصوصا في عهد الدولة المملوكية في مصر والتيمورية في الهند على إقامة ورش للخطاطين داخل القصور الملكية وهو ما يفسر انتعاش فن الخط والمخطوطات خلال القرنين الرابع عشر والخامس عشر. ويضم المعرض مثالا على عمل تلك الورش ويتجلى في جزء من المصحف من العهد المملوكي وهو نسخة نادرة لا تقدر بثمن. المخطوطة ترجع الى الفترة ما بين 1298 ـ 1310 ميلادي وتتميز بالتعليقات التي خطت على جانبي النص. المخطوطة من عمل محمد بن مبادر وهو من اهم الخطاطين في القاهرة المملوكية وتضم الجزء الاخير من القرآن الذي يضم قصار السور وبالتالي فتتمتع بكم كبير من الزخارف في بدايات وخواتم السور. التعليقات والحواشي التي يرجح الخبراء انها اضيفت في وقت لاحق تتعلق بقواعد النحو وأحكام التلاوة. وتضيف تلك الحواشي التي خطت ببراعة واتقان الى جماليات المخطوطة ككل.

ومن القاهرة المملوكية ايضا يقدم المعرض صفحة من القرآن من عمل الخطاط المعروف أبو بكر. وفي جانب آخر من المعرض تشير شروير الى مصحف مكون من ثلاثة أجزاء يرجع للقرن الخامس عشر. المصحف الذي يتميز بالخط البهاري الذي ظهر في شمال الهند كتب بالوان مختلفة منها الازرق والاحمر والذهبي كما يتميز بالزخارف المستفيضة في صفحتي المدخل وصفحتين أخريين في وسط المصحف أيضا.

والمعروف رعاية الدولة المغولية للفنون وهو اهتمام نتج عنه قطع فنية نادرة ما زالت تحتضنها المتاحف وتنظم لها المعارض والى جانب المصحف ذي الثلاثة أجزاء الذي يقدمه المعرض الحالي هناك أيضا نسخة من القرآن نسخت في الهند خلال للقرن السابع عشر ويظهر فيها بشكل واضح الاسلوب المحلي الذي يتجلى في خليط من الالوان الفارسية والهندية ومزيج من خطوط النسخ والثلث والمحقق.

ومن المخطوطات الكبيرة الحجم الى المصغرات تضم احدى الحاويات الزجاجية في المعرض نسخا من القرآن الصغير الحجم فهناك مصحف يعود الى ايران في القرن الخامس عشر يتميز بالزخارف على الغلاف الخارجي وكذلك على الحافظة المصنوعة من الحرير الازرق التي تصاحبه. كما يقدم المعرض لفافة ورقية بديعة التصميم تحتوي على أدعية وآيات من القرآن خطها الخطاط التركي المعروف الشيخ حمد الله ويعتبر أشهر خطاطي الدولة العثمانية وأنتج عددا ضخما من المخطوطات والمصاحف وكتب الأدعية في الفترة من 1480 الى عام 1520. ويشير دليل المعرض الى ان الشيخ حمدالله لم يتعاون مع غيره من الخطاطين وانما قام بتدريب عدد من التلاميذ على اساليب الخط العربي ومن هؤلاء التلاميذ برز اسم ابنه مصطفى ديدي ابن الشيخ حمد الله. وتتميز المخطوطة المعروضة بانها عمل مشترك ما بين الشيخ حمدالله وتلاميذه وتتميز بتنوع الخط المستخدم ما بين المحقق والنسخ في بداية المخطوطة.

ـ المعرض يقام في دار سام فوغ للكتب النادرة في لندن ويستمر حتى 24 أكتوبر الحالي.

www.samfogg.com