أبوظبي تتحدث لغة الفن السابع

عبر مهرجان الشرق الأوسط.. وأغلى جوائز لمهرجان سينمائي في العالم

يشارك في مهرجان الشرق الاوسط السينمائي 130 فيلما من 32 دولة (رويترز)
TT

إذا شاهدت النجم العالمي أنطونيو بانديراس ووزجته النجمة ميلاني غريفيث، أو النجم أدريان برودي، أو النجمة يسرا أو النجم حسين فهمي، أو غيرهم من النجوم العالمين أو العرب، يتجولون في شوارع ابوظبي أو أسواقها، فلا تستغرب ولا تبحث عن السبب، فالمدينة بأسرها تتحدث لغة الفن السابع خلال عشرة ايام، وهي تستضيف النسخة الثانية من مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي، لذا غدا وجود هذا الحشد من النجوم وصناع السينما العالمية، أمرا غير مستغرب، حتى ولو التأموا في قلب الصحراء.

وبالرغم من أن قيمة الجوائز الممنوحة في الدورة الحالية، تصل إلى مليون دولار أميركي، وهي أكبر قيمة جوائز لمهرجان سينما في العالم، إلا أن مسؤولي المهرجان، لا يحبذون التركيز فقط على قيمة المهرجان المادية، «بل النظر أيضا إلى قيمته كوجهة ثقافية، وما يقدمه من فن راق».

النجوم المشاركون كثر، ولكن أبرز النجوم العرب الفنان خالد صالح وحسين فهمي وهالة صدقي وخالد النبوي وفتحي عبد الوهاب وشريف مني، والمطربة التونسية لطيفة، ومن سورية جمال سليمان، بالإضافة إلى نجوم الخليج وهم عبد الحسين عبد الرضا ومحمد المنصور وهيفاء حسين، وعدد آخر من الفنانين. فيما شارك من الهند عدد آخر بارز من النجوم والنجمات بينهن النجمة بريانكا شوبرا.

ولا يخفي محمد خلف المزروعي مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث نائب رئيس المهرجان، طموح إمارة ابوظبي «في أن تكون مركزاً إقليمياً وعالمياً لإنتاج وصناعة الفيلم وتعمل على تحفيز كبار المنتجين العالميين لجذب نشاطهم للمنطقة، ويأتي هذا المهرجان ضمن خطتها لتحقيق هذا الطموح». والمهرجان الذي أخذ زخما إعلاميا محليا وعربيا، تزامن انطلاقه مع إعلان حكومة ابوظبي تدشين منطقتها الإعلامية الجديدة تو فورتي 54، وهو ما شكل تداخلا في الرغبة الظبيانية في توفير البنية التحتية للإنتاج الإعلامي المتميز، والتي لا شك أن صناعة السينما ستكون ركنا أساسيا في هذا التوجه.

ويقول المزروعي «نريد لصناعة السينما أن تصبح جزءا من حياتنا الثقافية»، بل انه يضيف أن «أبوظبي تخطط لأن تكون مركزا كبيرا للإنتاج السينمائي».

ويشارك في المهرجان الذي يستمر حتى التاسع عشر من الشهر الجاري، 130 فيلما من 32 دولة، تتنافس على هذه الجوائز التي تتنوع بين الأفلام الطويلة والتسجيلية والروائية والوثائقية والقصيرة ومسابقة الإعلانات وجائزة الجمهور.

المهرجان افتتح بعرض الفيلم الأميركي «الأخوان بلوم»، وهو من إخراج رايان جونسون بحضور بطله النجم العالمي أدريان برودي الذي فاز بأوسكار أحسن ممثل عن دوره في فيلم «عازف البيانو» عام 2003.

ولعل المسؤولين في مهرجان أبوظبي، لم يغفلوا عن البحث عن نقاط تميزهم عن مهرجانات أخرى تمتلئ بها المنطقة، فأطلقوا عددا من البرامج التي تتخلل المهرجان، لعل من أبرزها مهرجان المهرجانات الذي يعرض أهم أفلام المهرجانات الدولية الكبرى، وبرنامج مخرجات من العالم العربي، والبرنامج التاريخي 60 سنة على تقسيم فلسطين، ويعرض من خلاله 16 فيلما، والذي يتميز بأن جميع الأفلام المشاركة هي لمخرجين من غير العرب، وذلك تأكيدا على عالمية القضية الفلسطينية.

ومن أبرز البرامج أيضا برنامج أفلام البيئة، وبرنامج عروض خاصة الذي يتضمن فيلمي الافتتاح والختام، ومسابقة أفلام من الإمارات ومن دول الخليج، والتي يديرها السينمائي الإماراتي عبد الله البستكي ويصدر لها كتالوج خاص وكتب خاصة، إلا أن المسابقة الأخيرة وجدت انتقادا من النقاد الاماراتيين لضمها للمهرجان، مما أضاع فرصة الاستفادة منها، وآمل هؤلاء النقاد أن تكون مسابقة أفلام من الامارات مستقلة عن المهرجان.

ويوميا ينظم المهرجان ندوات يومية تناقش كتبا تتحدث عن السينما تحت مسمى «لقاءات أبوظبي»، وتضمنت ندوة عن كتاب «حوارات مع صناع السينما في الخليج»، كما يتضمن البرنامج حلقة بحث عن صناعة السينما في العالم العربي، وينتهي يوم الختام بندوة «60 سنة على تقسيم فلسطين». مديرة المهرجان نشوه الرويني، تعتبر أن الحضور الكبير للنجوم العالميين والعرب للمهرجان «يعكس مكانته الكبيرة التي حققها خلال عامين فقط»، وهي هنا تؤكد أنه سيشهد خلال الأعوام المقبلة «عمليات تطوير كبيرة ترفع مكانته بصورة أكبر». وبما أن الكثيرين يربطون بين نجاح مهرجان أبوظبي السينمائي ونظيره في دبي، إلا أن المسؤولين في المهرجانين يؤكدون أن النجاح متاح للجميع، ولا يوجد أي تنافس على التميز، وهو ما تؤكد روح التكامل بين المهرجانات التي تقام في دولة الامارات العربية المتحدة، والتي يبدو التنسيق فيما بينها واضحا، حتى في مواعيدها.

ويمكن القول إن دورة هذا العالم من المهرجان، تميزت عن النسخة الأولى، بطرحها لعدد من المبادرات التي تعتبر فريدة في المنطقة، خاصة أن المهرجان وعلى الرغم من أن عمره الذي لا يتجاوز السنتين، إلا أنه استطاع تحقيق سمعة طيبة، وأن يؤسس ليكون أحد أهم الفعاليات السينمائية في المنطقة.

ويتميز المهرجان بكونه الأغلى في العالم من حيث قيمة الجوائز الممنوحة فيه والتي تفوق مليون دولار أميركي، وهي جائزة اللؤلؤة السوداء، تحصل عليها الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان والتي تبلغ أكثر من 60 فيلما من 32 دولة تتنافس في عدد من الفئات تشمل الطويلة (التسجيلية والروائية) والوثائقية والقصيرة وأفلام الطلبة ومسابقة الإعلانات وجائزة الجمهور، حيث سيتم إعلان الأفلام الفائزة في الحفل الختامي للمهرجان يوم 19 أكتوبر.

وينضوي تحت مظلة المهرجان أيضا، عدد من البرامج التي تشمل عرض العديد من الأفلام من جميع أنحاء العالم، وهذه البرامج هي أفلام العروض الخاصة و«مخرجات من العالم العربي» و«مهرجان المهرجانات» ويعرض 24 فيلما من أهم الأفلام التي سبق عرضها في مهرجانات عالمية و«الأفلام البيئية» و«ستون عاما على تقسيم فلسطين».

كما تضم فعاليات المهرجان عددا كبيرا من الجلسات الحوارية المتخصصة والنقاشات المهمة مثل حلقة البحث التي تناقش ولأول مرة صناعة السينما في العالم العربي، كما يشهد المهرجان عددا من التكريمات، ونذكر منها على سبيل المثال معرض صور يقام لروح الراحل يوسف شاهين وتكريم خاص بالمخرج التونسي الراحل ناصر الخمير.

وصمم حفلات افتتاح واختتام المهرجان للعام الثاني على التوالي مصمم الرقصات والاحتفالات العالمي الرائع أوتيس ساليد، حيث ألقت استعراضات هذا العام الضوء على السينما العالمية مع إبراز الجوانب الثقافية والتراثية لإمارة أبوظبي ودولة الإمارات العربية المتحدة. ومما يميز هذين الحفلين أيضا، هو عرض فيلمي «الأخوان بلوم» للمخرج العالمي ريان جونسون في حفل الافتتاح و«كتلة من الأكاذيب» للمخرج ريدلي سكوت في حفل الاختتام.

ونظرا للغنى الكبير في الفعاليات، فقد قررت إدارة المهرجان إطلاق فضائية MEIFF TV على ترددات مختلفة على الأقمار الصناعية، حيث تغطي في بث حي ومباشر حفلي الافتتاح والاختتام، إضافة إلى تغطية شاملة لجميع فعاليات المهرجان من احتفالات وفعاليات السجادة الحمراء ومحاضرات وجلسات حوارية ومؤتمرات صحافية، كما تبث القناة لقاءات حصرية مع ضيوف المهرجان من أشهر نجوم السينما والفن العالميين، من ممثلين ومخرجين وصانعي أفلام ومنتجين، ناهيك من تفردها بالتصوير في كواليس المهرجان.

التعدد العنصري كان حاضرا أمس في ثنايا المهرجان، فجمعت أفلام يوم أمس، بين روح آسيا وحضارة أفريقيا مع نكهة أوروبية باقتدار، في تجانس ثقافي خلاب يعكس روح المهرجان في التعرض إلى القضايا الإنسانية الملحة مثل التفرقة العنصرية، إضافة إلى فيلم وثائقي يحبس الأنفاس.

واختتمت الأمسية بعرض لفيلم «كارزز» للمخرج ساتيش كاوشيك الذي يعيد تقديم فيلم «كارز» الذي عرض في ثمانينات القرن الماضي، وهي قصة حب وخيانة وانتقام، على خلفية موسيقية قوية ألفها «سمير»، وتم تصوير الفيلم في كيب تاون.