لبنانية ترسم وتكتب بفمها.. وتحضّر دكتوراه في الإسلاميات

أنجزت 5 كتب وشاركت في معارض فنية وحاولت الانتحار 3 مرات

ماري ـ ايلين أبي صعب على مقعدها الدوار
TT

هل تستطيع امرأة أن ترسم بفمها بدلاً من يدها وتشارك في معارض الفن التشكيلي؟ وهل تستطيع امرأة أن تكتب بفمها، بدلاً من يدها، مقالات وكتباً تنشر أو تعد للنشر؟

الجواب الطبيعي: بالتأكيد، لا.. لكن اللبنانية ماري ـ ايلين أبي صعب كسرت القاعدة، وهي تمارس الرسم والكتابة بواسطة فمها، من دون الحاجة الى يديها، تعويضاً عما أصاب جسدها من كتفيها الى أخمص قدميها من شلل أقعدها جسدياً، لكنه أشعلها فكرياً ونفسياً. لماري ـ ايلين قصة تستحق أن تروى. فهي اليوم في الثالثة والاربعين من العمر، عاشت منها 27 سنة مع الشلل الذي حرمها الاستقلالية منذ نعومة أظفارها، وفرض عليها العيش في معهد المعاقين ببلدة بيت شباب اللبنانية الجبلية، ملازمة مقعدها الدوار. وهي تقول لـ«الشرق الاوسط»: «كنت في السادسة عشرة من عمري عندما تكرّر شعوري بتعب غير مفهوم، الى ان وقع عليّ ما لم يكن في الحسبان، أي مرض تصلب الصفائح. وبدأت أفقد توازني تدريجياً، وفي عام 1995 فقدت القدرة على استعمال قدميّ، وبعد بضع سنوات فقدت القدرة على استعمال يديّ، وما لبثت ان فقدت حريتي، وانتابني شعور بالاحباط». ولكن على الرغم من وضع ماري ـ إيلين غير الصحي، ورغبة منها في السعي الى حياة طبيعية، التقت تاجراً مصرياً ما لبثت أن اقترنت به على الرغم من تردّد عائلتها. ولم يطل هذا الزواج، لكن العلاقة بين ماري ـ ايلين وعادل بقيت قائمة حتى إعلان الطلاق عام 2000.

وتعترف ماري ـ ايلين بأنها حاولت الانتحار ثلاث مرات عبر تناول الحبوب المنومة بكميات كبيرة. «ولكن في كل مرة كنت أستيقظ بعد ثلاثة أيام من الغيبوبة، وكأن الخالقَ سبحانه وتعالى لا يريد ان يسترد الأمانة بعد.. فأدركت أن حياتي لا تتعلق بإرادتي، بل بالخالق عز وجل». وبعدما تخطّت إحباطها، كثفت اهتمامها بالأدب العربي والدراسات الاسلامية، وهي تحضّر حالياً لنيل الدكتوراه بعد نيلها إجازة في الدراسات الاسلامية تعتزّ بها. وفي عام 2001، انتقلت الى الرسم، واستعاضت عن القلم بين شفتيها بالريشة التي تغمسها بالغواش أو «الأكواريل» لتجسّد أفكارها على اللوحة. وقد تحوّلت غرفتها بالمؤسسة الصحية لصالة عرض للوحاتها، وشكلت نافذتها منطلقاً الى الترحال ـ ولو ذهنياً ـ نحو القرى والجبال اللبنانية. ولا تستنكف ماري ـ إيلين عن استيحاء الصور الفوتوغرافية، ولم تتوان عن المشاركة في المعارض الجماعية، وكان آخرها في ديسمبر (كانون الاول) 2007. وبهذا الاصرار وهذه «التقنية» الفذة فعلاً، انصرفت أيضاً الى الكتابة بمعدل صفحة كل يوم، فأنجزت خمسة كتب، اولها «منطق أرسطو من وجهة النظر العربية»، تلاه كتاب «الحلم المكسور» حول اغتيال الصحافي جبران تويني. وهي تقول: «أنا الآن أبحث عن ناشر لمؤلفي الجديد: (لبنان، الشرق الاوسط: حرب وسلام). وعن أشخاص إنسانيين لمساعدتي على الاستمرار، لأن الطريق صعب فكيف إذا كنت على مقعد دوار». والحقيقة ان هذا المقعد مجهّز بهاتف جوال، وبدلاً من رنينه يصدح بالغناء، أما اللوحة التي تلونها بالرسوم والورقة التي تدمج عليها المقالات فمعدة بطريقة تسهّل عليها حركة.. الفم!