فنان مصري يتم جدارية عن الموالد اتساعها 32 مترا وارتفاعها 1.4 متر

اعتمد في رسمها على 72 ساعة تسجيل فيديو

لوحة «الموالد» للفنان طه قرني
TT

تشكل «الموالد» في مصر حالة شعبية فريدة تختلط فيها الشعائر الدينية بالمظاهر الدنيوية المتشعبة في حالة من الذكر والتوحد في عالم الغيب والنشوة، ليعد (المولد) الحدث الذي يمثل جزءا كبيرا من الشخصية المصرية على امتداد الزمان والمكان في جانبها الشعبي. ولعل هذا كان الدافع وراء الجدارية التي رسمها الفنان التشكيلي المصري الدكتور طه قرني الجديدة التي تمتد باتساع 32 مترا عرض و1.4 متر ارتفاعا، لتتجاوز (المولد) لوحته البانورامية السابقة التي دخل بها موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأكبر جدارية في العالم والتي حملت اسم «سوق الجمعة».

وقال قرني لـ«الشرق الأوسط» «بداية الموالد كانت مع الدولة الفاطمية، أقامها الفاطميون مجتذبين بها المصريين بما لهم من تاريخ عريق منذ العصر الفرعوني واحتفالهم بأعياد الملوك ورموز الآلهة، وفيضان النيل، ثم معرفة الفاطميين بمدى حب المصريين لآل البيت، فأقام المصريون بعض الموالد بداية بالاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وتبع ذلك الاحتفال بمولد بقية آل البيت المدفونين في مصر، وكانوا ينحرون الذبائح ويعلقون المصابيح والأعلام ويمتطون الخيول والجمال قاصدين مقامات وأضرحة الأولياء الصالحين متسربلين بالدين، دافعين بالمنشدين وقصائدهم التاريخية كابن عربي والبوصيرى وابن الفارض والحلاج وغيرهم».

ويضيف قرني «الموالد لم تتوقف إلا في الدولة الأيوبية ولبعض الوقت واستمرت بعد ذلك وكثر الولاة وتعددت المقامات ونصبت لها الموالد تباعاً، وتولاها أصحاب الطرق وأتباع الأئمة، حتى جاءت الحملة الفرنسية على مصر (1798 – 1801)، حيث أمر نابليون بإقامة الموالد ودفع مبلغ من المال للشيخ البكرى شيخ الطرق الصوفية في ذلك الوقت حتى بلغ عدد الموالد المقامة الآن نحو 3650 مولدا، منهم من دفن فعلا تحت هذا القباب ومنهم غير ذلك، ومنهم من صنعتهم الخرافات أيضاً».

وعن لوحته الجدارية يقول قرني » إنها تحمل عالما لا نهائي من الشخوص والمظاهر الاحتفالية والحسية التي يعيشها المحتفلون بالموالد الشعبية على اختلاف طبقاتهم حينما تتساوى في حلقات الذكر الهامات وتقترب النفوس في نقطة واحدة من الإشراق الروحي، فنرى الدراويش وحاملي البخور والمقرئين والمنشدين والباعة والمهمشين ممن تجمعهم الموالد في زخمها لنيل الرضا في الدنيا والدين».

ونفى قرني أن هاجس الدخول في سجلات موسوعة جينيس للأرقام القياسية كان في مخيلته وهو يرسم هذه الجدارية العملاقة، وقال «لم استطع الفصل طوال رحلتي مع الجدارية لقرابة سبع سنوات كاملة من التتبع والمعايشة الواقعية لموالد مصر، فلنا أن نتخيل وجود أكثر من 363 طريقة تحتفل بموالد مشايخها».

وأوضح أنه سجل أكثر من 72 ساعة فيديو لموالد مصر، وقال «كان علي أيضا أن افهم وأتعمق في الفرق بين كل مولد وآخر، خاصة من الناحية الرمزية للألوان، فكل مولد له رمزية في اللون، مثل الأحمر للدسوقية، والأخضر في الأزرق وشريط اصفر للشاذلية مستخدما ما يزيد عن 300 ألف علبة ألوان لكي تخرج الجدارية في صورتها النهائية. وأكد الفنان التشكيلي طه قرني أنه لا ينوي بيع الجدارية العملاقة، معربا عن أمله في أن تتبناها وزارة الثقافة المصرية كواحدة من الأعمال التي تؤرخ لثقافة وتراث مهم في مصر وان تختار لها المكان اللائق بها.