اختتم هذا الأسبوع في مدينة دهوك بأقصى شمال إقليم كردستان العراق، المهرجان السنوي الأول الذي نظمته جمعية النحالين في كردستان والتي تتخذ من العاصمة اربيل مقرا لها واستمر ثلاثة أيام.
وشارك في هذا المهرجان الزراعي نحو ثمانين نحالا من محافظات الإقليم الثلاث، اربيل والسليمانية ودهوك، بالاضافة الى كركوك، وجرى خلال المهرجان الذي قررت الجمعية إقامته سنويا عرض نماذج مختلفة من خلايا تربية النحل في كردستان، منها الخلايا المتعارف عليها في العالم والمصنعة من الخشب على شكل مكعبات، بالاضافة الى نوع مميز من الخلايا التي يصنعها النحالون في الريف الكردي. وهذه عبارة عن قفص مخروطي الشكل، يصنع من الاغصان الرفيعة لأشجار التوت او الخيزران، حيث تنسج بكثافة ثم توضع في المواقع التي يستغلها النحل لبناء الخلايا، بعد عمليات الطرد التي تتم في خلايا النحل، لا سيما في فصل الربيع عندما تهجر الملكة مع مجموعة من الشغالات خليتها الأصلية لتبني أخرى.
وعادة يستغل النحل فتحات الجبال او ثقوب الاشجار المعمرة كالجوز او اللوز التي تكثر في كردستان لبناء خليته الجديدة. لذلك يعمد المزارعون والنحالون في قرى كردستان الى وضع تلك الاقفاص المخروطية في فتحات الجبال وثقوب الاشجار لحين استكمال النحل للخلية وملء العيون السداسية بالنحل، فيقومون بإخراج الأقفاص وكسرها واستخراج العسل إما يدويا أو بواسطة المصافي فيباع في الأسواق المحلية بأسعار باهظة، خصوصا العسل النقي. كما جرى عرض أهم وأحدث الطرق والأساليب العلمية المتبعة في وقاية خلايا النحل من الأمراض والآفات الفتاكة وعلى رأسها حشرة الفاراوا التي تفتك بخلايا النحل، اذ تبتر جناحي الشغالات فتموت بحد حين ثم تنخر الأساس الشمعي للخلية في الصميم فتقضي عليها كليا، بالاضافة الى تقديم حلقات نقاشات ومحاضرات علمية عن تربية النحل وكيفية تطوير المناحل. ويقدر عدد النحالين في محافظة دهوك وحدها بنحو 3500 نحال من بينهم 2200 نحال من ضمنهم 400 امرأة ينتمون جميعا الى جمعية النحالين في كردستان بصفة أعضاء.
وقال النحال آراز شريف الذي يملك منحلا من 12 خلية في منطقة كرميان إن اقامة هذا المهرجان سنويا في جميع ارجاء كردستان سيحث المزارعين ومربي النحل على تكثيف اهتمامهم بهذا الجانب الزراعي الهام وزيادة الإنتاج المحلي من العسل، وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» ان على الجهات المعنية في وزارة الزراعة في الإقليم تشجيع النحالين وتوفير مواد زيادة الإنتاج كالأساس الشمعي الضروري وأدوات مكافحة الأمراض والأوبئة التي تهدد خلايا النحل، ومنحهم قروضا مالية لتطوير مناحلهم المتواضعة في جميع مناطق الإقليم مع انشاء معامل خاصة لتعليب العسل الكردي الشهير بغية تصدير الفائض منه الى الخارج بعد سد حاجة السوق المحلية.
وأعرب الكثير من النحالين عن رفضهم تصدير إنتاجهم الى خارج الإقليم من دون إخضاعه لرقابة دقيقة وفحوصات مخبرية مسبقة للمحافظة على نقاوة وجودة العسل الكردستاني المميز، مطالبين بتولي جهات رسمية في الإقليم عملية مراقبة تصدير المنتج، كما دعوا الى انشاء مختبرات للسيطرة النوعية على العسل منعا للتلاعب والغش وحفاظا على سمعة العسل المحلي في الأسواق وثقة المستهلكين بجودته، مؤكدين في الوقت ذاته ان تصدير منتجهم من العسل الى الأسواق الأجنبية والعربية يشكل فرصة جيدة للنحالين الكرد للتعريف بمنتجهم وكسب ثقة المستهلكين العرب والأجانب، لا سيما ان تجربة تصدير كميات محدودة من العسل الكردستاني الى الأسواق السورية والأردنية في وقت سابق من هذا العام قد أتى بنتائج مشجعة.
وبحسب مصادر جمعية النحالين في كردستان فان جهات حكومية وتجارا في الإقليم والعراق يسعون الآن لفتح قنوات لتصدير العسل الى الأسواق الخليجية وتحديدا الى دولة الإمارات، وتقدر الدفعة الأولى المقرر تصديرها بأكثر من 10 أطنان من العسل، في وقت لاحق من هذا العام.
وبموازاة ذلك تحاول الجمعية التي تأسست عام 2004 وتضم أكثر من 10 آلاف نحال، إقامة دورات لمربي النحل في جميع أرجاء الإقليم، بغية تطوير خبراتهم العلمية في هذا المجال، الى جانب السعي لإنشاء معامل لتعليب العسل الذي يقدر إنتاجه في إقليم كردستان بنحو 500 طن سنويا، ينتج 40 طنا منه في محافظة دهوك وحده.