بيت الشعر المغربي يمنح جائزة الأركانة العالمية لمحمود درويش

اعتبر المناسبة احتفالية وليست تأبينا

TT

* «حاصر حصارك لا مفر إضـرب عدوك لا مفر»

* بهذه الأبيات الشعرية التي رددها على خشبة المسرح الوطني محمد الخامس بالرباط ، أعضاء فرقة فنية شابة، انطلقت فعاليات أمسية، وصفها حسن نجمي، رئيس «بيت الشعر في المغرب»، «بأنها ليست تأبينا بل احتفالية بشاعر كبير هو محمود درويش، بمناسبة منحه جائزة الأركانة» ـ إسم شجرة لا تنبت إلا في المغرب ـ في دورتها الثالثة. وقال نجمي إن الشاعر «امتلأ بالغبطة» حين تم إخباره بفوزه بها يوم 30 مايو (ايار) الماضي، وهو الذي حدد تاريخ ومكان تسلمها، «في هذا المكان الأثير لديه، لكن هذا الموعد أربكه الموت». ويضيف نجيب خداري، نائب رئيس «بيت الشعر»، «ولولا الموت لدخل درويش المسرح، ممشوق القوام، وجلس مرهف السمع، متقد الروح». وأوضح خداري «إننا لسنا من هواة المراثي»، واصفا الحفل بأنه «لقاء واحتفاء بشاعر عربي كبير، تشرفت به شجرة الأركانة النبيلة والعصية التي لم تختر إلا المغرب لتمنحه زيتها البهي، ولنتذكر جميعا محمود درويش، فهو حي وسيبقى حيا بيننا، دائم الحضور الجميل».

ولم تملك ثريا جبران، وزيرة الثقافة المغربية نفسها من التأثر، وهي تتحدث عن محمود درويش الذي استقبلته أكثر من مرة في بيتها، ووسط أسرتها الصغيرة، وقالت إن حضور درويش «كان يعطينا الإحساس الصادق العميق بقيمة الشعر والإبداع والفن في وجودنا وفي كياننا وفي علاقاتنا الإنسانية والأخوية»، مشيرة إلى أنه «يستحق الوفاء لشخصه العميق النادر المتواضع، ولشعره الإنساني العظيم، وللقيم النضالية الرفيعة، التي كرس حياته كشاعر وكمثقف وكمناضل وكفلسطيني حقيقي صادق، للدفاع عنها وتبنيها وترسيخها في الوجدان العربي وفي الوعي الإنساني».

وأدلى محمد الأشعري، رئيس لجنة تحكيم الجائزة، بكلمة بالمناسبة عن درويش «الذي طاف بيننا شجرة من تربتنا، وصوتا من أعماقنا»، وأشار إلى «أن شجرة الأركانة، بمقاومتها وفرادتها وعشقها للنساء ستفرحه»، وأضاف «إن محمود تربكه المحبة، وتشحذ حسه الساخر، كذلك كان في إنصاته للمغرب، وفي انشغاله بقضايانا، ومعاركنا وخصوماتنا الطفولية». وتنوعت فقرات الحفل بين الشعر والموسيقى والغناء، حيث ألقت الفنانة خلود قصيدة «ريتا»، وقرأت الممثلة مجيدة بنكيران نصا كان الشاعر محمود درويش قد كتبه عن مدينة الرباط، «المرفوعة فوق أمواج البحر العالية»، وقدم الشاعر المغربي ياسين عدنان، والشاعرة مليكة العاصمي، مقتطفات شعرية، وشنف الفنان اللبناني مارسيل خليفة، رفيق درويش على درب الفن والإبداع، أسماع الحضور بأدائه لأغنيات «يطير الحمام»، و«ريتا»، و«أحن إلى خبز أمي»، و«أنا يوسف يا أبي»، و«في البال أغنية»، وأنشد معه الجمهور كل مقاطعها، فيما يشبه «الكورال» في أداء جماعي، في مسرح امتلأت مقاعده عن اخرها، وجمع بين الوزراء والسفراء والناس البسطاء، إذ يحظى خليفة بشعبية كاسحة في المغرب.

وفي إحدى اللحظات، وأمام ازدحام برنامج الحفل بكلمات المشاركين، ضج الجمهور، رافعا الصوت، مطالبا بمارسيل خليفة. وتسلم جائزة الأركانة العالمية، التي منحت هذا العام بدعم من صندوق الإيداع والتدبير المغربي احمد درويش، شقيق محمود درويش، الذي بدا متأثرا وهو يذرف دمعة سالت على خده، وتحدث عن علاقته بشقيقه الراحل منذ أيام الطفولة. وأجمع كل الشعراء والمبدعين المغاربة والعرب، الذين تناوبوا على المنصة، على قوة تجربة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش الشعرية، وعمق خصاله الإنسانية النبيلة، من خلال استحضار ذكرياتهم معه. وهم صديقاه الشاعر طاهر رياض من فلسطين، وغانم زريقات من الأردن، والشاعر المصري احمد عبد المعطي حجازي، والناقد السوري صبحي حديدي، الذي تلا شهادة للشاعر السوري الكردي سليم بركات، المقيم بالسويد.