معرض «شاهد وشهيد» في جدة يحتفي بذكرى الملك الراحل الفيصل

بحضور واسع لشخصيات بارزة وباحثين وطلبة

الملك فيصل خلال رحلة الحج
TT

تحول معرض «شاهد وشهيد» الذي تحتضنه جدة منذ نحو شهر إلى مزار لأهالي جدة، وفي مقدمتهم شخصيات فنية ورياضية وتعليمية، إضافة إلى طلاب المدارس والجامعات والمهتمين، والكثير من سكان مدينة جدة والمدن القريبة منها.

وتسابق الباحثون والعطشى لسيرة الفيصل التي ملأت التاريخ بعدله وحكمته وقوته في الحق للعودة من خلال معرض «شاهد وشهيد» في محطته الثالثة في جدة للكثير من مآثر الملك الشهيد فيصل بن عبد العزيز ثالث ملوك الدولة السعودية الحديثة وأحد أهم رموزها.

وحظي المعرض، الذي يستمر 45 يوما في مركز جدة للمعارض، منذ يومه الأول بحضور جماهيري كبير فاق التوقعات. إذ أشار منظمو المعرض لـ«الشرق الأوسط» الى ان المعرض زاره نحو 15 الف زائر.

ونظم المعرض مؤسسة الملك فيصل الخيرية ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وكانت أولى محطتين له مدينتي الرياض وأبها.

وزار المعرض منذ افتتاحه وفود عربية وأجنبية تمثل سفارات وقنصليات الدول العربية والأجنبية في جدة. ولعل آخرها كانت زيارة وفد السفارة الاميركية. كما ان المعرض يشهد هذه الايام حضورا كبيرا من طلاب المدارس والكليات.

«الشرق الأوسط» تجولت في ارجاء المعرض الذي حكى قصة كفاح الملك فيصل ومواقفه في سبيل نهضة بلاده واحتوى على الكثير من المعلومات الموثقة بالصور المختلفة عن رحلات الملك فيصل ومواقفه السياسية من القضايا العالمية والإقليمية والمحلية كما احتوى على عدد من الصور النادرة جدا للمك فيصل صورت للأجيال السعودية الجديدة تاريخ الملك الثالث في الدولة السعودية الثالثة.

زائر المعرض ومنذ دخوله له تستقبله صورة الملك فيصل رافعا يديه وكأنها ترحب بمقدمه، يقابلها في الجانب الآخر صورة أخرى للملك الراحل وهو في سن الثالثة عشرة.

وبمجرد دخول الزائر للمعرض يجد نفسه حائرا من اين يبدأ، فكل ما في المكان يحكي مجدا، صورا نادرة وخطبا رنانة تصدح ومشاهد من افلام لرحلات تعرض في ارجاء المعرض تجعل الزائر مقتنعا بأن المعرض «يخاطب الحواس الخمس»، ابتداء من صور الملك فيصل وهو في سن الطفولة مع معلومات وافية عن مولده ودراسته، مرورا بصور الملك فيصل في رحلاته منذ ان كان طفلا، وعبر فيلم وثائقي عن اول زيارة له الى بريطانيا وهو في سن الثالثة عشرة حيث التقطت له أول صورة فوتوغرافية، إضافة إلى بعض المواقف التاريخية والطبيعية التي واجهها الملك فيصل في تلك الرحلات.

وفي مكان ليس بعيدا من ذلك، يعرض سيف الملك فيصل «الشامان» وهو احد المقتنيات النادرة الموجودة في المعرض اضافة الى صور ومعدات ترميم وبناء استخدمها الملك فيصل في عملية ترميم الكعبة، وبجوارها صور الملك أثناء قيامه بعمليات الترميم، ورسمت تلك المشاهد في مخيلة الجميع صورة عن تواضع الملك ومشاركته في أعمال الخير، إضافة إلي مشاركته في الكثير من الاحتفالات الشعبية وملاقاته الناس على حصيرة أرضية يستمع فيها إلى طلبات المواطنين.

كما يعرض في المعرض أيضا عدد من الاوسمة التي حصل عليها الملك فيصل من ملوك ورؤساء الدول في ذلك الوقت، إضافة الى جواز سفر الملك فيصل وبعض رحلاته.

ولكن اكثر المقتنيات المعروضة تأثيرا كان مصحف الملك فيصل الذي كان مفتوحا على آخر آية قرانية قراءها الملك فيصل ليلة وفاته وهي آخر آية من سورة الحج «وجاهدوا في الله حق جهاده، ملة أبيكم ابراهيم»، وكذلك ساعته الخاصة والمذياع الذي كان يستمع إليه وركوة القهوة والفناجين التي كان يشرب منها خلال رحلاته البرية والتي كان يحرص على أن يبهرها بنفسه.

وعرض المعرض بعض الكتب والروايات التي كان الملك فيصل يحب قراءتها مثل «كليلة ودمنة» وكتاب «انس المنهج وحدائق الفرج» لابي عبد الله الادريسي، و«دلائل الخير» لمحمد بن سليمان، كما ضم المعرض، الذي يعد تاريخا كاملا لحياة الملك فيصل، صورا ومعلومات عن مراحل حياته وتوليه الحكم وبعض المؤتمرات والاحداث العالمية التي شارك بها، إضافة الى أهم الخطب والحوارات والمقابلات التلفزيونية التي أجراها، خصوصا تلك التي أجراها مع إحدى القنوات الأميركية.

ووضع جناح خاص للاستماع الى خطب وكلمات الملك فيصل وشهد هذا الجناح نسبة زوار كبيرة لما كان يتمتع به الملك فيصل من فصاحة في الكلام اثناء القاء الخطب. وكان الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث الإسلامية والمشرف العام على المعرض قد اشار أثناء افتتاح المعرض ان المحطة الثالثة للمعرض في جدة تستهدف إلقاء مزيد من الضوء على تاريخ شخصية عظيمة خدمت أمتيها العربية والإسلامية وناصرت قضاياهما العادلة طيلة حياتها.

وأكد الأمير تركي أن «الفيصل» من الشخصيات التاريخية التي بدأت إسهاماتها ومشاركاتها الفاعلة على المستويات العسكرية والسياسية والإدارية منذ سن مبكرة حيث نهل من معين والده المؤسس الملك عبد العزيز طيب الله ثراه حتى حقق الله على يديه خيرات عدة، شمل الله بنفعها وطنه وأمته، مفيدا أن المعرض يشمل الكثير من المعلومات الموثقة بالصور عن رحلات الملك فيصل خلال سنوات عمره المختلفة ومواقفه السياسية إزاء العديد من القضايا المحلية والإقليمية والعالمية. وقال رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث الإسلامية والمشرف العام على المعرض «إن عنوان المعرض «الفيصل.. شاهد وشهيد» يجمع بين الحقبة الزمنية التي كان الملك فيصل شاهداً على أحداثها مع دخوله مجال السياسة والحكم في سن مبكرة في العقد الثاني من القرن الماضي وحتى يوم استشهاده ـ يرحمه الله ـ عام 1395هـ مبيناً أن المعرض يتضمن صوراً فوتوغرافية نادرة للملك ومشاهد متحركة ولقطات فيديو تسجل مراحل متعددة من مسيرة الملك الراحل إضافة إلى بعض المقتنيات الخاصة وعدد من المخطوطات والنصوص المكتوبة». وأضاف «سيتم عرض عدة خطب نادرة للملك فيصل، وتسجيلات لأول مرة لمشاهد خلال لقائه مع المواطنين تكشف قرب الملك فيصل من شعبه وتعرفه عن كثب على مشاكلهم وتلمسه احتياجاتهم».

وأشار الأمير تركي إلى أن المعرض بشكل عام يتناول سيرة الملك فيصل منذ كان ممثلاً خاصاً لوالده الملك عبد العزيز في أوروبا وهو لم يتجاوز الثالثة عشر من عمره وحتى توليه الحكم عام 1384هـ إضافة إلى استعراض تاريخ نضاله في سبيل القضايا العربية والإسلامية مثل قضية فلسطين وسعيه الدؤوب تجاه تضامن ووحدة الأمة الإسلامية وهما قضيتان نذر الفيصل ـ يرحمه الله ـ الكثير من وقته وجهده من أجلهما. وكشف المشرف على المعرض أن المعرض سينطلق بعد جدة إلى الدمام ثم محطات أخرى داخل المملكة ثم خليجياً وعالمياً مشيرا إلى أنه سيقام على هامش المعرض عدد من الفعاليات التي تتناول الحديث عن شخصية الملك فيصل والحقبة الزمنية الخالدة التي شهدها.

من جانبها أوضحت الأميرة مشاعل بنت تركي الفيصل في هذا الصدد أن المحطة الثالثة تضم مقتنيات وكتبا وكلمات نادرة للملك فيصل يرحمه الله والعديد من الصور التي تمثل مراحل من حياة الملك الراحل مشيرة إلى أن المعروضات التي يحتويها المعرض تبرز مرحلة مهمة من تاريخ المملكة وتسلط الضوء على جوانب عدة من تاريخ الملك فيصل وما قدمه لشعبه وللأمتين العربية والإسلامية.

وأضافت الأميرة مشاعل أن المعرض يعد فرصة مناسبة لأولئك الذين لم يعاصروا الملك الراحل للتعرف على إنجازاته وإسهاماته المميزة في جميع المجالات، كاشفة أن الملك فيصل يرحمه الله أولى اهتماما كبيرا بتعليم الفتيات وكان ينظر إلى المرأة على أنها شريك كامل في عملية التنمية المستدامة ومنجز رئيس في سلم التقدم والحضارة ومن ثم فقد أسهمت هذه الرؤى في وضع أسس البنيان الثقافي والحضاري والتنموي المعاش.

ودعت الأميرة مشاعل إلى إجراء المزيد من الدراسات والأبحاث العلمية التي تتناول جوانب ربما غير معروفة عن الملك الراحل لدى الكثيرين، مؤكدة أن قصة حياة الفيصل ورحلة كفاحه تحتاج إلى مجلدات ضخمة لرصدها.

يذكر الى انه ستقام على هامش المعرض 22 ندوة ومحاضرة يقدمها فيها نخبة من أبرز الإعلاميين والكتاب في الصحافة المقروءة والمرئية.