الوطن بعيون 155 طفلا.. من واحات نخيل إلى ناطحات سحاب

في معرض تشكيلي كشف تأثير الإعلام على نظرة الصغار في السعودية ورسوماتهم

مجموعة من الأطفال المشاركين في المعرض («الشرق الاوسط»)
TT

ربما يتذكر مواليد ما قبل التسعينات حين كان يُطلب منهم رسم لوحة ترمز للسعودية أن أول ما كان يتبادر لذهنهم صور الصحراء والجمال وواحات النخيل، إلا أن تصور مواليد الألفية الجديدة يبدو مختلفاً، حيث عبًّر 155 طفلا شاركوا في معرض تشكيلي بعنوان «وطني.. حبيبي» عن الوطن برسم الأبنية الشاهقة وناطحات السحاب، وكان حضور برجي المملكة والفيصلية في حوالي 90 في المائة من اللوحات أمراً لافتاً لزوار المعرض.

وأفصحت أعمار المشاركين المذيلة في آخر الرسوم أنها تتراوح ما بين 6 و12 سنة، وهو ما تراه منال المحمد، زائرة للمعرض وأخت أحد الأطفال المشاركين، مبرراً لارتباط الطفل بالصورة التي عاصرها للوطن ومظاهر العمران الحديث التي تشمل الأبراج وناطحات السحاب وأجدد الشوارع والمجمعات التجارية، وتعتقد المحمد بأن الأطفال دائماً ما يركزون في رسوماتهم على الشيء الذي يعجبهم ويكون تعبيرهم أصدق تجاهه.

في حين تصف بدرية الناصر، فنانة تشكيلية سعودية وإحدى القائمات على المعرض، رسوم الأطفال المشاركة بـ«المعبرة»، حيث أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الاحساس العالي الذي أظهرته أعمال الأطفال للتعبير عن الوطن يغني عن الكثير من الكلمات ويتجاوز التعليق على مستوى إتقان رسوماتهم البسيطة أو حتى إخضاعها للنقد الفني.

وعلقت الناصر على النظرة التي ركز عليها الأطفال في رسوماتهم بعرض صور المباني الحديثة وناطحات السحاب للتعبير عن الوطن لتوضح أن هذه النظرة جاءت بتأثير مباشر من الإعلام، حيث ترى أن صور الوطن المعروضة عبر التلفزيون والصحف والمجلات ساهمت في تشكيل رؤية جديدة للأطفال تجاه الوطن وجعلتهم ينظرون له عبر ملامح العمرانية التي اعتادوا مشاهدتها.

وكان لافتاً أن يتضمن تكوين اللوحة الواحدة أكثر من صورة، ما بين مبان ونخيل وقلوب ورسم للكعبة المشرفة وآخر للمباخر أو العلم السعودي، وتوضح الناصر أن الحشو الذي أظهرته بعض الأعمال يعد من ناحية فنية أمراً سلبياً، إلا أنها أكدت أن هذه الرسومات تعتبر الخطوة الأولى للصغار وجاءت عفوية ومتفاوتة في مستواها، في حين تشير الدراسات النفسية الحديثة إلى أن عدم تناسق الأحجام والأبعاد مؤشراً لوجود شحنة عاطفية متزايدة لدى الطفل تجاه ما يرسم.

وكما يرى مختصون بأن رسوم الطفل مرآة لصحته النفسية، فإن مشاعر الأطفال التي انعكست على لوحاتهم جاءت بألوان مشرقة ما بين الأخضر العشبي والأزرق المائي والترابي الهادئ، وهو ما وجده زوار المعرض معبراً عن حالة من السلام والشعور بالأمن والراحة التي تعكس نظرة الأطفال المتفائلة للوطن، في حين قرأ بعض الزوار تجانس ملامح العمران القديم بالحديث برغبة الاطفال في الزهو بالجوانب المعاصرة إلى جانب الفخر بمنجزات الماضي.

يذكر أن معرض «وطني حبيبي» تضمن مسابقة لرسوم الأطفال وافتتح يوم الخميس الماضي، حيث نظمته لجنة الفنون التشكيلية والخط العربي في جمعية الثقافة والفنون في الدمام، وذلك بمجمع الظهران التجاري بالمنطقة الشرقية، وقد ضم قرابة الـ70 لوحة، واستمر المعرض ليومين بمصاحبة رسوم جدارية وطنية من قِبل الأطفال الذي تجمعوا حول المرسم الواقع في قلب المعرض.