انتخابات 2008.. حملة مشحونة بالعواطف

دموع أوباما وهيلاري وغصة بايدن وابن بالين

أوباما ينعى جدته (أ.ف.ب)
TT

بعد نهاية الانتخابات الأميركية، وبعد ان تهدأ الضجة حول الساكن الجديد للبيت الابيض تظل في ذاكرة الاعلام اللحظات الحاسمة واللقطات المؤثرة التي أثرت بشكل أو بآخر على سير الانتخابات أو حتى أثرت على قلوب الجماهير العريضة التي تابعت تطور السباق الأكثر إثارة في تاريخ السباقات الرئاسية الاميركية. رغم أن السيناتور هيلاري كلينتون تعد من الشخصيات الصلبة القوية التي تستطيع السيطرة على انفعالاتها وتواجه الكاميرات والجماهير بثقة وثبات إلا ان لحظة عاطفية أمسكت بزمام السيدة الاولى السابقة وجعلت عينيها تمتلئان بالدموع. اللحظة كانت نقطة تحول في حملة هيلاري الانتخابية للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي ضد باراك أوباما. فحين لقائها بالصحافيين في أحد مطاعم مدينة نيوهامبشير تطرقت هيلاري الى الصعوبات التي تواجها كامرأة في الحملة. وفي لحظات بان عليها التأثر واغرورقت عيناها بالدموع ولكنها استطردت «لا أريد ان أرى أمتنا تعود للخلف. هذه القضية تمسني بشكل شخصي ليس فقط من الناحية السياسية، فانا ارى ما يحدث حولنا ويجب أن أغيره».

ومن الطبيعي رفعت تلك اللحظات النادرة من أسهم هيلاري، وهو ما فسر حصولها في هذه الولاية على أصوات أكثر وسط النساء اللائي حركتهن بعواطفها. ومن هيلاري إلى جو بايدن، المرشح لمنصب نائب الرئيس، الذي تلعثم وبان عليه التأثر اثناء المحاورة التي جرت بينه وبين سارة بالين، مرشحة الحزب الجمهوري للمنصب، ففي رده على بالين المتحدثة عن الصعوبات التي تواجها النساء الاميركيات في رعاية أسرهن، رد بايدن قائلا «أنا أعرف المعاناة التي يواجهها الزوج الذي يفقد شريكة حياته. عندما توفيت زوجتي وابنتي وأصيب ولداي.. استطيع ان افهم شعور الاب الذي يفكر في مصير ابنائه». والمعروف ان زوجة بايدن وابنته الرضيعة لقتا حتفهما في حادث سيارة عام 1972 وقام بايدن وقتها برعاية ولديه اللذين أصيبا في الحادث.

وحملت الوكالات العديد من الصور التي أبرزت مواقف مؤثرة للاعبين الاساسيين في الحملة. ومن تلك اللقطات صورة بالين، وهي تحمل طفلها الرضيع من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو ما مس قلوب الكثير من النساء، وخاصة اولئك اللائي يعاني أطفالهن من المرض ذاته. ومن معسكر ماكين، ظهرت صورة لوالدته البالغة من العمر 96 عاما، وهي تمسح دموعها خلال مؤتمر الحزب الجمهوري.

اللقطة الختامية للانتخابات، والاكثر تأثيراً تظل هي اللقطة التي القى فيها أوباما كلمة حيا فيها جدته التي توفيت فجر اول من امس ووصفها، فيما كانت دموعه تسيل، بأنها نموذج لـ«البطل الهادئ» للولايات المتحدة.

وقال أوباما أمام تجمع انتخابي في جامعة كارولاينا بولاية كارولاينا الشمالية وأمام حشد يضم الآلاف: «قد ذهبت». وران الصمت على الجميع. ثم اضاف: «ماتت في سلام، وهي نائمة والى جوارها اختي مايا، وهو ما يبعث على الارتياح، لكن كانت هناك دموع، ولن أحدثكم عنها كثيراً لانه يصعب عليَّ أن افعل ذلك». وقال انه يأمل ان يعرف الناس القليل عنها لأنها تعتبر بطلة مثل الكثيرين في اميركا، مشيراً الى انها عاشت في فترة الكساد الكبير وبين الحربين العالميتين، وكانت تعمل وتترك طفلتها (والدة اوباما) في المنزل في وقت كان فيه زوجها (جد اوباما) يؤدي الخدمة العسكرية في الجيش الاميركي.

وقال اوباما: «إنها كانت سيدة بسيطة وواضحة»، وواحدة من اولئك الناس الابطال في اميركا وتعمل كثيراً من أجل راحة ابنائها واحفادها». وبدا اوباما، المعروف عنه انه يحتفظ برباطة جأشه في كل المواقف، متأثرا وهو يتحدث عن جدته التي تولت تربيته خلال فترة من عمره وبصوت متهدِّج، وجه اوباما الشكر لمنافسه الجمهوري ماكين على رسالة التعازي «الودودة للغاية» التي وجهها اليه. يشار الى ان أوباما علم بوفاة جدته عندما كان في مدينة جاكسونفيل بولاية فلوريدا، بيد انه قرر مواصلة برنامج حملته، كما هو مقرر على الرغم من تاثره البالغ، إذ كان يتمنى ان تشارك جدته في الاقتراع وتحضر النتائج. وأعلن اوباما واخته مايا أنهما سيقيمان عزاء خاصاً في وقت لاحق. وتحدث أوباما امام انصاره عن سيرة حياة جدته منذ ميلادها عام 1922 والمصاعب التي واجهتها في حياتها. وقال اوباما «لقد كانت بالغة التواضع وبالغة المباشرة ايضا، لقد كانت واحدة من هؤلاء الابطال الهادئين الموجودين لدينا في الولايات المتحدة، انهم ليسوا معروفين ولا ترد اسماؤهم في الصحف ولكنهم يعملون كل يوم بجدية ويتحملون مسؤولية عائلاتهم، ويضحون من اجل ابنائهم وأحفادهم. انهم لا يبحثون عن عدسات الكاميرات، بل يحاولون فقط القيام بما يعتقدون انه صحيح». واضاف انه في الجمع الذي يستمع اليه «هناك الكثير من الأبطال الهادئين مثلها».