برافو .. لوتشيانو الماهر الباسل

معرض ذكرى الفنان الذي أثار مشاعر العالم

صحافيان أمام لوحات وأشياء تعود لمغني الأوبرا الصداح لوتشيانو بافاروتي (أ.ب)
TT

من هو الفنان العالمي الذي طبقت شهرته الآفاق وغزت اسطواناته الاسواق وفي الغناء فاز في ميدان السباق وحصل من دول العالم على أوسمة التقدير والاستحقاق وكان ظريفا أنيسا صريحا بسيطا دون نفاق فلا احد تمكن منه اللحاق لا في الموهبة أو الثروة أو الجاه والمجد وعواطف العشاق؟

لا بد أنكم عرفتموه فهو أروع مغني للاوبرا في العصر الحديث: لوتشيانو بافاروتي (1935 – 2007) الايطالي الضخم ابن الخباز المولع بالموسيقى من مدينة مودينا موطن الخل البلسمي والأكل الفاخر والفن الرفيع الذي غادرنا منذ عام وشهرين فأقامت له أرملته نيكوليتا مانتوفاني وبلدية روما معرضا خاصا افتتح منذ اسبوعين ولمدة شهرين في أرقى معارض العاصمة الايطالية بالقرب من النصب التذكاري الشهير للوحدة الايطالية عام 1870 وعمود الامبراطور الروماني ترايانو (تراجان) الذي صممه المهندس المعماري الدمشقي ابولودوروس قبل ألفي عام. اللجنة المنظمة للمعرض شارك فيها وزير الخارجية ووزير الثقافة الايطالي والامين العام السابق للامم المتحدة كوفي انان والامير البرت حاكم موناكو والاميرة هية بنت الحسين وعدد من كبار الفنانين. قبل أن تدخل لتزور المعرض تسمع عن بعد صوت لوتشيانو المميز ينطلق من صالة العرض وحين تجد نفسك في وسط القاعة ستراه بالحجم الكبير على شاشة خاصة وهو يغني مقطوعاته المفضلة من المسرحيات الغنائية التي برع بها مثل البوهيميون لبوتشيني واكسير الحب لدونيزيتي وترى الجمهور المتحمس يصيح: برافو (أي: ماهر وباسل بالايطالية)، وتشاهد كذلك حفلاته الضخمة في حديقة هايد بارك بلندن أو سنترال بارك بنيويورك أو ملعب كرة القدم في مودينا مع أصدقائه أمثال المغنين بونو واريك كلامبتون وايلتون جون وسيلين ديون ولوتشيو دالا وليزا مينيللي وجورج مايكل نجوم الموسيقى الحديثة الشبابية الخفيفة والروك والجاز. يحتوي المعرض على صوره ومراسلاته مع رؤساء الجمهورية الايطالية والاميركية وكبار الساسة ومشاهير رجال الفن في العالم وزملائه من مغني التينور المعروفين كبلاسيدو دومينكو وخوزيه كاريراس الى مغنيات السوبرانو كميريلا فريني ومونسرات كاباييه وبالطبع جون ساذرلاند التي شاركته في غناء اوبراته الناجحة في انجلترا واستراليا وسببت شهرته، وترى أيضا الاثواب الخاصة الثمينة التي فصلت له لاداء أدواره في اوبرات فيردي وبوتشيني والكثير من الوثائق والصور التي جمعها خلال أربعين سنة من العمل المتواصل. يقسم المعرض الى قسمين: الأول يتضمن حياته الشخصية وجذوره العائلية والثاني يحكي قصة حياته المهنية منذ بدايتها عام 1961 والحفلات التي قام بها في العديد من دول العالم بمصاحبة اكبر قادة للاوركسترا امثال هربرت فون كارايان وجورج شولتي وكلاوديو ابادو وريكاردو موتي وجيمس ليفين ثم الحفلات الخاصة لمساعدة اطفال العالم في مناطق الحروب مثل البوسنة وافغانستان.

حياة بافاروتي كانت مليئة بالاحداث وحافلة بالمنجزات فقد تمكن هذا المغني الفريد من إثارة مشاعر وعواطف الجماهير في كافة ارجاء العالم من انصار الموسيقى الكلاسيكية الى محبي الموسيقى الحديثة والراقصة فبإمكانك التعرف على صوته بسهولة بين عشرات المغنين البارعين. تقول زوجته نيكوليتا عن سر نجاحه «انه كان يتمرن على الغناء دوما فالدرس الذي تعلمه حين كان صغيرا واصطحبه والده الى حفلة غنائية في مودينا احياها مغني الاوبرا الشهير آنذاك بنيامينو جيليي وسأل بافاروتي جيليي (وكان عمره 56 سنة) متى توقفت عن الدرس والتمرين فأجابه جيليي: منذ خمس دقائق! لذا فنصيحة لوتشانو للفنانين الشباب كانت دائما: إن كنت ترغب في الغناء على الدوام فعليك بالتمرين باستمرار فالمغني هو طالب مزمن».