«وجوه الفيوم» تتجمَّل في متحف تاريخي يعيد فن التصوير لمهده الأول

كشف عنها أثري إنجليزي في القرن الثامن عشر

لوحات من وجوه الفيوم («الشرق الاوسط»)
TT

تعد وزارة الثقافة المصرية حاليا لإنشاء أول متحف تاريخي من نوعه لوجوه الفيوم، وهي تلك اللوحات التي اشتهرت باسم «صور الفيوم» وتعكس تاريخ تلك المنطقة في العصر الروماني وقيمة فن التحنيط المصري القديم، والحضارة اليونانية.

وقال فاروق حسني وزير الثقافة المصري إنه إدراكا منه بأن مدينة الفيوم من المدن المنسية في الاهتمام الأثري على الرغم من أهميتها التاريخية فانه عرض على رئيس الوزراء د.أحمد نظيف فكرة إنشاء المتحف والذي وافق على الفور باعتبار الفيوم من المدن المصرية التي تضم آثارا تاريخية عبر العصور المختلفة. مشيرا إلى أنه سيتم في وقت لاحق تحديد سيناريو المتحف الذي وصفه بأنه سيكون على أحدث مستوى من التقنيات خاصة أن الفيوم، كانت من المحافظات المنسية في الاهتمام بالعمل الأثري، ما يستدعي سرعة الاهتمام بتاريخها وآثارها.

تعتبر وجوه الفيوم حلقة الوصل بين فن التصوير قديما وفن التصوير في العصور الوسطى، وهو ما يجعل لها أهمية فنية وتاريخية كبيرة وفريدة بعد أن فُقدت نماذج فن التصوير في العصور القديمة، فضلا عن كونها تشكل لحظة مهمة في تاريخ وتطور الرسم القديم. وعثر الإنجليزي الملقب باسم أبو المصريات «سيرفلندرز بتري» على أكبر وأهم مجموعة للبورتريهات‏ في العالم أثناء حفائره بالفيوم في العام ‏1888‏ بالجبانة الرومانية بمنطقة هوارة شمال هرم الملك «أمنمحات الثالث»‏، وكشف عن 146‏ بورتريها وهي أجمل وأروع ما وصل إلينا من بورتريهات سواء من الناحية الفنية أو حالة الحفظ الجيدة.

وبعد خروج تلك «البورتريهات» للعرض بالعديد من متاحف أوروبا الأثر نالت شهرة كبيرة لا تقل عن شهرة آثار الفرعون الذهبي «توت عنخ آمون». وعلى الرغم من ظهورها في أماكن متفرقة من سقارة شمالا إلى أسوان جنوبا‏، إلا أنها نسبت إلى الفيوم نظرا للعثور على أكبر عدد منها في مواقع كثيرة بالفيوم‏.‏ ومن الأشياء اللافتة فنيا في هذه البورتريهات اعتمادها أسلوبا زخرفيا فريدا في فن التصوير يعتمد على جماليات خاصة في تصفيف الشعر، تبرز سماتها في اللحية بالنسبة للرجال‏،‏ وفي الحلي وأدوات التزيين بالنسبة للنساء، فقد كان تصفيف الشعر مرتبطا آنذاك بالموضة في روما‏، وهو ما يشير إلى تأثير الفن الروماني على هذه الوجوه‏، كما يبرز تأثير الفن القبطي في تكوين الوجه بزوايا ونسب معينة. وكانت الرسوم تنفذ إما على الخشب مباشرة أو على نسيج المومياء نفسه. كما أن أقدمها يرجع إلى النصف الأول من القرن الأول الميلادي، ومعظمها يرجع إلى القرنين الثاني والثالث الميلاديين‏‏، وبعضها يرجع إلى القرن الرابع الميلادي‏. ولم تظهر وتنتشر في تلك الفترة بسبب التراجع عن تحنيط المتوفي، واعتبار ذلك عادة مكروهة دينيا.

وقد أضفت طبيعة مدينة الفيوم الخلابة بصمة جمالية على الرسومات وأصبحت من أهم كنوزها، ورافدا أساسيا من أهم روافد رقي التصوير في العصر الروماني.