سيارات تجاوزت عمر الشيخوخة تستعيد نشاطها في تونس

الدورة التاسعة لسباق السيارات القديمة في شوارع العاصمة التونسية

سيارات كلاسيكية في سباق تونس («الشرق الأوسط»)
TT

مساء الجمعة الماضي لم تكن الحركة في شوارع العاصمة تونس عادية، فقد تجمعت أعداد هائلة من العاشقين للسيارات القديمة على جنبات شارع بورقيبة وكل منهم يمنّي النفس برؤية سيارات نادرة قد لا تتاح له الفرصة مرة أخرى لرؤيتها. أكثر من 52 سيارة تاريخية تجمعت في شوارع العاصمة؛ كل منها لها شكل مميز عن الأخريات. وكل من تلك السيارات لها عشاقها المقتنعون بأنها ستثبت للحاضرين أنها سيارة مختلفة عن الأخريات وما زال لديها من الصلابة وقوة الشكيمة ما يتيح لها منافسة السيارات الجديدة. وبالتأكيد كانت لتلك السيارات صولة الاسبوع الماضي في شارع محمد الخامس. شارك في السباق متسابقون من عدة بلدان أوروبية. وسجل لأول مرة مشاركة «الألفا روميو» الايطالية الشهيرة، وذلك بسيارتين بمثابة الجوهرتين النادرتين اللتين تعودان إلى سنتي 1923 و1930 وتم جلبهما من متحفهما الخاص. إلى جانب مشاركة سيارات أخرى على غرار سيارة «المارـ زاريو» وسيارة «الكابورالي». شاركت في السباق عدة بلدان أوروبية؛ بينها فرنسا وايطاليا وبريطانيا. والملاحظ أن وفود المشاركين ضمت قرابة 40 في المائة ممن شاركوا في الدورات السابقة؛ وبين هؤلاء المتسابق الفرنسي قراندان الذي شارك للمرة التاسعة في هذا السباق بسيارة من نوع «بيقاتي ـ ب 35». كما اشترك جامعون تونسيون لسيارات تاريخية للمرة الأولى، وخصص لهم حيز زمني ضمن برنامج المسابقة. وامتد المسلك الذي جرى فيه السباق حوالي ثلاثة كيلومترات وتم إدخال عدد من التحسينات عليه خلال هذه الدورة، وذلك بإضافة عدد الزلاقات والشبكات الحديدية لحماية المتفرجين. كما تم وضع مدارج على مستوى مفترق «صلامبو» ومفترق «يوغرطة» ليتمكن المتفرجون من متابعة كل أطوار المسابقة. وقال محسن عباس رئيس بلدية تونس إن هذه الدورة تسعى إلى التعريف بما تزخر به البلاد من ثروات حضارية، خاصة ان هذه المسابقة ضاربة في القدم، وهي أقدم من رالي «مونتي كارلو» (مونالكو) رغم احتجابها بعض السنوات. وأضاف أن التونسيين أصبحوا يحتفون بالرياضات الميكانيكية، وهذه المسابقة تجعل المتفرجين يتابعون السيارات التاريخية. المتسابق البريطاني ريتشارد بيلكنغتون الذي يشارك للمرة الثالثة بسيارة من نوع «مازارتي س 300» تعود إلى سنة 1954 قال لـ«الشرق الاوسط» إن الثقة بالمنظمين هي التي جعلته يقبل على المشاركة في هذه المسابقة، وهو يصر على الحضور للتسابق والاستمتاع بالأجواء التونسية. وأبدى إعجابه بإقبال التونسيين على هذه النوعية من السيارات باعتبارها كنوزا لا تقدر بثمن. أما محمد هشلم الجيلاني، المتسابق التونسي الوحيد، والذي يشارك بسيارة «ألفا روميو 1750» تعود إلى سنة 1971 وهو يشارك للمرة الخامسة على التوالي، فقد أكد صعوبة تحضير السيارات القديمة حيث من الضروري الاستعانة بخبراء في المجال حتى تكون السيارات قادرة على المنافسة. وأما سامي عبد العزيز فقد قدم إلى المسابقة من مدينة سوسة الساحلية. وشارك في هذه الدورة بسيارة «بيجو 404» تعود صناعتها إلى 1962 وهو يمتلك مجموعة من السيارات القديمة مكونة من ثماني سيارات قديمة. وقال انه يلاقي صعوبات جمة في صيانة سياراته، إذ تستغرق العملية في بعض الأحيان سنوات متتالية.

ورغم الصعوبات العديدة التي تعترض أصحاب تلك السيارات سواء على مستوى الصيانة أو التسجيل أو جلب قطع الغيار الذي قد يتطلب في بعض الحالات السفر من بلد إلى آخر، فان انتزاع نظرات الإعجاب من المشاهدين عند عرض تلك السيارات العجيبة في شكلها وأدائها، يشحذ عزائم هؤلاء للبحث عن نفائس قد لا يجدونها إلا في المتاحف.