مصر: دور عرض الـ «في آي بي».. تعيد ثنائية «الصفوة» و«الحرافيش»

تذكرة دخولها تساوي 7 تذاكر في السينما العادية

يبلغ ثمن تذكرة الدخول للفرد الواحد 100 جنيه مصري (حوالي 18 دولارا)
TT

«صفوة» و«حرافيش».. هذه الثنائية تتذكرها على استحياء، وأنت تسترخي بانبهار في مقعدك الوثير في دار عرض الـvip الصاعدة بالقاهرة.. وستكتشف بعد برهة أن مشاهدة فيلم «جيمس بوند» الأخير لم تكن هي سبب الانبهار، رغم ما به من حيل وتقنيات سينمائية متطورة.. الانبهار كان سببه فخامة دار العرض التي عُرض بها الفيلم، والتي ظهرت ثلاثة منها في العاصمة المصرية أخيراً، ضمن مجمع «سيتي ستارز» التجاري بضاحية مدينة نصر.

مدخل فاخر ينافس مدخل فندق خمس نجوم وقاعات فخمة تليق بالعظماء، لدرجة أن المشاهد من الأسر المتوسطة والميسورة الحال، لا يندم على ما يدفعه مقابل مشاهدة فيلم دار عرض الـvip، إذ يبلغ ثمن تذكرة الدخول للفرد الواحد 100 جنيه مصري (حوالي 18 دولارا)، وهو مبلغ يساوي ثمن 7 تذاكر دخول السينما العادية بوسط القاهرة، مثل «أوديون» أو «مترو».. كما يساوي ثمن 4 تذاكر في دور العرض المميزة في مدينة نصر مثل سينما «سيتي ستارز»، المجاورة للمبنى الذي يوجد به دار سينما الـvip.

وتتكون دار العرض الفخمة من 36 مقعدا مصنوعا من الجلد الطبيعي من نوع «lazy boy»، وهي متراصة في 6 صفوف. ويبدأ الشعور بالرفاهية والتميز منذ اللحظة التي تعبر فيها بوابة الدخول الخارجية، إلى داخل صالة تؤدي لدار العرض، حيث تشعر أنك دخلت إلى عالم آخر أنيق ومنظم وثري، فعلى يمينك تجد بارا طويلا تستطيع أن تطلب منه ما تريد، وعلى اليسار مقاعد وثيرة للراحة والجلوس وسط ديكورات وصور لأبرز فناني السينما المصرية والعالمية تزين جدران الاستراحة، وتطلق خيالك للعوالم الخيالية التي التصقت بذاكرتك عبر آلاف الأفلام التي شاهدتها في حياتك.. كل ذلك خلال دقائق من انتظار بداية الدخول إلى قاعة العرض السينمائي. تبدو يسرا نجيب (27 عاما) سعيدة وهي إلى جوار زوجها في انتظار الدخول للقاعة.. تدور بنظرها في أرجاء الاستراحة، فهي لم تقف في طابور لحجز التذاكر، أو للدخول، رغم أن الطوابير هي السمة الأساسية في البلاد، حتى في الأماكن الراقية. قالت يسرا: «أمام ارتفاع ثمن التذكرة إلى حد لا يصدقه عقل، كان يمكن أن أندم على المغامرة بقطع تذكرة لدخول فيلم يمكن أن أشاهده في أي دار عرض أخرى سواء هنا في مول سيتي ستارز أو حتى في دور وسط المدينة.. لكن ما سمعته عن درجة الفخامة والتميز في سينما الـvip هذه جعلني أجرب، وحتى الآن يبدو أن التجربة تستحق».

وفي بلد يعتبر نحو 40 في المائة من سكانه فقراء، فإن أول مقارنة أجرتها يسرا، ذات الدخل المتوسط، لثمن تذكرتين لها ولزوجها (200 جنيه) كان هو «ما يمكن أن يشتريه هذا المبلغ من لوازم للبيت.. يمكن أن يشتري 4 كيلوغرامات من اللحم». وبطبيعة الحال لا بد أن يسرا نسيت كل تلك الحسابات بعد أن دخلت وجلست في مقعدها الوثير أمام الشاشة في انتظار بدء العرض.

سيشعر المشاهد بالرفاهية، أو على الأقل بأنه أتى بالسينما إلى منزله، بعدما يقوم بفتح كرسيه ومده إلى الأمام، قبل أن يغوص داخله ويمدد قدميه من دون أن يخشى أن يصطدم بمن أمامه، فالمسافة تتجاوز المترين، وبالطبع لن يخشى أن يضيق المسافة على من خلفه المتمدد أيضا في كرسيه.

ولا تقتصر الرفاهية على الجلسة فقط، وإنما سيجد المشاهد قبل بدء الفيلم بدقائق، نادلا يعطيه قائمة الطعام لكي يطلب ما يريد من مأكولات، محطما بذلك تقاليد دور العرض المصرية بمنع دخول الطعام من خلال شعار مكتوب على واجهة كل باب لمبني من مباني السينما: ممنوع دخول المأكولات. ولا يقتصر الأمر على ذلك، فالمشاهد لن يجد ما يعكر صفو مشاهدته، من صراخ لطفل صغير يريد أن تحتضنه أمه بعدما شاهد لقطة مفزعة، أو صراخ لرضيع جاء موعد رضاعته، فسينما الـvip تحظر دخول الأطفال الأقل من 12 سنة. وقبل عام تقريبا، بدأت سينما الشخصيات المهمة(vip) في مصر، واستطاعت أن تعيد جمهورا كان قد عزف عن دخول السينما تجنبا للمضايقات، سواء من الجنس اللطيف أو من الشخصيات المهمة في المجتمع ممن تجد حرجا في الذهاب للسينما، أو حتى من الفنانين الذين يخشون تكالب الجمهور عليهم أثناء العرض للحصول على توقيعاتهم. رئيس دور العرض في «سيتي ستارز» الفنان أشرف مصيلحي، يرى أن السينما من هذا النوع حققت نجاحا كبيرا، واستطاعت أن تجعل لها جمهورا خاصا بها، ينتظرون ما تعرضه من أفلام، ويقول: نجحنا بنسبة 100 في المائة.

قد يظن البعض أن كل ما تقدمه سينما الشخصيات المهمة تقتصر على تقديم الأفلام الحديثة من خلال شاشات عرضها، لكن تأكيدا لمفهوم رفاهية المشاهدة، تقدم السينما إمكانية طلب عرض فيلم معين قد لا يكون هذا وقت عرضه في السينما أو قد يكون مر على عرضه فترة طويلة، لكن الأمر يتطلب أن يتحمل المشاهد تكاليف العرض كاملاً، ما يعني دفعه ثمن تأجير الفيلم السينمائي، إضافة إلى تحمل تكاليف القاعة (36 مقعدا) حتى لو كان من سيشاهد الفيلم شخص واحد.

وربما يعتقد البعض أن سينما الـvip غير مهمة، أو أنها «ترف زائد»، لكنها استطاعت أن تجذب جمهورا معينا إليها، وحسب القائمين على السينما، فإنه ينتظرها نجاح أكبر مع مرور الوقت، وهم يراهنون على «الأجواء المصاحبة للعرض من طريقة وضع المقاعد أو أجهزة عرض الصوت والصورة ذات التقنية العالية. ومن أغرب ما يمكن ملاحظته من انطباعات للجمهور، ليس حديثه عن الفيلم وإنما عن روعة القاعة وترفها الزائد، لدرجة أن بعضهم ضحك ساخرا، بعد أن خرج من حفلة منتصف الليل التي تنتهي في الثالثة فجرا. وقال أحدهم مازحا إنه يفضل الانتظار في أجواء دار العرض حتى الصباح بدلا من العودة لمنزله.