البصرة: استقرار الأمن يعيد العافية إلى خطوط سكك الحديد

القطارات ترجم بالحجارة عندما تسوء الأوضاع.. وتستقبل بالزغاريد عندما تتحسن

عراقيتان تنظران من خلال نافذة قطار انطلق من محطة بالبصرة الى بغداد (أرشيف «الشرق الأوسط»)
TT

تشهد حركة القطارات على خطوط سكك الحديد في محافظة البصرة بعد استقرار الاوضاع الامنية تطورا متسارعا في نقل المسافرين والبضائع والمنتوجات النفطية بعد توقف دام أكثر من أربعة أعوام.

ويتفق كثيرون من أهالي البصرة على ان القطار هو واحد من المظاهر التي تعكس هيبة الدولة العراقية، فكلما ضعفت الحكومة رجمه الصبيان والاطفال بالحجارة كما حدث في السنوات الاخيرة للنظام السابق والأربع الأولى من الغزو الأميركي للعراق، وكلما كانت السلطات قوية والوضع الأمني والاقتصادي مزدهرا، فضل العرسان الزفاف فيه، وزغردت النسوة لصوت صفارته التي يتعمد سائقو القطارات على إطلاقها عند اقترابهم من أو مغادرتهم مداخل المدن والمحطات.

ويقول كاظم عبد الواحد، مدير محطة قطار المعقل، لـ«الشرق الاوسط» ان «القطار مرتبط بأوضاع البلد؛ ففي منتصف السبعينيات والثمانينيات كانت المحطة تسير أربعة قطارات يوميا ووصل عدد المسافرين من محطة قطار المعقل الى أكثر من 16 ألف مسافر في اليوم الواحد، وتستقبل مثلهم، كما تنقل القطارات آلاف الأطنان من البضائع والسلع المستوردة عبر الموانئ العراقية». ويضيف عبد الواحد بحسرة «لكن الانحدار في خدمة القطارات بدأ خلال سنوات الحصار الى ان توقف القطار عن الحركة تماما بعد الاحتلال عام 2003، إذ تعرضت محطات القطارات والعربات وخطوط سكك الحديد في البصرة وباقي المحافظات الأخرى إلى أعمال سرقة وتخريب أدت إلى شلل حركة سير القطارات، خاصة في مجال نقل المسافرين، ولم تعد الى الخدمة إلا في العام الماضي».

وتشير وثائق محطة قطار المعقل التي بناها الانجليز على ضفاف شط العرب ولا زالت في ذات الموقع، الى ان أول إدارة للسكك بالعراق تشكلت في سبتمبر (ايلول) عام 1916، وكانت تحت سيطرة القوات العسكرية البريطانية، ثم انتقلت الإدارة من عهدة الجيش إلى الإدارة المدنية البريطانية بعد أربع سنوات، بعدها انتقلت ملكية السكك إلى الحكومة العراقية في 16 ابريل (نيسان) 1936 وسميت آنذاك بسكك الحديد العراقية.

وأضاف عبد الواحد أن «الكثير يفضل النقل بالقطارات على الوسائط الاخرى لدقة المواعيد في المغادرة والوصول، وتوفر عوامل السلامة والأمان في نقل المسافرين والبضائع. اضافة الى رخص الأجور»، مشيرا الى تحسن الخدمات في قطار نقل المسافرين والاستمرار في نقل مادة زيت الغاز من مصفى الشعيبة إلى مصفى الدورة، وتسيير قطارات تحمل الحبوب من سايلو أم قصر (60 كلم غرب البصرة) إلى المحافظات، كما انها استأنفت منذ مطلع الشهر الحالي نقل البضائع التجارية عبر القطارات العاملة من الموانئ إلى بغداد ومحافظات الناصرية والسماوة والديوانية والحلة وعشرات الأقضية والنواحي التي تمر بها خطوط سكة الحديد. وأوضح عبد الواحد ان وزارة النقل فتحت الباب أمام المؤسسات الحكومية والتجار من القطاع الخاص لنقل البضائع سواء من الموانئ في البصرة إلى المحافظات أو من محافظة إلى محافظة أخرى بعد توفر مناخ أمني مناسب لقيام مثل هذه الرحلات التجارية. من جهته، توقع محمد مصبح الوائلي محافظ البصرة أن «تشهد محافظة البصرة قفزة كبيرة على صعيد قطاع النقل والمواصلات بعد تلقيه عروضا استثمارية من شركات عالمية»، مضيفا أن «البصرة مقبلة على تحول في مختلف المجالات منها قطاع النقل والمواصلات نظراً للمكانة الاقتصادية والموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به محافظة البصرة، وهي المحافظة الوحيدة التي تشترك في حدودها الادارية مع ثلاث دول مجاورة».

وأشار الوائلي الى ضرورة تفعيل اتفاقية التعاون المشترك التي وقعها مؤخرا عامر عبد الجبار وزير النقل عند زيارته الى البصرة مع الحكومة الألمانية للاستعانة بالخبرات والتصاميم الألمانية لتطوير واقع شبكات سكك الحديد العراقية.