معرض تشكيلي مغربي بنكهة الشاي

يستكشف تاريخ العلاقة العميقة التي تربط الشاي بذاكرة الإنسان المغربي

الرسام المغربي مصطفى بوجمعاوي وتبدو خلفه إحدى لوحاته («الشرق الأوسط»)
TT

* منذ سنة 1986 والفنان التشكيلي المغربي مصطفى بوجمعاوي، يحمل كؤوس الشاي، ويطوف بها من معرض إلى آخر، ومن مدينة الى أخرى.

ولا يتعلق الأمر بكؤوس حقيقية، ولكن بإبداعات فنية على اللوحة استلهمها بوجمعاوي من خلال تاريخ العلاقة العميقة التي تربط الشاي بذاكرة الإنسان المغربي، بدءا من الطفولة، وعلى امتداد مراحل العمر، وذلك بالنظر لما يثيره في النفس من مشاعر حميمة مبعثها حرارة اللقاء والكرم ورمزية الفرح والابتهاج بالحياة. وقال بوجمعاوي لـ«الشرق الأوسط»، بمناسبة معرضه الجديد المقام حاليا بقاعة «المرسم 21» بمدينة الدار البيضاء إلى غاية 13 ديسمبر (كانون الأول) 2008، إنه اتخذ من كؤوس الشاي منطلقا لخلق تشكيلات وتعبيرات تغترف من هذا الموروث الثقافي في ارتباطه بالهوية المغربية.

وأضاف أنه يجعل من الكؤوس بأحجامها المختلفة مكونات أساسية ومحورية للوحاته الأخيرة، مستغلا في نفس الوقت حبوب الشاي ضمن مشروعه التشكيلي.

ووصف بوجمعاوي اكتشافه الفني لكأس الشاي، كقيمة جمالية، بأنه محطة جديدة في مساره الفني الذي يستند على التجريب والتجريد والمغامرة والبحث الفني، مشيرا إلى أن كل منطقة في المغرب تتميز بحجم معين لكأس الشاي، «إن حجمه الطويل في الشمال مثلا، وتطوان تحديدا، ليس هو الكأس المعروف بـ«كأس حياتي»، ذي الحجم الصغير في مناطق مغربية أخرى. ومن هنا جاءت تسمية المعرض بـ«كؤوس حياتي» في إحالة على التنوع والتعدد».

يذكر أن بوجمعاوي يجر وراءه تاريخا في الممارسة التشكيلية يمتد لأكثر من ثلاثين سنة.

وهو من مواليد سنة 1952 بمدينة أحفير (شرق المغرب)، تلقى تعليمه الفني بالمدرسة الوطنية للفنون الجميلة بتطوان (شمال المغرب)، وواصله بأكاديمية الفنون الجميلة ببلجيكا، وأنهى مشواره الدراسي بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بباريس.

حائز على عدد من الجوائز الفنية، منها جائزة اليونيسكو لترويج الفن سنة 1995، اعتبارا لدوره في إثراء التجربة التشكيلية ورفدها بكل عناصر التجدد والابتكار الخلاق، إذ سبق له أن قام باستغلال أوراق الجرائد القديمة وتركيبها في أعمال فنية جديدة وفق رؤية إبداعية، كما خاض من قبل أيضا تجربة الرسم عن رحلات القوافل عبر مسالك التاريخ، وأبدع لوحات استحضرها من مخياله، وأطلق عليها «الحدائق المتخيلة» قبل أن تجذبه نكهة الشاي المغربي بكل حمولاته الرمزية والتاريخية في علاقاتها مع العادات والتقاليد، ويتفرغ لها بصفة نهائية، ليعبر من خلالها عن جزء من مكونات الثقافة الشعبية المغربية.