مهرجان السينما المستقلة بالقاهرة يحقق نجاحا كبيرا في دورته الثانية

بمشاركة 46 فيلما عربيا وأجنبيا

لقطة من فيلم «قاهرة» للمخرج عمرو وشاحي أحد الأفلام المشاركة في المهرجان.. ويبدو بطل الفيلم في إطلالة شاردة من أعلى كوبري 6 أكتوبر («الشرق الأوسط»)
TT

حالة سينمائية مختلفة عن سينما السائد والمألوف شهدتها العاصمة المصرية خلال الأيام الماضية، في إطار مهرجان القاهرة للأفلام المستقلة في دورته الثانية، والتي اختتمت أول من أمس (الخميس) وشهدت حضورا حاشدا من الجمهور والنقاد وصناع الأفلام، بالمركز الثقافي الألماني (معهد جوته) في منطقة وسط البلد بالقاهرة.

شارك في فعاليات المهرجان 46 فيلما، منها 26 فيلما من مصر و20 من دول عربية وأجنبية، مثل الامارات والبحرين والاردن وسورية وإيران وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وقبرص، وتراوحت مدة الافلام المشاركة بين دقيقتين و105 دقائق، ما بين أفلام تسجيلية ووثائقية وروائية قصيرة وطويلة.

يوضح محمد طلعت، مدير مسرح روابط إحدى الجهات المشاركة في تنظيم المهرجان، الظروف التي مروا بها أثناء إقامة هذه الدورة قائلا: «هذه هي السنة الثالثة للمهرجان، إلا أنها الدورة الثانية نظرا لعدم موافقة اللجنة العليا للمهرجانات بوزارة الثقافة في العام الماضي على إقامة المهرجان، كما أن اللجنة ذاتها لم توافق على الطلب الذي تقدمنا به هذا العام، ولذلك قررنا إقامته بعد أن وافق معهد جوته على استضافته للمهرجان باعتبار أن عروض أفلام مستقلة، يشكل أحد الأنشطة التي يتبناها المعهد. واعتبر طلعت عدم موافقة لجنة المهرجانات على أقامة المهرجان، راجعا لتخوف اللجنة من وجود فعاليات مستقلة موازية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي خاصة أن المهرجانين يقامان في التوقيت نفسه، وتحاشيا لذلك، يضيف طلعت، أجلنا موعد المهرجان أياما قليلة إلا أننا أيضا لم نحصل على موافقة اللجنة.

من جانبه وصف المخرج محمد عبد الفتاح مدير فرقة «حالة» المسرحية، إحدى الجهات المنظمة للمهرجان، فاعليات الدورة التي استمرت على مدار 3 أيام بأنها ملتقى لصناع الأفلام المستقلة، وفرصة لعرض نوع من الافلام يختلف عن السائد والمألوف، ويدعم صناعة السينما المستقلة التى لا تجد التقدير، أو الاهتمام الكافي من المؤسسات الرسمية، في حين أن هذه الأفلام ترصد الواقع بجرأة وبشكل فني وتعبر عن إبداع الشباب ورغبتهم في المشاركة في صناعة السينما بشكل ابداعي وليس تجاريا.

يؤكد عماد مبروك، أحد المشرفين على المهرجان، أن الدورة الأولى حققت نجاحا كبيرا وكرمت عددا من الفنانين والنقاد مثل سمير فريد وعصام زكريا وكارولين خليل، «وعندما أعلنا عن بدء الدورة الثانية هذا العام، أرسل الينا صناع السينما المستقلة في مصر والعالم حوالي 140 فيلما اخترنا منها 46 للعرض ضمن فعاليات الدورة الثانية».

وأشار مبروك إلى أن عددا كبيرا من الافلام المشاركة حصلت على جوائز في مهرجانات أخرى مثل فيلم «ابتسم أنت في جنوب لبنان» الذي حصل على جائزة أفضل فيلم تسجيلي من مهرجان قرطاج، وهو فيلم أردني مدته 53 دقيقة يرصد الأوضاع في لبنان خلال حرب أيلول الأخيرة.

وعن الأفلام المتميزة التى شاركت في هذه الدورة قال عماد هناك فيلم «عين شمس» للمخرج إبراهيم البطوط، وقد حظي باهتمام كبير خلال الفترة الماضية، نظرا لتعرضه للكثير من القضايا الهامة والشائكة المتعلقة بحياة الشباب في المجتمع المصري، ومن المنتظر أن يعرض قريبا في دور العرض، وهناك أيضا فيلم «سلطة بلدي» الذي عرض في الختام ويحكي عن سيدة قررت أن تكتشف تاريخ عائلتها في عدد من الدول وقطعت رحلة طويلة لهذا الغرض، وكذلك فيلم «كيكة بالكريمة» الذي يرصد الحياة من وجهة نظر طفل يعيش في مكان ملئ بالقمامة، وأيضا فيلم «مستوطنة لا وطن» لأماني الخياط وهو فيلم تسجلي حول نظرة الفلسطينيين لمستوطنات اليهود، وترد خلال الفيلم جملة على لسان أحد الفلسطينيين مفادها ان اليهود يختارون اماكن مرتفعة لبناء المستوطنات لإحساسهم بالتفوق وبالخطر في وقت واحد.

المخرجة نادية كامل، شاركت في المهرجان بفيلم «سلطة بلدي» ومدته 105 دقائق، قالت إن الفيلم يرصد تجربة شخصية تهدف إلى اكتشاف العائلة وأنها أنجزته في 5 سنوات ونصف بامكانيات محدودة للغاية، ورغم أنه أول أفلامها الا انها عملت لأكثر من عشر سنوات مع يوسف شاهين ويسري نصر الله وعطيات الأبنودي، التي تعتبرها نادية رائدة السينما المستقلة في مصر، ولفتت الى أن هذا المهرجان يرصد واقع صناعة السينما غير التجارية من خلال أفلام تناقش قضايا اجتماعية وانسانية وسياسية تعجز سينما السوق عن رصدها بصدق وأمانة، ولذلك فإن هذه الأفلام تكمل نقصا في صناعة السينما، وتحفز شباب المبدعين على التعبير عن رأيهم سينمائيا بصرف النظر عن الامكانيات المتاحة. وتطرقت نادية إلى عنصر التمويل مؤكدة أن الجهات التي تمنح التمويل لبعض هذه الافلام لا تشترط مناقشة موضوعات بعينها، وأحيانا عندما يكون هناك تكليف من إحدى الجهات تطرح رأس الموضوع فقط ولا تتدخل في التفاصيل لافتة إلى أن التمويل يمثل أحيانا ضغوطا في الوقت نفسه على المخرج لضرورة التزامه بالخطة الانتاجية في وقت محدد بينما يكون المخرج اكثر حرية في انجاز عمله خلال الوقت الذي يتطلبه ذلك إذا اعتمد على التمويل الذاتي. وقالت إن هذا المهرجان إذا استمر ربما يشكل حركة سينمائية جديدة منتشرة في العالم أجمع تتمثل في الاعلاء من قيمة استقلالية الفن في مواجهة المؤسسات الرسمية التى ترسخ لأنماط فنية سائدة بغرض تحقيق انتشار جماهيري او أرباح تجارية.

المخرج الشاب أحمد مجدي علي، وهو نجل المخرج الكبير مجدي أحمد علي، شارك في المهرجان بفيلم «كيكة بالكريمة» ، تدور أحداثه في مكان يسمى «مجرى السيل» بين منطقتي طرة والمعادي يتجمع فيه السيل الآتي من المقطم كل 4 سنوات وفي حالة عدم وجود السيل يتحول المكان الى «مقلب للقمامة». يقول أحمد رغم أن المكان موحش الا انه له سحره الخاص ودلالته المأساوية، وكأننا اعتدنا على القمامة وألفنا وجودها في كل مكان وأصبح التلوث السمعي والبصري جزءا مألوفا في حياتنا اليومية، وأضاف أن فيلمه مدته 10 دقائق ترصد نظرة طفل صغير يعيش وسط القمامة ويتفاعل مع من يمرون بالمكان. وأوضح أن الفيلم نتاج ورشة عمل بمركز الجيزويت الثقافي استمرت لمدة سنة، ووفر المركز للمشاركين في الورشة كاميرا ومونتاجا و1000 جنيه لإنتاج فيلم «مشروع التخرج».