معرض للتحف القديمة في بيروت

«حلية شريفة» تزيّـن فضاءه

من معروضات مؤسسة توب ـ أكسبو ضمن معرض بيروت الحالي (تصوير: جوزيف أبو رعد)
TT

عادت مؤسسة «توب ـ اكسبو» تتحف المجتمع اللبناني بمعارض التحف القديمة، لتقدم مجموعات نادرة تخطف الأنظار وتفتح باب الفنون على مصراعيه لمن يهوى عبق التاريخ. فهناك «سجادة هاريز» المدهشة التي يعود تاريخ صنعها الى أكثر من مائتي عام، كذلك يشاهد الزائر «خزانة» تعود لعصر القياصرة كانت تضع زوجة القيصر فيها مجوهراتها ومراسلاتها، أو تجذبه عوالم هوليوود من خلال مجموعة حليّ صنّعت خصيصا لأشهر ممثلات السينما.

أما من يريد ان «يعسكر» ديكوره فبإمكانه العثور على مجموعة أسلحة ايرانية وهندية ومغولية تعود الى حقبات ماضية. وتبقى القطعة الأحلى بين التحف المعروضة «الحلية الشريفة» التي تحمل أسماء الله الحسنى وصفات النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

فتح فندق البريستول في بيروت قاعاته ليستضيف معرض مؤسسة «اكسبو بيروت» التي أنشأتها كل من نيكول كامل كنج، وزينة ناكوزي، في العام 1995. ورعت الافتتاح الوزيرة السابقة ليلى الصلح حمادة.

حفل المعرض بكنوز الدور العريقة منها «شير» و«اريتاج» و«آرت اوكشن» ومجموعات ايلي نبعة وغسان زرد ابو جودة و«ايستوريا» و«كونساي» و«ليف ان» وجاك عويس ورامي بطرس و«ريشيليو» و«ميزون طرزي».

«الشرق الاوسط» جالت على الأجنحة وسألت صاحب مجموعة «اريتاج» عصمت حلواني عن تحفه فتحدث عن قصة إناء روسي للزهور يعود تاريخه الى العام 1852. قال: «هذه التحفة بدأت رحلتها لدى القيصر الروسي نيقولا الاول، ثم انتقلت الى بيوتات التحف القديمة، شأنها شأن إناءين من البورسلين (دوسيفر) يعود تاريخهما الى ما بين 1840 و1860، وهما مطروحان للبيع، الاول بـ 400 الف دولار والثاني بـ 800 الف دولار». وتركن في الجناح نفسه «كابينة» ايطالية يعود تاريخها الى القرن السابع عشر، اشتراها حلواني من عائلة إيطالية، وعليها رسم للفنان الايطالي لوكاس جيوداني الذي اشتهر بالرسم على الزجاج بالمقلوب وهي من خشب الأبنوس ومطروحة للبيع بسعر 150 الف دولار، وتغطي أحد جدران الجناح سجادة تعود الى الحقبة الملكية الفرنسية في القرن السابع عشر، وتم شراؤها من مزاد علني في باريس».

وبالانتقال الى جناح آخر تشغله غاليري «سياكل» اوضحت صاحبة الغاليري، مها عماش، أن من بين مجموعتها طاولة طعام يمكن ان تفتح بطول خمسة امتار مع كراسيها، وقد اختلف الخبراء على مصدرها، بين ايطالي وانكليزي، ويعود تاريخها الى نصف قرن تقريبا، والى جانبها طاولة «وسط» توضع في الصالونات من القرن الثامن عشر، وكابينتان اثنتان من القرن التاسع عشر وقد تم شراؤهما من لندن وباريس، بالاضافة الى مجموعة من الطاولات الانكليزية والفرنسية والايطالية والبرتغالية. وتقول عماش انها تسعى وراء القطع التي تتلاءم مع البيوت الحديثة والبيوت الكلاسيكية «زبائننا من اللبنانيين والعرب، وهم يركزون على المفروشات والكريستال، ومشاركتي في هذا المعرض هي لتأكيد أن لبنان تجاوز المحنة وقرر العودة الى الاستقرار والهدوء».

وفي جناح آخر، تقف يبغي صوايا (صاحبة محل «دايور») تشرح عن فضياتها التي تعود الى القرن التاسع عشر من نوع «كريستوفل» و«ماربن اند ويب» و«ايركوي» و«بوفوركيه»، ومجموعة من الكريستال من نوع سان لوي ومورانو الذي يعود الى العشرينات من القرن الماضي. واللافت في هذا الجناح مجموعة من الحلي والمجوهرات المصنوعة خصيصا لممثلات السينما امثال ميريام هاسكل، ومارلين مونرو، وغريتا غاربو، ومارلين ديتريش في الاربعينات. ويركن في زاوية اخرى طاقم من الشاي الباريسي المذهب من نوع بورسلين دو باري، ومؤلف من 12 قطعة ويطرح بـ 1950 دولارا.

وفي جناح غسان زرد أبو جودة كابينتان لحفظ المجوهرات والرسائل الخاصة من صنع الفلامان في بلجيكا، احداهما مطعمة بقشر السلاحف والثانية بالعاج وصور الصيد، ويعود تاريخهما الى نحو 250 سنة، والى جانبهما شمعدانان يعودان الى التاريخ نفسه.

ويقول أبو جودة انه يسافر ستة اشهر في السنة الى اوروبا بصورة خاصة للإتيان بالقطع الجميلة اما من البيوت واما من المعارض والمزادات العلنية.

وفي مقابل هذا الجناح يعرض غاليري «ايوان مكتبي» مجموعة مميزة من التحف القديمة ابرزها حلية شريفة عليها وصفات الرسول صلى الله عليه وسلم واسماء الخلفاء الراشدين مكتوبة باليد على خشب، كما كتبت عليها اسماء الله الحسنى. والتحفة يعود تاريخها الى العام 1227هـ، ومطروحة بسعر 20 الف دولار، يضاف الى ذلك كابينية اندلسية كتبت عليها عبارة «لا غالب إلا الله»، ويعود عمرها الى 200 سنة، وتضاهيها عمراً سجادة من الحرير الخالص من نوع «هاريز» الايرانية وقد كتبت عليها بعض الاشعار وعبارة «الله بارك هذا البيت». ويضم الجناح نفسه مجموعة نادرة من الاسلحة الايرانية والمغولية والهندية والخناجر، بالاضافة الى خزنة تعود الى العصر المملوكي.

ومن المجموعات الشخصية، واحدة لمهندس الديكور رامي بطرس الذي يحرص على اضفاء الطابعين الفرنسي والياباني على قطعه العائدة الى القرن التاسع عشر. ساعات طاولة، مع شمعدانات من صناعة «باربوديان» صانع البرونز الفرنسي الشهير. وثريات كريستال من نوع باكارا، وستيل لويس السادس عشر، بالاضافة الى قطع بروسلين من نوع دوسيفر صنع 1885 ومطروحة للبيع بـ 30 الف دولار.

وفي ختام الجولة كان لنا لقاء مع صاحبتي المؤسسة العارضة نيكول كمال كنج، وزينة ناكوزي. فأشارت الاولى الى ان هذا المعرض هو الخامس والثلاثون الذي تنظمانه في لبنان، بين معارض التحف القديمة، ومعرض «جواهر (18 معرضاً)، ومعرض الكماليات (6 معارض)، ومعرض الاعراس (6 معارض) ومعرض الشوكولاته، ومعرض الرجل.

وتعتبر كنج ان جميع هذه المعارض كانت ناجحة حتى اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري. «بعد ذلك اضطررنا للتوقف حتى اليوم، لنعود ونطلق الحياة في ربوعنا عشية الاعياد. ويتوزع رواد معارضنا بين لبنانيين واردنيين وسعوديين وعراقيين».

وتقول ناكوزي: «اننا نركز على الاسم وليس على القطعة فحسب. والاسم المعروف هو الضمانة. ونحن اول من نظم معارض المجوهرات والاعراس. وانجح معرض كان في العام 2000». وتضيف: «اننا نقيم معارضنا في بيروت ومدينة عالية الاصطيافية التي يكثر فيها المغتربون والمصطافون العرب والاجانب».