إطلاق «بيروت عاصمة عالمية للكتاب»

تحدٍ كبير للبنان رصدت له أكثر من 4 ملايين دولار

نموذج للإعلانات الترويجية لبيروت عاصمة عالمية للكتاب التي سنراها العام المقبل («الشرق الأوسط»)
TT

أكثر من ستة مليارات ليرة لبنانية، أي ما يوازي نحو أربعة ملايين دولار، يخصصها لبنان لإنجاح الدور الذي تلعبه بيروت السنة المقبلة كعاصمة عالمية للكتاب. وقد عقد مؤتمر صحافي يوم أمس في فندق البريستول، بحضور وزير الثقافة اللبناني تمام سلام، ونقيبي الصحافة والمحررين محمد البعلبكي وملحم كرم، ورئيس بلدية بيروت إبراهيم العريس، وكذلك مدير عام وزارة الثقافة عمر حلبلب، وبوجود ممثلين عن بعثات دبلوماسية وهيئات ثقافية وهيئات المجتمع المدني وإعلاميين للإعلان عن الاستراتيجية التي سيتم انتهاجها لإنجاح هذا الحدث، الذي يعتبر بالنسبة للبنان تحدياً مهماً اعتبره وزير الثقافة «قضية وطنية بامتياز». ويفترض من هذا الحدث ليس فقط تعزيز دور بيروت الثقافي وإنما أيضاً تدعيم قطاع الكتاب في لبنان طباعة وإنتاجاً وتوزيعاً. وتنطلق الفعاليات عملياً يوم 23 أبريل (نيسان) 2009 وتستمر حتى 23 من أبريل سنة 2010. وبدءاًُ من بداية العام سيطلق موقع على الانترنت يعلن من خلاله عن أول سبعين مشروعاً، كما سيتم إصدار تقارير دورية حول ما يتم تطبيقه من خطة العمل بصورة تدريجية.

وقد تخللت المؤتمر كلمات للمشاركين كان لافتاً فيها، رغم أهمية الحدث لبلد مثل لبنان يتغنى بمكانته الثقافية عربياً، انها انطوت على الكثير من المديح المتبادل الفضفاض، فيما بقيت الاستراتيجية التي تم الإعلان عنها عامة في خطوطها العريضة، ولم تقدم الوزارة لغاية الآن أي خطة محكمة للقبض على هكذا فرصة، يفترض أنها ذهبية.

فقد اعلن وزير الثقافة مثلاً ان ثمة رغبة في «الترويج للحدث باللغة العربية ولغات أخرى»، كما تحدث عن عمل سيتم لـ«تشجيع القراءة والمطالعة لدى جميع الشرائح العمرية» من دون الدخول في أي تفاصيل، وكذلك دعا إلى «تحقيق الشراكة مع المجتمع المدني والقطاع الخاص والسفارات». ومما تحدث عنه الوزير انه «سيتم العمل على دعم الثقافة كقطاع اقتصادي منتج» من دون أن نعرف الكيفية ايضاَ.. وكان واضحاً من خلال المؤتمر أن الصورة ما تزال ضبابية ولا يمكن التعويل على ما يمكن ان تتفتق عنه القريحة في الأشهر الثلاثة المقبلة، خاصة ان الاستراتيجية التي طرحت خلال المؤتمر الكبير الذي عقد بالأمس، هي مطلب دائم للناشرين والمواطنين على حد سواء، وليست المطالبة بها هي التي تعوق الثمر المرتجى، وإنما كيفية العمل، ووضع الخطط الصحيحة والمدروسة، لجعل الكتاب مشتهى المواطنين وليس موضع نفور، وفي أحسن الأحوال تجاهل، كما هو الحال الآن.

وكلام كالذي قيل في مؤتمر الوزير تمام سلام بالأمس، كان قد قاله وزير الثقافة السابق طارق متري منذ أشهر في معرض لندن للكتاب، معلناً عن الدور الذي ستلعبه بيروت، واعداً ببرنامج حافل، ولا يبدو ان شيئاً جدياً قد تبلور من حينها، رغم ان الوقت يمر، والتحدي يقترب.

وجدير بالذكر ان نجاح يوم الكتاب العالمي الذي أطلقته اليونسكو سنة 1996، بعد أن تحول إلى مناسبة كبرى في كثير من دول العالم، شجع المنظمة على تطوير وبلورة فكرة أخرى، قرينة له، وهي اختيار عاصمة عالمية للكتاب كل سنة. وقد تم اختيار مدريد كأول عاصمة لعبت هذا الدور عام 2001 تبعتها الاسكندرية ومن ثم نيودلهي، وبعدها انتويرب، ومونتريال، وتورينو، وبوغوتا، وأمستردام، ومن ثم بيروت. ويوم 3 يوليو (تموز) عام 2007 منحت لجنة الاختيار التابعة لليونسكو بيروت رسمياً اللقب الذي ستحمله طوال العام الآتي، ومن حينها ونحن نسمع عن الحدث الذي تعقد له المؤتمرات بدون أن يلحظ المتابع أن ثمة تقدماً. ويعزو المسؤولون هذا التعثر لغياب الميزانيات، ولأن الأموال لم ترصد إلا أخيرا.

وبهذه المناسبة دعا وزير الثقافة، وخلال المؤتمر الصحافي الذي عقد امس، كل مثقف ليصبح مستشاراً لوزارة الثقافة، ودعا الجمعيات الثقافية والمنظمات غير الحكومية والمثقفين، وغيرهم، لتصميم مشاريع ثقافية على أن تدعمها وزارة الثقافة.