كرنفال الأطفال المغاربة يعيد الدفء إلى شوارع الرباط

ارتدوا بذلات رجال الشرطة وغنوا لأطفال فلسطين

جانب من كرنفال الأطفال في شوارع مدينة الرباط («الشرق الأوسط»)
TT

أشاع أطفال مدينة الرباط المغربية جوا من الحيوية والبهجة والدفء في شوارعها، خاصة أنها تعيش هذه الأيام تحت وطأة الطقس البارد المصحوب بالأمطار، حيث أخرجوا المدينة من روتينها المعتاد، عبر تنظيم كرنفال جاب مختلف شوارعها قبل أن يتوقف في ساحة البريد المركزية وسط العاصمة، حيث توالت بقية الفقرات الثقافية والفنية في أمسية استقطبت جمهورا كبيرا من السكان.

وشكل الكرنفال البداية الفعلية لمهرجان الأطفال في دورته الرابعة، الذي ينظمه المجلس البلدي لمنطقة حسان، على امتداد أسبوع تحت شعار «طفولة واعدة لمستقبل مشرق» بمشاركة ألف ومائتي طفل وتلميذ من مختلف المدارس التعليمية العمومية بالمدينة. واشتمل البرنامج على العاب بهلوانية، واستعراض مجسمات فنية عملاقة، وحركات كشفية ورياضية، وأداء أناشيد وطنية، ولم ينس الأطفال المغاربة في غمرة الاحتفال بمهرجانهم السنوي أن يغنوا كثيرا لأطفال فلسطين، ويرفعوا أصواتهم عاليا، في أداء جماعي، مطالبين بالحرية والكرامة للشعب الفلسطيني، بينما التف الشال الفلسطيني حول أعناقهم، ورفرفت الراية الفلسطينية فوق رؤوسهم، كرمز من رموز السيادة الفلسطينية.

وظهر الصغار الذين ارتدوا البدلات الرسمية لرجال الشرطة كأنهم فعلا، أصبحوا فجأة منتمين للجهاز الأمني، وبعضهم عبر عن ذلك برسم ملامح العبوس والجدية على وجهه لكسب صفة الاحترام اللازم قصد أداء مأموريته على الوجه الأكمل.

وانبرى أحد الآباء الواقفين على جانب الرصيف، مشيرا إلى ابنه بضرورة تعديل قبعته، وهو يرشده إلى كيفية وضعها على الرأس بطريقة أفضل، ليبدو رجل امن محترما حقا، بينما كانت والدة الطفل تبتسم مزهوة، ورفعت وجهها إلى السماء، وهي تتمنى أن يطيل الله في عمرها حتى تراه، وقد حقق أمنيته في أن يصبح شرطي مرور، كما عبر لها عن ذلك مرارا، حسب قولها. وفي إحدى لحظات كرنفال الأطفال بدت المناطق والأقاليم المغربية وكأنها انتقلت كلها إلى شوارع الرباط بأهازيجها الشعبية، وأزيائها التقليدية المتنوعة، التي يرتديها سكانها في المناسبات السعيدة، وذلك من خلال العروض التي أبان فيها الصغار، عن أحاسيس مرهفة سمحت لهم بالاندماج في الأدوار الفنية المرسومة لهم من طرف مؤطري هذه التظاهرة الثقافية والفنية.

وقال عبد الإله الدغمي، مدير المهرجان لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الدورة تنفرد عن الدورات السابقة بإعداد ورشات تكوينية لفائدة الأطفال في مجالات متعددة، منها مسرح العرائس، والثقافة السينمائية، والشطرنج، باعتباره لعبة ذهنية تحفز على التفكير.

وأضاف الدغمي أن تأهيل الأطفال لتحمل المسؤولية في المستقبل يبدأ منذ الصغر، ولذلك حرص مهرجان الطفولة هذا العام على تعريف الصغار بالمبادئ الأولية لكيفية تدبير الشأن العام، وخاصة على مستوى المجالس البلدية.

وذكر الدغمي أن منظمي المهرجان لمسوا لدى الأطفال استعدادا كبيرا وفضولا معرفيا لاستيعاب قواعد وطرق تسيير المجالس البلدية كمجال من مجالات العمل الديمقراطي في المغرب.

وأكد أن الهدف هو فتح المجال أمام الطفل لإبراز مواهبه في مختلف المجالات التعبيرية الثقافية والفنية، بما يسمح له بمراكمة رصيد مهم من التجارب والمهارات.

وخلص الدغمي إلى القول إن الدافع الأساسي لاختيار المنظمين لشعار المهرجان «"طفولة واعدة لغد مشرق» هو الحرص على بث روح الأمل والتفاؤل في النفوس، باعتبار ما تمثله الطفولة من قيم الحماس والتطلع نحو المستقبل برؤية استشرافية تسعى دائما نحو تحقيق أفضل وأحسن ما في الحياة. وكان لافتا للانتباه، وجود مجموعة من الأطفال المغاربة من ذوي الاحتياجات الخاصة، ممن شاركوا بفرح وعفوية وتلقائية في فقرات المهرجان، ضمن المبادرات الخاصة التي ترمي إلى إدماجهم في المجتمع، كفئة اجتماعية من حقها أن تنال حظها من مختلف التظاهرات الرياضية والثقافية والفنية، وغيرها من أوجه نشاطات الحياة العامة.

واعتادت الرباط أن تشهد في مثل هذا الوقت من كل سنة تنظيم كرنفال الأطفال الذي بات موعدا سنويا يترقبه تلاميذ المؤسسات التعليمية العمومية في المدينة بكثير من الشوق، لإبراز قدراتهم ومهاراتهم في الاستعراضات الفنية التي تتخلل فقراته التي تجمع بين التثقيف والترفيه والترويح عن النفس واكتساب أدوات جديدة للمعرفة.