ما هو التغيير المتوقع في ديكور البيت الأبيض؟

مهمة تنفيذ أعمال الديكور من نصيب زوجة الرئيس

ميشيل أوباما في أول زيارة لها للبيت الابيض مع لورا بوش (أ.ب)
TT

أصبحت عملية تغيير ديكور البيت الأبيض بمثابة حقل ألغام يتهدد العلاقات العامة للرئيس الأميركي، منذ أن تخطت ماري تود لينكولن، زوجة الرئيس الأميركي أبراهام لينكولن، ميزانية أعمال الديكور بالبيت الأبيض بمقدار 6700 دولار (أي ثلث مخصصاتها التي كانت تبلغ 200 ألف دولار)، الأمر الذي أغضب زوجها وأسعد العاملين في قطاع الصحافة، حيث تحولوا بالطبع إلى مهاجمتها. وفي الواقع، تسير بعض الإدارات الجديدة على أطراف أصابعها عبر حقل الألغام هذا دون أن يلحقها أذى، ولكن هناك إدارات أخرى يكون لديها مقدار أقل من الذكاء، وتنفجر ألغام في آخرين. يقول وليام سيل، مؤرخ البيت الأبيض: «في حال شغلك منصبا عاما وأردت تغيير المكتب الخاص بك، ستجد أن ذلك يتصدر الصفحات الأولى (من الصحف)، ولذا عند القيام بأعمال الديكور الخاصة بعائلة الرئيس، يجب أن يتذكر المرء أن هناك رأيا عاما ينظر بإمعان إلى كل ما يحدث». لم يجب الفريق الانتقالي للرئيس المنتخب باراك أوباما على التساؤلات التي طرحت بخصوص ما يرغب فيه الرئيس فيما يتعلق بالتصميمات الداخلية (للبيت الأبيض). ولذلك فإنه ليس أمامنا سوى أن نخمن كيف ستكون بصمة عائلة أوباما على البيت الأبيض. وربما سوف تختار العائلة المصمم نيت بيركوس، المحبب للعديدين في شيكاغو، ومنهم الإعلامية أوبرا وينفري. وربما ـ كما قال الممثل الكوميدي أندي بورويتز الأسبوع الماضي ـ سوف تستخدم العائلة نفس النمط الذي استخدمه الرئيس المنتخب في اختياراته لوزرائه، حيث يقول السيد بورويتز: «يحتمل أن يختار فريق كامل من المتنافسين، وبدلا من أن يكون هناك مصمم واحد، يكون هناك ثمانية: أربعة من الحزب الجمهوري وأربعة من الحزب الديمقراطي، لن يتحمل أي منهم الآخر، وسيعطي إلى كل منهم غرفة». وبغض النظر عما ستختار عائلة أوباما، فإنه سوف يكون عليهم الالتزام ببعض القواعد الأساسية. وحيث أن عائلة أوباما تقيم في البيت الأبيض للمرة الأولى، فسوف يكون عليها دفع مقابل الأشخاص الذين ينقلون الأثاث. ويخصص الكونغرس 100 ألف دولار كتكاليف لانتقال الأسرة بالنسبة لكل إدارة جديدة، ولذا إذا أنفقت عائلة أوباما أكثر من هذا المبلغ ـ وعادة ما تقوم بذلك العائلات التي تنتقل للبيت الأبيض للمرة الأولى ـ فإنه سوف يكون عليهم تحمل نفقات أعمال الديكور في أماكن الإقامة الخاصة بهم، من خلال تبرعات خاصة، كما أنه لا يمكنهم تغيير الغرف العامة دون موافقة اللجنة المعنية. وعليهم أن يتذكروا أن المظاهر لها أهميتها، فالمكتب البيضاوي الخاص بجيمي كارتر ينظر إليه على أنه بسيط وكئيب، كما كان ينظر إلى تكلفة الآنية الصينية الخاصة بنانسي ريغان (210.399 دولار) على أن فيها مبالغة بصورة كبيرة، على الرغم من أن الآنية كانت من تبرعات خاصة. وكان البيت الأبيض خلال إدارة كينيدي يميل إلى النمط الفرنسي بصورة كبيرة فيما كان البيت الأبيض عندما كانت تسكنه عائلة كلينتون يميل إلى نمط سكان ولاية أركنساس. وهناك بعض القصص الخاصة بإجراءات خاطئة ارتكبت خلال تنفيذ أعمال الديكور خلال إدارات سابقة، ولكن يشك في صحتها، مثل تلك القصة عن محاولة نانسي ريغان إزالة حائط في غرفة نوم لينكولن أو تلك الخاصة بتكاليف أعمال الديكور التي قامت بها عائلة كلينتون، والتي قيل إنها تخطت الميزانية (ذكر ذلك النائب السابق لمستشار البيت الأبيض فينسنت فوستر في مذكرة قبل أن يموت بفترة قصيرة). ووجدت الصحافة السيئة في هذا الأمر فرصة للنيل من زوجة الرئيس. ويقول كارل سفرازا أنطوني، مؤلف العشرات من الكتب حول زوجات الرؤساء وأسرهن وتاريخ مكتبة زوجات الرؤساء القومية، إن مهاجمة السيدة الأولى «وسيلة لمهاجمة الرئيس المحبوب بطريقة غير مباشرة». وتحدث أنطوني عن أخطاء يقال إن نانسي ريغان قد ارتكبتها، منها أنها طلبت من عائلة كارتر الانتقال سريعا من المكان حتى يتسنى لها البدء في أعمال الديكور وأنها كانت تجري أعمال ديكور في أماكن الإقامة الخاصة في بذخ غير مناسب في وقت كانت البلاد تعاني من الركود. ويقول أنطوني: «ولأنها كانت تعلم ذلك، فقد استخدمت أموالا خاصة» لإجراء ترميمات للبيت و«صيانة الأرضيات وتغير الأدوات المعدنية، كان المكان يتداعى شيئا فشيء، وقد ذهبت الكثير من النقود لهذا الغرض».

وتعرضت عائلة كلينتون للهجوم لأنها لم تستخدم السجاد والأثاث والمصابيح التي أعطيت لهم خلال فترة إقامتهما في البيت الأبيض، ولالتماسها تبرعات بأدوات منزلية للأماكن التي سيقيمان فيها بعد مغادرتهما للبيت الأبيض (حيث تمتلك الزوجة منزلا في واشنطن فيما يمتلك الزوج منزلا في نيوجيرسي). وتكون مهمة تنفيذ أعمال الديكور في البيت الأبيض من نصيب زوجة الرئيس، فهي تترأس لجنة المحافظة على البيت الأبيض، وهي لجنة تضم المصمم الخاص بها وأمين البيت الأبيض بالإضافة إلى مؤرخين فنيين، وخبراء في الأثاث والديكور ومستشارين متخصصين في الوقاية التاريخية. وتشرف اللجنة على عمليات التجديد في الغرف العامة، والإضافات التي تجرى للمقتنيات الفنية والأثاث. كما أن أي عمليات ترميم تشرف عليها اللجنة ويمولها صندوق المنح في البيت الأبيض، الذي يحتوي على أصول في الوقت الحالي تبلغ حوالي 27 مليون دولار. ويقول توم سافاج، وهو مدير شؤون المتحف في وينترثر وديلاوير وعضو لجنة المحافظة على البيت الأبيض خلال إدارة كلينتون، إن أعمال الديكور هي «قرار شخصي لعائلة الرئيس الجديد» فيما يتعلق بأماكن الإقامة الخاصة، والتي تقع في الطابقين الثاني والثالث، وفيما يتعلق بالمكتب البيضاوي، ولكن هناك الكثير من إجراءات الوقاية، فهناك مفهوم خاطئ لدى المواطنين، وهو أن عائلة الرئيس الجديد يمكن أن تجري تغييرات جذرية، ولكن الأمر ليس كذلك».

ومع ذلك، يكون هناك جو درامي خلال يوم انتقال عائلة الرئيس الجديد إلى البيت الأبيض، ويقول غاري وولترز، الذي تقاعد العام الماضي بعد قضاء 21 عاما في الإشراف على المبنى الذي يحتوي على 132 غرفة حيث كان الحاجب الرئيس في البيت الأبيض، إنه في يوم تنصيب الرئيس تكون مهمته مساعدة عائلة الرئيس التي تدخل البيت الأبيض للمرة الأولى، وينفذ مهمته هذه في الفترة القصيرة بين رحيل الرئيس الحالي (حوالي الساعة 10:45 صباحا بعد تحية الرئيس المنتخب وتناول القهوة معه في الغرفة الزرقاء) وبين مغادرة الرئيس الجديد وأسرته مكان إقامة حفل التنصيب ويكون في المعتاد بعد الظهر. ويقول وولترز إنه تكون هناك حوالي خمس ساعات أمام الحاجب ومساعديه الذين يبلغ عددهم 93 بمن فيهم الموظفون والنقاشون والنجارون والمسؤولون عن وضع الزهور والخطاطون، ويكون معهم المصمم الجديد والطاقم الخاص به. ويقوم الفريق بإفراغ الأشياء الخاصة بالعائلة ووضع كل شيء في مكانه. ويضيف وولترز، الذي ينتقل إلى البيت الأبيض قبل أسبوع من يوم تنصيب الرئيس الجديد: أن «الهدف هو عدم ترك أي شيء داخل الصناديق». وأشار إلى أن ذلك «يمكن أن يكون صعبا للغاية، فعندما انتخب بوش الأب، كنا نتوقع أن يكون أمامنا الوقت المعتاد، ولكن كان هناك أحفاد، وأصيبوا بالبرد وأتوا قبل الموعد المعتاد بساعتين». وفي اليوم الحاسم الذي تنتقل فيه عائلة الرئيس الى البيت الابيض يكون على الحاجب لقاء العائلة واستعراض خطط الديكور وقطع الأثاث والاعمال لافنية التي ستوضع في البيت الابيض.

يقول وولترز إنه في العادة يلقي أسئلة من نوع «ما هي الغرف التي تودون استخدامها؟ ما هي قطع الأثاث التي تريدون وضعها في تلك الغرف؟ و هل لديكم انواع طعام مفضلة؟ أما بالنسبة للرئيس الجديد فيقوم وولترز بسؤاله عن المكتب الذي يفضل استخدامه.

وغني عن القول ان البياضات وأفرشة حجرة النوم يتم استبدالها ولكن التاريخ يذكر ان مامي زوجة الرئيس ايزنهاور اشتكت من اهتراء بعض المفارش وذلك حسب ما ذكرته كلير ويتكومب مؤلفة كتاب «الحياة الحقيقية في البيت الأبيض: 200 عام من الحياة اليومية في أشهر منازل أميركا». وتضيف ويتكومب ان الرئيس آيزنهاور كان يكره سلفة الرئيس ترومان الى درجة انه لم يسمح له باصطحابه في جولة تعريفية للبيت الابيض، وكانت النتيجة ان الرئيس آيزنهاور في اول يوم له في البيت الابيض لم يعرف اين يوجد مكتبه. وعادة ما تترك اسرة الرئيس السابق متعلقات في البيت الابيض بعد رحيلها سواء كان ذلك عن قصد أو بدون قصد. تقول ويتكومب ان بيتي فورد، زوجة الرئيس فورد، وجدت صندوقا خاص بالرئيس الاسبق نيكسون كتب عليه «شرائط، ممنوع اللمس».

* خدمة «نيويورك تايمز»