المسرح الفكاهي يفوز بالنقاط.. في روما

يقصده الإيطاليون ليضحكوا وينسوا هموم الركود ومخاطر الادخار وتراجع الثراء

مشهد من مسرحية «نينا» («الشرق الأوسط»)
TT

أثبت الموسم المسرحي الحالي في العاصمة الايطالية أن المتفرجين يفضلون، في زمن الضائقة الاقتصادية، أن يضحكوا وينسوا هموم الركود والانحسار ومخاطر الادخار وتراجع الثراء في اقتصاد البيع والشراء، وحتى شكسبير لم ينج من هذه المعادلة، فأكثر مسرحياته شعبية هذه الأيام هي الملهاة التي تدور أحداثها في ايطاليا «جعجعة بلا طحن» رغم عرض الفاجعة الشهيرة «عطيل» بشكل مسرحية وعرضها في آن واحد في دار الأوبرا كمسرحية غنائية اقتبسها الموسيقار فيردي. الإقبال الشديد كان على المسرحيات الفرنسية المرحة حسب الإحصائيات حول مبيع بطاقات المسرح ومدة العرض التي تفوق الشهر الواحد، وبالطبع كان الفائز الأكبر مسرح الفودفيل الفرنسي المترجم الى الإيطالية والكتاب المعروفين أمثال جورج فيدو مؤلف «خياط أزياء السيدات» وأندريه روسان وكلهم زملاء الكاتب الانجليزي الساخر نويل كوارد. حظيت مسرحية «نينا» لروسان التي تعرض في مسرح مانزوني المكتظ بالمتفرجين بالمقام الأول، وهي من نوع المسلاة التي تقدم الثلاثي التقليدي للزوج والزوجة والعشيق وتتميز بمشاهد تمثيلية تتسم بالمرح وبجمالية المنطق الأعوج المثير للجدل والدعابات الساخرة حول تناقضات الحياة الزوجية لعائلة من الطبقة المتوسطة تعاني من المشاكل المالية والعاطفية. اشتهر روسان (1911 – 1987) في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي وبمعالجته للمواضيع المحرمة وبالتطورات المفاجئة المثيرة في حوادث المسرحيات التي ألفها وتحول البعض منها الى أفلام سينمائية مثل " «نينا» التي عرضت في مسارح برودواي في نيويورك عام 1952 بطولة ديفيد نيفن وغلوريا سوانسون قبل أن تصبح فيلما ذائع الصيت. ولد روسان في مدينة مارسيليا وبدأ حياته المهنية ممثلا ثم تحول إلى كاتب مسرحي وانتخب عضوا في الأكاديمية الفرنسية المرموقة عام 1973. وقد راق له مسرح الشارع الذي نشأ من مسرح الفودفيل حيث نرى الرجل البرجوازي الأوروبي يفتخر بثروته التي جمعها بالحلال والعمل الدؤوب، كما أنه يعتبر زوجته وعشيقته وأبناءه من ضمن ممتلكاته. شخصيات مسرحية «نينا» تعالج العلاقة العاطفية بين العشيق الذي يخلب النساء بإغوائه وجاذبيته وكلامه المنمق حين يخاطب كل امرأة وكأنها حلمه الوحيد، والزوجة الشابة المندفعة المتهورة التي تقود زوجها المسن المطيع وتأتيه دائما بأدوية الزكام المزمن. أما الزوج فهو مسالم وطيب ولا يحب الفوضى ولا يؤذي أحدا. قام مقدم البرامج التلفزيونية المحبوب فبريتزيو فريتزي بدور العشيق، واكتشفنا موهبته التمثيلية. أما ادي انجيليلو فقد أدت دور الزوجة بشكل آسر متميز، وكان الزوج كارلو اليغيرو مطابقا لأوصاف الشخصية المطلوبة فهو ممثل قديم بارع، كما أنه قام بترجمة المسرحية الى الايطالية وبإخراجها بشكل موفق لافت للأنظار، وخرج الجمهور وعلامات الرضى والسعادة بادية على الوجوه، فقد جاء المتفرجون ليستمتعوا بلحظات ضاحكة لا ليقوموا بالاحتجاج، فروما مليئة هذه الأيام بالمظاهرات الطلابية التي تعرقل السير وتزيد من سخط الناس في قضاء حوائجهم. ولشدة الاقبال على هذا العرض المسلي قررت ادارة المسرح عرض مسرحية اخرى لنفس الكاتب الفرنسي أندريه روسان بعنوان «الكوخ الصغير» La petite hutte وهي من أنجح ما ألفه عام 1947 وفيها ثلاثي آخر هو الزوجة والزوج والعشيقة، وقد حولها المخرج الاميركي المعروف مارك روبسون عام 1956 الى فيلم سينمائي ناجح صوره في روما وأسند بطولته الى اثنين من كبار نجوم هوليوود في تلك الحقبة وهما الحسناء المشهورة آفا غاردنر وستيوارت غرينجر، وتروي قصة رجل أعمال لا يهتم بزوجته الجميلة ويذهب معها في رحلة سياحية إلى جزيرة نائية.