السعوديون يتفاعلون مع ضحايا غزة بـ«الدم» و«المال» و«الدعاء»

الرجال والنساء تزاحموا على بوابات المستشفيات وأماكن التبرعات

سعوديون يتبرعون بالدم لصالح إخوانهم ضحايا غزة («الشرق الأوسط»)
TT

بـ«الدم» و«المال»، وفوقهما الأهم «الدعاء»، رسم السعوديون طريقة تفاعلهم مع ضحايا غزة، بعد ان تحولت خلال اليومين الماضيين، المستشفيات الى خلايا نحل يقصدها مختلف اطياف المجتمع، رجالا ونساء كبارا وصغارا، للتبرع بدمائهم لضحايا اعتداءات غزة.

وفي صورة اخرى، تزاحمت منذ عصر امس، اماكن جمع التبرعات لمنكوبي غزة، التي اعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، لتنطلق في مختلف المناطق السعودية حملة لجمع التبرعات للضحايا.

وفي صورة اكثر عمقا، كانت اكف المصلين في كل المساجد، تتجه الى الله في كل الصلوات، بعد ان بدأ عدد من المساجد بالقنوت والدعاء على المعتدين، وان ينصر الله الاخوة الفلسطينيين، وان يلطف بهم من هذا الاعتداء الغاشم الذي طال الاطفال والنساء والشيوخ.

وتأتي هذه الصورة لترسم مفهوم التراحم والتواد والتعاطف للجسد الواحد، الذي ان اشتكى منه عضو تداعى له بقية الأعضاء.

فمع الوهلة الأولى لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بإطلاق حملة تبرعات شعبية عاجلة في عموم مناطق المملكة، للمساهمة في مساعدة وعون سكان قطاع غزة، وأن تكون هذه الحملة بإشراف مباشر من وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز، توجه السعوديون صغارا وكبارا، ومن جميع الفئات، الى مواقع التبرع كلا بما يستطيع.

ولأن التفاعل شمل كل أنشطة الحياة، فإن خير صورة ومثال على ذلك، ما سجلته «الشرق الأوسط» امام مستشفى الملك فيصل التخصصي، حيث شوهدت علامات الغضب والأسى الممزوجة بدموع الحزن، من قبل ابو عبد الله الذي رفض المستشفى أخذ كمية الدم التي أراد التبرع بها، بسبب اكتفائهم بالكميات الكبيرة الموجودة لديهم، ورغم إلحاحه الشديد واتصال المستشفى بالمشرف العام لقبول الكميات الكبيرة، الا أن الوعد بالاتصال به في اقرب وقت، كان المسكن الموضوعي لألم الخرقة في قلبه.

يقول الدكتور سعيد العمودي استشاري امراض الدم مدير ادارة المختبرات وبنوك الدم والمختبر الاقليمي في محافظة جدة، في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» «لم تستطع المستشفيات السعودية استيعاب الكميات الكبيرة من الدم التي وصلت بعد قيام الحملات، عبر اجهزة الهواتف الجوالة والصحف ووسائل الاعلام المرئية والصوتية، فتفاعل الجميع، واكتظت المستشفيات بأعداد كبيرة من المتبرعين وأخذ الجميع في ملء الاستبيانات المعدة للمتبرعين المحتوية على أربعين سؤالا للتأكد من سلامتهم من الأوبئة»، مشيرا الى انه رغم ارجاع عدد كبير منهم، الا أن الكميات فاقت امكانيات المستشفيات من ثلاجات واجهزة فحص الدم، ولكي لا يكون هناك هدر للكميات، كون الدم له مدة صلاحية، وبسبب صعوبة ايصال الكميات الكبيرة الي الاراضي الفلسطينية، إضافة الى الاعداد الكبيرة، اضطرت وزارة الصحة الى ايقاف حملات التبرع بالدم. وابان العمودي الى «أن مستشفى الملك فيصل التخصصي يستقبل يوميا نحو 600 كيس دم، فيما تستقبل المستشفيات المتخصصة الاخرى نحو 400 كيس يوميا، وهو الأمر الذي يبين بشدة صور التفاعل الاجتماعي من كافة فئات المجتمع، رغم تحديد وزارة الصحة أعمار المتبرعين من 16 الى 60 سنة، الا ان التفاعل كان من الجميع، وعلامات الغضب والحزن رسمت على أوجه من لم يستطيعوا التبرع».

وكان خادم الحرمين الشريفين، قد وجه في وقت سابق بتأمين كل ما يمكن من كافة المستلزمات الطبية والأدوية وشحنها إلى قطاع غزة، إضافة إلى تأمين طائرات الإخلاء الطبي، لنقل ما يمكن من المصابين والجرحى من الفلسطينيين من العريش في مصر إلى المملكة، وكذلك تأمين طائرات الشحن الجوي، لنقل المستلزمات الطبية والأدوية إلى العريش، وبالتنسيق بين السلطات في مصر وفلسطين مع السفارة السعودية في القاهرة. كما وجه الملك عبد الله، اعتماد معالجة الجرحى الفلسطينيين في كافة مستشفيات المملكة التخصصية والمرجعية والعامة كل حسب حالته الصحية، وأن تقوم وزارة الصحة بالتنسيق مع الجهات المعنية حيال ذلك، واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لإنجاز ذلك بشكل عاجل جدًّا.