أفراح أهالي الواحات.. ولوحات من ألف ليلة وليلة

150 ألف زائر للمهرجان الدولي للواحات في الجنوب التونسي

أحد فرسان «المرازيق» ذوي الشهرة العالمية يستعرض مهاراته في ركوب الخيل (أ.ب)
TT

على تخوم الصحراء وعلى بعد حوالي 500 كلم جنوب العاصمة التونسية، احتضنت مدينة توزر المهرجان الدولي للواحات في دورته الثلاثين أواخر الماضي. وهذا المهرجان مناسبة سنوية خلال عطلة الشتاء بالنسبة لتلاميذ وطلاب المدارس بالإضافة لرأس السنة الميلادية وهو ما يجعل الإقبال يزداد من سنة إلى أخرى.

ويعد أهالي الجريد التونسي أنفسهم كأحسن ما يكون لاستقبال الزائرين من كل حدب وصوب يأتون لاكتشاف الصحراء والواحات موطن الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي كما يسعون إلى عرض خصوصيات الجهة من فروسية ومنسوجات تقليدية وتمور «دقلة» النور خلال أيام المهرجان.واعتمدت هذه الدورة على تأكيد روح منطقة الواحات باستخدام الملابس والألوان والموسيقى، لذلك شهد اليوم الأول للمهرجان الخرجة التقليدية التي ضمت عروض الفداوي الرمزية و الأسطورية والتي تعتمد على تقديم الحكايات المستمدة من عمق التراث الشفوي.

وتدور عروض الفداوي في «دار بن عزوز» التي تعد من أقدم المنازل العتيقة بتوزر ويقدمها علاء الدين أيوب إلى جانب حكايات جريدية نابعة من أصل الواحة يقدمها شيوخ الواحة. كما عرض بنفس الدار وبالتعاون مع «اليونسكو» و«الالكسو» أكثر من 500 صورة فوتوغرافية لمنطقة الجريد التونسي أبدعها مصورون عرب وأوروبيون.

وتم على هامش المهرجان افتتاح فضاء السياحة الصحراوية بالتعاون ومع المندوبية الجهوية للسياحة بتوزر وفضاء الإنتاج السمعي والبصري للمهرجان وفضاء الأعشاب الطبية الصحراوية والجبلية وبالتعاون كذلك مع مهرجان الخيام بحزوة وفضاء المنتوجات الغذائية المشتقة من التمور. وأتيح للزائرين حصص لتذوق الأكلات التقليدية على غرار «المطبقة» و«البركوكش» و«السفة» و«الرقاق» و«الملاوي»... وشهد المهرجان مشاركات من اليابان وايطاليا وليبيا والجزائر وهو ما أثرى التظاهرة وجعل الإقبال أكثر تدفقا على الواحات الدافئة خلال الأشهر الشتوية.

واشتمل البرنامج التنشيطي على «دخلة طبالة الجريد» وهي عبارة مجموعة من اللوحات التقليدية التي تجسد أفراح أهالي الواحات من خلال إيقاعات فلكلورية وبمشاركة أكثر من 100 طبال وهي تؤكد تجذر الفرح والأغنية الشعبية بجهة الجريد.

أما الافتتاح الرسمي الذي حضره وزير الثقافة التونسي فهو عبارة عن حفل فرجوي ضخم ضم 1000 مشارك جسدوا أعراس منطقة الجريد في شكل حكاية خيالية تنتهي إلى لوحة كبيرة متكاملة في شكل ألف ليلة وليلة من خلال المجسمات والملابس المميزة للمنطقة والفرق الفلكلورية والصوفية والعروض المخصصة للفروسية، وتابع جمهور المهرجان على امتداد ساعتين مجموعة من اللوحات تجسم مراحل العرس التقليدي بمشاركة ألف مشارك من الأطفال والنساء والرجال وشارك في تأثيث هذا الحفل مجموعة من الفنانين الشعبيين أمثال محمود العرفاوي وعبد الرزاق بية وسماح جلول وأحمد العباسي.

أما اليوم الثاني فقد خصص لفرسان الجريد حيث انطلقت الأنشطة بدخلة الفرسان الذين قدر عددهم بـ100 فارس بمشاركة جمعيات الفروسية في مسابقات ثنائية وجماعية استعرض خلالها فرسان «المرازيق» ذوو الشهرة العالمية مهاراتهم في ركوب الخيل في استعراضات فردية وجماعية تجسم الفرق الدينية والصوفية بمناطق الجنوب «الدخلة الصوفية» وهي تسعى إلى إبراز ما تزخر به المنطقة من إيقاعات وأشعار وطرق صوفية في شكل لوحات من العزف و الشطحات الصوفية والألوان والرايات وتنطلق الدخلة من ساحة «سيدي عبيد» في اتجاه المنطقة السياحية المعروفة بـ«رأس العين».

ولم ينس منظمو هذا المهرجان عروض ترويض «الزواحف» وهو عرض فرجوي يقدم في شكل العاب وفقرات طريفة أبطالها الزواحف التي تعيش في الصحراء التونسية على غرار الأفاعي والثعابين والزواحف، ويقدمها حواة مختصون في هذه النوعية من الفرجة فيرصعون أجسامهم بالعقارب وهو لا شك تشد انتباه التونسيين والسياح على حد السواء.

وبهذه المناسبة قال عبد الواحد مبروك المنسق الفني للمهرجان «إن كل الفقرات المقدمة خلال أيام المهرجان مستوحاة من خصوصيات المنطقة، وهي تراعي الجوانب الجمالية التراثية من ملابس وموسيقى وخصائص بيئية... ولعل استقطاب حولي 150 ألف زائر من مختلف الجنسيات، خلال الأيام الأربعة للمهرجان تؤكد النجاح العالمي لهذه التظاهرة المعتمدة على خصائص الصحراء».