«أم الخلول» أو «البكلويظ» كما يطلق عليها في إقليم قناة السويس بمصر أو كما يسميها أهالي الإسكندرية «الجندوفلي».. أيا كان المسمى الذي يطلق عليها، فالكل يتفق على شهية طعمها وفوائدها الصحية لاحتوائها على العناصر الغذائية التي تساهم في تزويد الجسم بمصدر طاقة سهل الهضم. لكن الكثير لم يخطر على باله للحظة كيف يتم صيد هذا الكائن البحري وما هي المخاطر التي تواجه الصيادين البسطاء للحصول على بضعة جنيهات تعينهم على العيش مع صعوبة الحياة الاقتصادية.
«أم الخلول» حيوان رخوي يعيش داخل محارة بأحجام مختلفة تبدأ بحجم حبة البازلاء وحتى حبة الفول الكبيرة، وله أنواع متعددة منها السطح الأملس السادة والخشن ذات التعاريج.
«بعد صلاة الفجر وتحت وطأة العمل الشاق وصعوبة البحر وقدرية الرزق، نعمل لنحصل عليها».. يقول أحمد الصوفي صائد أم الخلول من مدينة الإسماعيلية الواقعة على قناة السويس، ويضيف: «كل من الصيادين يسعى على رزقه.. لا يوجد من بيننا من يحتكر صيد أم الخلول لنفسه، ولا يوجد من يتخصص في صيد السمك دون غيره. فالكل يسعى بكل الطرق ليحصل على ما في بطن البحر.
صيد «أم الخلول» ليس كصيد السمك، فهناك طريقتان لصيدها الأولى بـ«السكينة» وهي عبارة عن جرَّافة محاطة بالشباك تعلق في مؤخرة مركب الصيد وبها سنون طرفية يمكن بها أن تجرف الرمال الموجودة في قاع البحيرة حتى تظهر المحارة على السطح ويتم التقاطها داخل الشباك. والطريقة الثانية بـ«الكريك والمهزة».. وتحتاج هذه الطريقة لأكثر من شخصين حيث يقوم أحدهما بالجرف من القاع بـ«الكريك» ويلقي ما بها بـ«المهزة» والتي يحملها غيره وهي أشبه بالمصفاة السلك، حيث يصفي منها الرمال ويستخلص المحارة من المصفاة، وبذلك تتم عملية الصيد.
وأحيانا يقوم البعض بالصيد اليدوي حيث يعتمدون على الغوص والحصول على المحارة بالبحث اليدوي في الرمال. ويضيف الصياد أحمد الصوفي أن أفضل الأوقات لصيد «أم الخلول» هو عقب صلاة الفجر وحتى الساعة الحادية عشرة ظهرا. وتكثر أعداد أم الخلول في فصل الصيف عنها في فصل الشتاء.
ويقول بائع أم الخلول فارس أحمد في حلقة السمك بالإسماعيلية إنها تخضع كأي سلعة لقانون العرض والطلب، فمع زيادة المعروض في فصل الصيف تنخفض أسعارها أما مع انخفاض أعدادها فتزداد أسعارها. ويوضح أن هناك إقبالا من المطاعم والقرى السياحية بشرم الشيخ والعين السخنة وغيرها من المدن القريبة من الإسماعيلية على الاستحواذ على كافة المعروض لسد احتياجات زبائنهم. وتعد نوعية أم الخلول البلدي هي الأكثر رواجا داخل القرى السياحية والمحلات الفخمة لتزايد الطلب عليها لشهرة مذاقها الشهي. وتتراوح أسعارها بين 18 جنيها إلى 30 جنيها للكيلوغرام منها.
وهناك نوعية أم الخلول العرايس، وتعرف بكبر حجمها وبلونها المائل للحمرة وملمسها الناعم. وتتراوح أسعارها ما بين 5 جنيهات إلى 10 جنيهات للكيلوغرام، وهذه النوعية يكثر وجودها في بحيرة التمساح القريبة من مدينة الإسماعيلية.
«أم الخلول» السباع هي نوع آخر تعرف بملمسها الخشن وألوانها المتعددة وأسعار بيعها في سوق السمك بين 12 جنيها و15 جنيها للكيلوغرام. ويوجد نوع آخر هو «أم الخلول» البلطي الذي يعد من أرخص الأنواع، ويبدأ سعر الكيلوغرام الواحد منها بين 3 جنيهات و5 جنيهات للكيلوغرام، وتؤكل مملحة دون طهي وتعرف بصغر حجمها ولونها الأسود وملمسها الناعم وهذه تلقى إقبالا من البسطاء وغيرهم ويتخذونها كمسليات كبذور اللب وغيره.
ويزيد الإقبال على تناول أم الخلول في فترة الصيف عندما يزداد عدد زوار المدن الساحلية مثل مدينة الإسماعيلية.
ويقول محمد فؤاد وهو صياد وبائع لأم الخلول إن هناك مشاكل عديدة تواجه الصيادين بصفة عامة وصيادي أم الخلول بصفة خاصة، ففضلا عن قرارات السلطات المحلية بمنعهم من الصيد ليلا في قناة السويس بدأت مأساتهم بعد حفر السلطات طبقة من قاع القناة لتعميقها من أجل مرور السفن، وبالتالي تراجعت المساحة غير العميقة التي كانوا يصطادون منها أم الخلول.
ويضيف فؤاد: أصبح مكان صيد أم الخلول عبارة عن شريط صغير لا يتعدى بضعة أمتار على طول القناة. وإلى جانب هذه المشكلة، يقول فؤاد إن هناك مخاطر تلازمهم في عملهم.. «فالكثير منا يصابون بتشققات الجلد من المياه المالحة، والرطوبة في العظم، والبلهارسيا من عبورنا أماكن بالقناة تصب فيها مياه الصرف الصحي والنزول المستمر في المياه، وخاصة في أشهر الشتاء حيث يكون الماء شديد البرودة».
نجاح عبد العظيم وهي من المعتادين شراء أم الخلول ترى أن حساء «أم الخلول» من الوجبات البحرية الصحية، وتعد كوجبة مكملة لوجبة السمك ولا تعد وجبة أساسية.. وتقول إن أفضل طريقة لتناولها أن تكون «مسلوقة» مع إضافة البهارات والملح والليمون عليها.
وتؤكد الدكتورة عايدة سليمان أستاذ الكيمياء الحيوية بجامعة قناة السويس أن لأم الخلول فوائد صحية كبيرة فهي مصدر للمعادن حيث تحتوي على نسب من المغنسيوم، والبوتاسيوم، والفسفور، والكالسيوم، والزنك، مشيرة إلى أن جميع هذه المعادن لها دور في زيادة حيوية الجسم ونشاطه وكذلك تعتبر مصدرا جيدا للبروتين والدهون وغيرها من العناصر التي تسهم في تغذية الدماغ وبناء الخلايا العصبية والمخية ما يساعد على التمتع باليقظة الذهنية.