حرب الأسعار تطال مطاعم لندن

تخفيضات وعروض خاصة على قوائم الطعام بسبب الأزمة الائتمانية

على غرار انهيار البنوك وإغلاق أهم وأكبر المحلات التجارية الكبرى ابوابها بدأ ناقوس الخطر يدق أبواب المطاعم اللندنية
TT

من المألوف ان ترى حسومات تصل الى 70 بالمائة على المفروشات، أو على الملابس والاحذية أو غيرها من الحاجيات ولكن هل حصل أن رأيت حسومات وعروضات خاصة على المأكولات في المطاعم؟ إذا لم تشاهد هذا المشهد بعد، فلا بد ان تزور العاصمة البريطانية لندن، التي تعاني مثلها مثل أي عاصمة عالمية أخرى من الازمة الائتمانية لدرجة ان ترجمة هذه العبارة بالانجليزية Credit Crunch أصبحت من أكثر العبارات التي استعملت في بريطانيا والعالم في الاونة الاخيرة ولا تزال من اكثر العبارات المستعملة حاليا، وعلى غرار انهيار البنوك وإغلاق أهم وأكبر المحلات التجارية الكبرى ابوابها، بدأ ناقوس الخطر يدق أبواب المطاعم اللندنية لا سيما مطاعم النخبة منها، مما دعا إداراتها الى التحرك وسريعا، لوضع استراتيجية غير مسبوقة، فقامت باستحضار لافتات المحلات التجارية التي تشير الى الحسومات الخاصة، لدرجة ان العديد من المطاعم خلقت لائحات طعام خاصة بالازمة الاقتصادية واطلقت عليها اسم Credit Crunch Menu ولوجبات الغداء اطلق اسم Credit Crunch Lunch، واصبح بإمكان الزبون التوجه الى المطاعم المتعاطفة مع فقر الزبائن لتناول عدد من الاطباق التي لا يتعدى ثمن الواحد منها الجنيه الاسترليني الواحد.

ومن بين المطاعم التي تنبهت وشعرت بلهيب الازمة، مطعم اوبيكا الايطالي بفرعيه قرب ساحة الطرف الاغر في لندن وفي متجر سيلفريدجز، فيقول ستيفانو بوتورتي المدير العام للمطاعم في لندن، إن المطاعم تعيش أزمة حقيقية، فتدنت نسبة المبيعات بحوالي 70 بالمائة خلال الاشهر الاربعة الاخيرة، لذا كان لا بد ان نقوم بشيء لتفادي حصول كارثة حقيقية تؤدي الى إغلاق أحد الفروع، فلجأنا الى الحسومات التي وصلت الى 40 بالمائة على جميع الاطباق، تماما كما يحصل في متاجر بيع الملابس، كما قمنا بطبع النشرات الدعائية وتولى احد الموظفين عملية توزيعها في الاماكن المكتظة، وبعد الحسومات الكبيرة هذه تحسنت الامور ولكن ليس بشكل كبير، لذا قررنا الان اللجوء الى الحل رقم اثنين الا وهو تشجيع الزبائن على الاكل في المطعم من خلال تسجيل اسمائهم في لائحة السحب على طريقة اليانصيب، والجائزة هي عبارة عن تذكرة سفر (ذهابا وإيابا) الى إيطاليا، وسيتم إجراء السحوبات في نهاية كل أسبوع. ويعتقد بوتورتي ان هذه الطريقة هي افضل من الطريقة الاولى، خاصة وان الزبائن يعيشون تحت وابل من الخوف من الازمة، ولا يصدقون الاعلانات والحسومات ولديهم شكوكهم في مصداقية العرض.

واكد بوتورتي بأن مطاعمه خسرت ارقاما خيالية في الاونة الاخيرة بسبب الازمة الاقتصادية، كما ان الشركة تواجه مشكلة أخرى وهي انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني مقابل اليورو، وهذا من شأنه ان يؤثر على اسعار المنتجات والمكونات التي تعتمد عليها مطابخ المطعمين في لندن خاصة وان جميع المنتجات هي ايطالية المنشأ.

أما بالنسبة لمطعم غالفين أت ويندوز في فندق هيلتون، فلم يفلت من الازمة ايضا، رغم التطمينات التي جاءت من مدير المطعم العام الفرنسي فريد سيرياكس الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن عام 2008 كان عاما جيدا من حيث المبيعات، غير انه من المهم مراعاة شعور الزبائن والتنبه للازمة، وجذب أكبر عدد ممكن من الزبائن ومن جميع الشرائح الاجتماعية ولو ان المطعم يعتبر من اهم مطاعم النخبة في لندن.

واضاف سيرياكس، بأنه يقوم حاليا بتقديم عروضات خاصة على الاطباق في فترتي الغداء والعشاء، 25 جنيها استرلينيا لقاء 3 أطباق للغداء و 50 جنيها للشخص الواحد للعشاء كما يقدم غالفن بيسترو دولوكس في مارليبون في وسط لندن عرضا لا يقاوم ، يخول الزبون الاكل فيه بأقل من 16 جنيها.

وتعليقا على الموضوع يضيف سيرياكس بأن الخوف هو أكبر من الازمة نفسها، فبعد ان اصبح اكثر من 70 بالمائة من البريطانيين يفضلون الاكل في البيت على الذهاب الى المطعم، كان لا بد ان يقوم المطعم بشيء يشد الزبون بطريقة ذكية، ومن هنا ارتأينا بأن الحسومات والعروضات الخاصة من شأنها ان تساعد المطعم والزبون لتخطي هذه المحنة العالمية، ويعول المطعم حاليا على شراء معظم المكونات من مزارع في بريطانيا، للابتعاد عن مشكلة تدني قيمة الجنيه الاسترليني، وهذه مشكلة أخرى لم تكن بالحسبان ومن شأنها ان ترفع اسعار المأكولات في المطاعم.

أما بالنسبة لمطعم «لو سيركل» في كينزنغتون فهو يقدم وجبة كاملة مؤلفة من 3 اطباق مقابل 15 جنيها، ومطعم «امبيسي لندن» الراقي في مايفير يقدم 10 بالمائة حسم على جميع الاطباق، ومطعم «لوتر بييه» في مارليبون فيلادج يقدم فرصة تذوق 3 اطباق رئيسية بقيمة 22 جنيها، وبالنسبة لمطعم «لو فاشرين» الفرنسي الشهير، فهو يحارب الغلاء على طريقته، فوضع لافتة كبيرة كتب عليها: «تغلب على الكريدت كرانش وتمتع بفرنسا بأقل من 10 جنيهات» ، ومطعم «بوند» المعروف بأسعاره العالية واستقطابه لصفوة المجتمع البريطاني، جاء بعبارة مفادها: «اسعار خاصة لعلاج مرض الازمة الائتمانية»، ولمحبي ثمار البحر، ننصحهم بالاستفادة من كرم المطاعم والازمة الائتمانية من خلال اكل ما يحلو لهم من الاستاكوزة بسعر 22 جنيها في مطعم مثل مطعم «بينتليز اويستر بار اند غريل» في مايفير. قبل تفاقم الازمة الاقتصادية التي بدأت بانهيار البنوك، كانت بعض المطاعم ترفض استقبال الزبائن من دون حجز سابق، إنما اليوم فالزبون هو سيد المواقف، فعزيزي القارئ سوف تعامل معاملة اهم الشخصيات عند توجهك الى أهم المطاعم اللندنية، فالحسومات لا تزال جارية وتخفيض الاسعار موجود والطاولات حاضرة وبانتظار الزبائن الذين يعرفون «من أين تؤكل الكتف والاطباق» او يملكون القلب القوي للتصدي لرياح العاصفة الاقتصادية.