كان أحد الزبالين أثناء جمعه للقمامة من عمارة فاخرة في مدينة الإسكندرية على موعد مع الحظ، فقد عثر على «شوال» به مجموعة كبيرة من الصور لفنانين ونجوم السينما في القرن الماضي، وببساطته حاول أن يبيع هذا الكنز لمن يهوى الفن والسينما لعله يكسب منه مبلغاً من المال يعينه على الحياة، ولم يخطر بباله أن هذا الشوال يضم في أحشائه أرشيفا نادرا لشخصيات وأحداث تاريخية تمثل حقبة مهمة من تاريخ مصر، فقد تلقفه منه مكرم سلامة، وهو أحد هواة جمع الوثائق والأرشيفات، لقاء مبلغ متواضع من ذلك الرجل البسيط. وتجسد الصور الجانب الإنساني للرئيس المصري الراحل محمد نجيب أول رئيس لمصر عقب الحقبة الملكية وبدايات الحقبة الجمهورية، وكيف كان رجلاً بسيطاً وأبا حنوناً ينزل إلى الشعب ويتحدث ويتسامر معه. يقول سلامة إنه لم يصدق نفسه حينما وجد هذا الكنز، خاصة أن الصور تجسد لحظات تاريخية مهمة، ويقول «لا أعرف هل يمكن أن يُلقى بتاريخنا في القمامة بمنتهى البساطة؟ فهذا الأرشيف واضح أنه من صنع عدد من المصورين الفوتوغرافيين الذين يعملون لحساب إحدى المؤسسات الصحافية التي أغلقت أبوابها في القاهرة، وتخلصت من أرشيفها الصحافي، الذي يشمل جولات الرئيس محمد نجيب، وصوراً للرئيس مع أعضاء مجلس قيادة الثورة: جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر وحسين الشافعي، وصورا لأول استعراض قام به الجيش تحت إشراف اللواء محمد نجيب عام 1952، وأثناء افتتاحه محطة إذاعة أبو زعبل، صُوِّر أثناء تسجيله لحوار إذاعي لمحطة الشرق الأدنى بمنزله مع أبنائه، وزيارته للجامعة الأميركية لحضور مسرحية، ولقاءاته مع الشعب والبسطاء وصورا له أثناء إلقائه خطابا إذاعيا بعد عودته من السودان عام 1954». يعمل مكرم سلامة على أرشفة هذه الصور في ألبومات مؤرخة وموثقة لتاريخ كل حدث، ويقول «لقد جاءتني عروض لشراء هذه الصور إلا انني أرى أنها ثروة تاريخية لا ينبغي أن أفرط فيها من أجل الأموال». ويعتبر محمد نجيب يوسف، قائد ثورة 23 يوليو/ تموز 1952، وأول رئيس لجمهورية مصر العربية، سليل أسرة عسكرية اشتهرت بالشجاعة والإقدام، فوالده (يوسف نجيب) كان ضابطا بالجيش المصري بالسودان. ولا أحد يعرف تحديدا تاريخ ميلاد محمد نجيب، بل إنه ذكر في مذكراته أنه حائر بين ثلاثة تواريخ لميلاده وهي إما 28 يونيو (حزيران) 1899، أو 19 فبراير (شباط) 1901، والثالث هو 7 يوليو 1902. والتاريخ الموجود في ملف خدمته بالجيش هو 19 فبراير1901 حيث ولد بساقية معلا بالخرطوم ـ طبقاً لملف خدمته ـ حيث نشأ وترعرع فيها.