التلفزيون المغربي يكشف الوجه الآخر لمنطقة إميلشيل

اشتهرت بموسمها السنوي للزواج الجماعي

تنتظر إميلشيل مشروعاً وطنيا يساهم في رفع معاناة سكانها («الشرق الأوسط»)
TT

ارتبطت منطقة «إميلشيل»، جنوب المغرب، في الذاكرة بموسمها السنوي للزواج الجماعي، الذي يجمع بين شبابها، وسط احتفال شعبي يقام كل عام، إحياء لذكرى عادة قديمة، تتحدث عن وقوع شاب وشابة أسيرين في قبضة العشق، غير أن القبيلتين المتنازعتين اللتين ينتميان إليهما، حالتا دون إتمام زواجهما، فانخرطا في بكاء مرير، حسب الأسطورة، مما أدى إلى تكوين بحيرتين؛ هما «إيسلي»، و«تسليت».

بيد أنه خارج هذه الصورة النمطية، التي تكرست عن منطقة «إميلشيل»، يوجد واقع مأساوي يعيشه سكان هذه المنطقة، طيلة فصول السنة، في غياب عدد من التجهيزات والبنى التحتية. وهذا ما يجسده برنامجان تلفزيونيان تم تصويرهما لفائدة القناة التلفزيونية الثانية، ولم يتم بثهما بعد، وهما من إعداد الطاهر الطويل، وهشام العبودي، الصحافيين بالقناة، اللذين كشفا أن وراء سحر الأسطورة وجمالية الصورة واقعا مريرا، سجلا بعض تفاصيله الدقيقة. يحمل البرنامج التلفزيوني الأول عنوان «إميلشيل: حرقة العزلة»، ويسلط الضوء على أهم مشكلة تعرفها المنطقة، وهي مشكلة البنيات التحتية التي تجعل إميلشيل تعيش في عزلة شبه تامة عن باقي المناطق، بسبب ضعف المسالك الطرقية، خاصة في فصل الشتاء الأشد قساوة هذه السنة.

ورصدت كاميرا القناة التلفزيونية الثانية، عن كثب، مشاكل التجمعات السكانية البعيدة، وقامت بتعرية الواقع المأساوي، الذي يعيشه سكانها على مدار العام، بفعل الموانع الطبيعية والمناخية، إضافة إلى عنصر التهميش الذي مورس على المنطقة لعقود طويلة.

ويسلط البرنامج، أيضا، الضوء على أوضاع النساء، في ظل سطوة التقاليد والأعراف التي تنزل بثقلها على المرأة. وبذلك يفتح البرنامج النقاش حول وضعية المرأة القروية، وما تعانيه جراء بعض الأفكار القديمة التي أصبحت متجاوزة، بفعل عدد من النصوص الجديدة التي أدخلت على المنظومة القانونية، مثل مدونة الأسرة، وغيرها. وعلى الرغم مما يتكبده الإنسان في إميلشيل من ألم ومعاناة، فإنه يظل متمسكا بأرضه وبكل ما من شأنه أن يسهل عليه ظروف العيش، ويزرع في نفسه بذور الأمل. في هذا السياق، يقوم البرنامج الثاني الذي يحمل عنوان «دروب مضيئة»، بالتعريف براهن العمل التنموي في إميلشيل، من خلال نماذج عملية، تقوم بها جمعيات نشيطة، من قبيل: جمعية أخيام وأسيف ملول، وتاميات وأدرار. ويتوزع عمل هذه الجمعيات بين بناء رياض للأطفال، وإنشاء تعاونيات نسائية، وبناء حواجز لمنع انجراف التربة، وتشجير المنطقة، وتوزيع ملابس على الأطفال المحتاجين... إلخ ويتوقف البرنامج التلفزيوني عند مساهمة أبناء المنطقة في التنشيط السياحي، من خلال بناء مآو سياحية وغيرها من المشاريع التي من شأنها أن تساهم في محاربة الفقر وتوفير أنشطة مدرة للدخل.

ويعرف البرنامج أيضا بمجالات تدخل «مؤسسة محمد الخامس للتضامن» في المنطقة، التي تركز على الجانبين الصحي والاجتماعي.

ويخلص البرنامج، في الأخير، إلى قناعة تتمثل في أنه إذا كانت «إميلشيل» فسيفساءً متنوعا من المؤهلات السياحية والطبيعية والبيئية، فإنها ما زالت تنتظر مشروعا وطنيا مندمجا، يساهم فيه كل المتدخلين المعنيين، حتى يكون الاستقطاب السياحي في حجم المؤهلات والروافد الطبيعية والبشرية والتاريخية التي تكتنز بها المنطقة.