فنانون عراقيون شعارهم «وداعا للسلاح» يحولون أدوات القتل لأعمال فنية

زهريات وأصص من بقايا القنابل ولوحات بألوان الرصاص في بيوت بغداد

TT

خلال الحرب العراقية الإيرانية(1980-1988) دخلت الأسلحة، أو بقاياها إلى بيوت العراقيين، بعد أن تم تحويلها إلى قطع فنية جاءت ردة فعل ضد الحرب من جهة، ورسالة مفادها أن العراقيين قادرون على تحويل أدوات القتل إلى أعمال إبداعية. فلم يكن من المستغرب خلال سنوات الحرب بين بغداد وطهران، أن ترى بقايا قذيفة مدفع وقد تحولت إلى زهرية للورود، آو أن تتحول بقايا طلقة إلى عقد نسائي، أو أن تشاهد لوحة فنية ملونة ببقايا طلقات لعدة أسلحة، أو أن تتغير وظيفة الخوذة العسكرية إلى أصص تزرع فيها الورود. كانت هذه الإبداعات قد بدأت في معسكرات الجيش، وفي مواضع الجنود في جبهات القتال، من أجل تزجية الوقت، وسرعان ما انتقلت إلى الآخرين. واليوم يعرض فنانون عراقيون أعمالا نحتية شكلوها من أسلحة الحرب، من بينها ماسورة بندقية تحولت إلى حشرة طائرة، وكعب بندقية نحت على شكل ملكة فرعونية قديمة. ويقول خريجون من كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد إن «المشروع الذي بدؤوه أواخر العام الماضي يستخدم أشياء جلبت على العراق الدمار ويحولها إلى إبداعات فنية». وقال النحات، حيدر موفق، وهو يستخدم مسدس لهب لثني قضبان من الصلب، وتحويلها إلى نموذج تجريدي لحي قديم في بغداد إنها «رسالة من بغداد إلى كل العالم بأننا نحول قطع الدمار التي قتلت كثيرا من الناس إلى أعمال فنية». ومن غير المرجح أن تنفد المواد التي يستخدمها الفنانون. فالعراق واحد من أكثر دول المنطقة التي يكثر فيها السلاح، فهو يعج بأسلحة قديمة من عهد الرئيس السابق صدام حسين، وأخرى حديثة هربها متشددون. كل يوم تدمر المنظمة العراقية لنزع الألغام نحو 800 سلاح، منها بنادق كلاشنيكوف (ايه.كيه-47)، وبنادق برين البريطانية القديمة، وقذائف مورتر، ورشاشات جمعتها القوات الأمريكية خلال حملاتها الأمنية. وقال زاحم جهاد مطر، رئيس المنظمة «أنا اعتقد أنها أول فكرة في العالم نحو تدمير الأسلحة، وتحويلها إلى قطع فنية، عندما نرى قطع الأسلحة بعد أن كانت وسيلة للقتل والدمار والذبح تتحول إلى وسائل تحاكي الحياة والفن والحرية، هذا شيء جميل». في ورشة عمل صغيرة بقلب بغداد، يتوسط المكان تمثال بالحجم الطبيعي لراعي أبقار، جمع من بقايا قاذفات صواريخ، يمسك بمسدسين حقيقيين. وإلى جواره سمكة صنعت من قطع خردة معدنية وإنسان آلى يبدو حقيقيا بدرجة كبيرة. كما شملت المعروضات منحوتة نصفية للملكة الفرعونية نفرتيتي، زوجة الفرعون المصري اخناتون، التي اشتهرت بجمالها صنعت من كعب بندقية. وستفتتح مجموعة الفنانين والمنظمة العراقية لنزع الألغام قاعة عرض للجمهور في أبريل (نيسان). وقالوا إن «عائدات المبيعات ستمنح إلى الدور التي ترعى الأطفال، الذين أصيبوا في انفجار قنابل أو ألغام». وقال علي حميد وهو يضع اللمسات النهائية على تمثال لدراجة نارية «شعارنا وداعا للسلاح»