احتفاء مصري ـ ألماني بالناصر صلاح الدين

القاهرة تحتضن معرضًا لأهمّ آثار عصره

يضم المعرض87 قطعة أثرية تمثل نماذج مختلفة للفنون الحرفية في العصر الأيوبي («الشرق الأوسط»)
TT

في الوقت الذي احتفى فيه العالم العربي والإسلامي كثيرًا بالإنجازات العسكرية والسياسية للقائد الأيوبي المسلم الناصر صلاح الدين، لم يتنبه كثيرون للإنجازات التي شهدها عصرهن ولا تزال بقاياها قائمة إلى الآن، في صورة روائع معمارية وتحف زخرفية، وصناعات يدوية، وهي مفردات استضاف بعضَها قصرُ الأمير «طاز» بالقاهرة التاريخية، ضمن معرض لآثار القائد العظيم، احتفاءً بقيمته وتاريخه. يستضيف قصر الأمير - وهو مركز ثقافي يتبع صندوق التنمية بوزارة الثقافة المصرية - المعرض، حتى منتصف فبراير (شباط) القادم، ويعرض خلال تلك الفترة 87 قطعة أثرية، تمثل نماذج مختلفة للفنون الحرفية في العصر الأيوبي، سواء في مصر أو سورية.

من بين ما يضمُّه المعرض، أعمال نحت خشبية، وأوانٍ من العاج، بالإضافة إلى صناديق صغيرة ولويحات قيّمة منحوتة، استُخدمت في تزيين واجهات الأثاث الخشبي، وقوارير من البلور الصخري والزجاج المشكَّل، كانت تُستخدم للاحتفاظ بمستحضرات الزينة، خصوصًا الكحل، ومقلمة من النحاس مطعَّمة بالفضّة، منقوشة بحروف مائلة على الغطاء والجانب، وداخلها أقلام ودواة ورمل، إضافة إلى نماذج مصوَّرة لضريح صلاح الدين (ت: 1193 م عن عمر يناهز 55 عامًا)، الذي شيّده ابنه الفاضل، في الجهة الشمالية من المسجد الأموي. ويجسّد الضريح نموذجًا واضحًا لفن العمارة الأيوبية، ويتكون من بناء مكعّب الشكل، وفوقه قبّة لها ستة عشر وجهًا. ويوجد الآن داخل الضريح مقبرتان مبنيتان حسب الشعائر الإسلامية، ولكل منهما، من جهة الرأس، شاهد مغطّى بالقماش، القبر الأول مبنيّ من الرخام الأبيض المزخرف بالزهور، وقد تَبرّع لبنائه القيصر الألماني وليم الثاني، عند زيارته دمشق في عام 1898، نظرًا إلى اهتمامه الخاص بسيرة صلاح الدين وشخصيته الفذّة، أمّا القبر الخشبي الأصلي، فيعود إلى القرن الثاني عشر الميلادي، وعليه زخارف نجمية هندسية تُستخدم في العمارة الإسلامية، وكُتبت عليه الآية 255 من سورة البقرة «وسِعَ كرسيُّه السمواتِ والأرضَ ولا يؤوده حِفظُهما وهو العليُّ العظيمُ»، والدعاء «يا الله ارحمْه، وافتحْ له أبوابَ الجنَّةِ، فهذه هيَ آخر الفتوحات التي تَمنَّاها».

تَنوّعَت مقتنيات المعرض وتعددت مصادرها، فبعضها يخصّ متحف الفن الإسلامي بالقاهرة، كما شارك أيضًا متحف الطبيعة والإنسان بمدينة أولدنبورغ الألمانية، الذي سبق وأقام معرضًا عام 2006 تحت عنوان «صلاح الدين والصليبيون - بين القاهرة ودمشق»، وشارك المتحف الإسلامي ببرلين ببعض القطع الأثرية، بينما قدّمت مديرية الآثار السورية نماذج لقلعتَي حلب ودمشق. وبحسب جمال مصطفى مدير قصر «الأمير طاز»، فإن المعرض شهد إقبالاً جماهيريًّا حاشدًا، وبخاصة من الطلبة والتلاميذ، نظرًا إلى ما يمثّله صلاح الدين من قيمة تاريخية فريدة.