تراث المخرج السويدي برغمان بين أيد أميركية

بعد خلافات قضائية مديدة

TT

أصبحت الأعمال الكاملة للمخرج السويدي الأسطورة إنغمار برغمان أخيرا من حصة مالكين سابقين لسينما في ولاية كولورادو الأميركية بعد معركة قضائية استمرت 8 سنوات مع شركة إعلام اسكندنافية.

فلتغطية تكاليف الدعوى القضائية غير المدفوعة والتي تصل إلى عدة ملايين، أصدر قاض من محكمة كولورادو قرارا ضد شركة «سفينسك فيلم اندستري» يتمثل بأخذ كل حقوق كاتالوج الأفلام الخاصة بها وتحويلها إلى ملكية شركة «لاندمارك ايزيس» بمدينة أسبن في كولورادو.

وقال ممثلون عن «لاندمارك ايزيس» إن عميلة تحديد وتسجيل حقوق ملكية أفلام المخرج السويدي الراحل برغمان وعشرات من المخرجين الآخرين مع «مكتب حقوق النشر» الأميركية قد تمت في أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وحتى الآن تم نقل ملكية 450 فيلما سينمائيا وتلفزيونيا لصالح شركة ايزيس الأميركية بما فيها المجموعة الكاملة لأفلام برغمان والتي تتضمن أعمالا بارزة مثل «صرخات وهمسات» و«فاني وألكسندر» و«ساعة الذئب» و«الختم السابع» و«الفراولة البرية» وأفلام أخرى لمخرجين اسكندنافيين قدموا أفلاما تعد اليوم من كلاسيكيات السينما مثل فيلم لاسه هالستروم «حياتي ككلب» وفيلم بو وايدربرغ «الفيرا ماديغان».

ومن المتوقع أن تعبد هذه الخطوة الطريق للجمهور لمشاهدة أفلام برغمان بعد أن ظل الموزعون مقننين في توزيع أفلامه بسبب تلك المعركة القضائية التي ظلت قائمة بين الطرفين. وتوفي برغمان يوم 30 يونيو (حزيران) 2007 عن عمر يناهز التاسعة والثمانين.

وتسعى شركة «ايزيز» الآن إلى توزيع ومنح الرخص الخاصة بعرض أفلام برغمان وإيصالها إلى جمهور أوسع حسبما ذكر محامي الشركة جاك سميث لوكالة «رويترز».

وأضاف الأخير: «نحن لم نختر الذهاب إلى تجارة الأعمال المتعلقة بالأفلام السويدية. فكل ما اخترناه هو لاسترجاع الأموال التي أنفقناها على القضاء».

ولعب برغمان دورا أساسيا في تطور الأفلام المعنية بالعوالم الداخلية لأبطاله، ويمكن تلمس اثر المسرح على أعماله واستثمار الصمت والتأمل فيها. وكان يعد نفسه تلميذا للكاتب المسرحي السويدي أوغست سترنبرغ الذي اشتهر بمسرحيات مثل «الأب» و«الآنسة جولي». وخلال الخمسينات والستينات أصبح برغمان واحدا من المعالم الأساسية في عالم الإخراج السينمائي جنبا إلى جنب مع المخرجين الايطاليين مثل فليني وفيتوريو سيكا. وإذا كانت الموجة الجديدة من الأفلام الإيطالية ظلت محتفظة بروح دعابة سوداء، فإن أفلام برغمان ظلت مخلصة للطابع الجاد والمغلف بقدر من الكآبة التي قد تعكسها الحياة السويدية. كذلك عمل برغمان قليلا في مجال المسلسلات التلفزيونية. إذ أنه حول مسرحيته الشهيرة «مشهد من الحياة الزوجية» إلى مسلسل تلفزيوني خلال أواخر السبعينات. وكان ظهور كل حلقة في السويد يعني حالة من منع التجول في الشوارع إذ يظل الجميع يتابعون البطلين الزوجين وهما في صراعهما الداخلي ضمن حياتهما المشتركة.

وظل برغمان حتى آخر حياته مشاركا بشكل فعال في الإخراج أو كتابة سيناريوهات أفلام عرف نجاحا كبيرا.

لكن يبدو الآن ومع نجاح شركة «ايزيس» في انتزاع حقوق نشر أعماله كاملة ستصبح الأرباح المتأتية من تراثه الغني تصب في جيوب أميركية همها الأساسي هو الربح. ومع ذلك فإن الإفراج عن أعمال برغمان سيتيح للأجيال الجديدة من محبي السينما، التعرف إلى عالمه السحري الذي تثار فيه أسئلة تتعلق بالوجود الانساني بطريقة مدهشة.