عبارات طريفة تزين وسائل النقل السورية

لرد العين الحاسدة .. أو تأكيد حب السائقين لها.. أو تحديا لمنافسيهم

حافلة وضع صاحبها عبارة طريفة عليها من الخلف («الشرق الأوسط»)
TT

يعتقد السوريون، كغيرهم من شعوب الأرض، بالتعاويذ والتمائم لرد الحسد، وإبعاد العين الحاسدة، وذلك باستخدام العديد من الأدوات والكتابات التي توارثتها الأجيال لدرء الحسد. وأول ما يلاحظه الزائر هو استخدام هذه التعاويذ في وسائل النقل العامة والخاصة. فإذا كنت تعبر أحد شوارع دمشق، أو تحاول الركوب في سيارة أجرة (سرفيس أو تاكسي)، أو حافلة، بما فيها البولمانات الضخمة المنطلقة من جراجات حرستا والقابون بشمال العاصمة السورية، أو من السومرية والميدان في جنوبها، فقد تندهش عندما تشاهد حذاء قديما يتدلى خلف السيارة، وإذا ما سألت السائق عن السبب؛ سيجيبك فوراً «إنه لدرء حسد الحاسدين»، خاصة إذا كانت السيارة جديدة «بنت سنتها» - كما سيوضح لك - وبالتالي فمهمة الحذاء رد عيون الحاسدين من زملائه سائقي سيارات الأجرة، أو حتى من أقاربه وجيرانه!.

وثمة مَنْ لا يكتفي بالحذاء القديم، بل يضع «الكف الأزرق» أو نموذجا لحذاء صغير أو تعويذة «العين الزرقاء» داخل سيارته على زجاج الواجهة الأمامية للسيارة، ليشاهدها كل من ينظر إلى السيارة لترد نظرته الحاسدة.

هذه التعاويذ وما شابهها رائجة جدا في الأسواق الدمشقية الشعبية والقديمة، ولها زبائنها الكُثْر، ليس فقط من أصحاب السيارات وسائقيها، بل ومن النساء والرجال، لتعليقها في منازلهم أو على صدور أطفالهم، لدرء الحسد عنهم. ومع انتشار التعاويذ على السيارات، مثل «سارحة والرب راعيها»، و«عين الحسود فيها عود»، و«يا ناظرني نظرة حسد.. أشكيك لواحدٍ أحد»، تفتقت أذهان عدد من مالكي وسائل النقل العامة عن وضع عبارات أخرى باستخدام الخط العربي بشكل فني متقن، وهي ظاهرة قديمة جديدة، بحيث تحوّلت هذه العبارات إلى ميزة خاصة بكل وسيلة نقل. وتبارى مالكوها، وبمساعدة أصحاب محلات الزّينة والخطّاطين، في ابتكار العبارات والأشعار والكلمات المعبرة.. وحتى مقاطع لأغاني كبار المطربين المعروفين من مختلف أنحاء العالم العربي. وهكذا نشاهد اليوم عناوين أو مقطعا صغيرا لأغاني نانسي عجرم، مثل «مين ده اللي نسيك»، أو لهيفاء وهبي «مش قادرة أستنى»، أو لنجوى كرم، مثل «ورود الدار»، أو لكاظم الساهر مثل «زيديني عشقاً»، ولسعدون جابر مثل «يوم ماشوفك ماريد عيوني».. أو حتى لكوكب الشرق أم كلثوم، مثل «أنت عمري» و«يا مسهرني» ...إلخ. وبالتالي، ما عادت عبارات درء الحسد تحتكر الساحة، تاركة مجالا لعبارات مدح المالك أو السائق للسيارة الجديدة ولنوعها وموديلها، أو عبارات للتغزل بها ومن خلالها بحبيبته، مثل «عروسة البادية (أو الساحل)»، و«ميلي على ميالك أبو عبده خيّالك!». كذلك ابتكر آخرون كلمات وعبارات طريفة لسياراتهم، حتى ولو كانت قديمة ورخيصة الثمن، فهناك مثلا: «كل الخيل للفيات (أو أي ماركة أخرى) عبيد»، و«المرسيدس تتكلم والبيجو تتألم»، و«شوفير الرينو الله يعينو !!»، و«أنا السوزوكي أغني واسأل الكيا عني!». أيضاً من العبارات الشهيرة التي توضع لتنبيه سائقيها من السرعة القاتلة أحياناً «لا تسرع يا بابا نحن بانتظارك»، أو عبارة طريفة أخرى تقول «لا تسرع يا بابا .. الماما تتزوج بعدك؟!». وقد تطوّرت روح الفكاهة؛ فارتسمت كتابات غاية في الطرافة، مثل «لا تشوفني عم أتدرّج . .دوبلني واتفرج!»، و«عشقت السفر من ظلم البشر»، و«لا تلحقني مخطوبة»... و«على هالدوسة هاتلك بوسة».. و«لا تزمر وراي شايفك بالمراي؟!» و«بتحبيني بحبك أكثر .. وبتنسيني ما رح أتذكر؟!».