«سوناتي» و«عقوس» يحلان محل الموسيقى في الأعراس السعودية

«البلوتوث» شكل نقطة انطلاقتهما من خلال المقاطع الصوتية

الشابان هشام وخالد خلال حديثهما لـ«الشرق الأوسط»
TT

دخل التقليد الكوميدي القاعات الرجالية في الأعراس كفن بديل عن الموسيقى، لا سيما وأن العديد من العائلات لا تفضل إحياء مناسباتها بأصوات الفرق الطربية، غير أن ذلك يسبب تململ المعازيم الذين يضطرون إلى الحضور من باب المجاملة.

ونجح شابان سعوديان في إحياء أكثر من 20 عرسا بتقليدهم لشخصيات لاقت رواجا في المجتمع، خصوصا وأن بدايتهما كانت عبر «البلوتوث» الذي استخدماه لنشر مقاطع صوتية تتضمن تقليد لهجات متعددة يجسدان بها أشخاصا وهميين.

ورغم ارتباط خالد النهدي وهشام منصري بعملهما في إحدى الشركات، فإنهما خصصا وقتا لممارسة هوايتهما، التي من خلالها يطرحان مشكلات اجتماعية تهم الشارع السعودي بقالب كوميدي، في ظل قناعتهما باحتياج المجتمع إلى الضحك، وسط ظروف الحياة الصعبة.

ويرى هشام المعروف بشخصية الخادمة «سوناتي» والعجوز الحجازية عبر المقاطع الصوتية المتبادلة بين الجوالات، أن وجود ذلك الفن في الأعراس يعد جديدا بالسعودية، خصوصا أن الأجر المادي يعد ضئيلا، مقارنة بما تتقاضاه فرق الطرب، إذ لا يزيد ما يدخل لهما في الليلة الواحدة عن 1000 ريال سعودي.

ويقول: «بدأنا في المشاركة بأعراس زملائنا وأقاربنا، من خلال تقديم عرض لا يتجاوز ثلث الساعة، إلا أنه قد يمتد لأكثر من ذلك إذا رغب الجمهور بالمزيد، ما يضطرني إلى ابتكار سيناريو جديد في أثناء تأديتي للعرض، بهدف إضفاء البسمة على وجوه الموجودين»، مؤكدا أن نظرته ليست مادية بقدر حرصه على تقديم فكرة واقعية بإطار فكاهي.

ويضيف: «إن محاولة إضحاك الناس بالصوت دون الحركات يعد صعبا، إضافة إلى أن ما نسجله من مقاطع لا يتجاوز خمس دقائق، كما أن تأليف السيناريو وإعداده و أداءه وإخراجه، أقوم به مع خالد بمفردنا».

وذكر خالد صاحب شخصية السائق «عقّوس» أن بدايتهما جاءت عفوية منذ ثماني سنوات، عن طريق تسجيل مقاطع عشوائية يحذفانها مباشرة بعد سماعها، لافتا إلى أن مشاركاتهما في المهرجانات بدأت تدريجيا.

وقال: «بعد أن لاقت السلسلة الصوتية التي انتشرت عبر البلوتوث استحسانا من الكثيرين، فكرنا في عمل مسلسل صوتي يبث على القنوات الإذاعية، غير أن ما يعيقنا هو عدم وجود منتج يتبنى إنتاجه بمبالغ معقولة، رغم سعينا إلى دبلجة المقاطع كمسلسلات كارتونية».

ولفت إلى أن صديقه هشام عادة ما يجسد أكثر من شخصية في المقطع الصوتي الواحد، مشيرا إلى أنه بدأ في تطوير تلك المقاطع لتكون رسالة إلى المجتمع، تسلط الضوء على أبرز مشكلات أفراده ومواقفهم التي يواجهونها في حياتهم اليومية.

ونفى خالد قيامه بتسجيل «مقالب» كوميدية مع بعض الجهات الحكومية، مثل المرور والجوازات وغيرها، بل إن هناك من يحاول تقليد شخصياته عن طريق «فبركة» مقطع صوتي والاتفاق مع الآخرين على انتحال شخصية موظف حكومي، من أجل الشهرة فقط، وأضاف: «إن من يحاول الاستخفاف بمثل تلك الجهات المهمة في البلد، فإن حقه سيكون ضائعا، خصوصا أن أجهزة الاتصالات الحكومية تكون مزودة بأنظمة مراقبة حساسة يستطيع كل من يعمل بها التوصل إلى أي شخص يحادثهم بسهولة».

وبالعودة إلى هشام فقد طالب بضرورة إعطاء فرصة للشباب الجديد كي يدخلوا مجال المسلسلات الكوميدية الصوتية، لا سيما وأن معظم أبطالها من الأسماء القديمة، في ظل احتياج المجتمع الآن إلى دماء جديدة بهذا المجال، بحسب قوله.

وأضاف: «نعاني كثيرا في أثناء تسجيل المقاطع، إذ نسجلها داخل (صندقة) خالية من التكييف والتهوية، كي لا تؤثر على جودة الصوت، إلا أننا لا نستطيع الجلوس بها لأكثر من عشر دقائق، ما يجعلنا نحدد مسبقا ما نريد قوله تماما. وانتقد هشام ما تشترطه شركات إنتاج المسلسلات الكارتونية من مبالغ كبيرة، مؤكدا أنه وصديقه يستهدفان إضحاك الناس الذين من الصعب جدا التأثير عليهم (بحسب وصفه)، وأضاف: «أصبحت تسجيلاتنا الصوتية مدرجة ضمن المقاطع في شركات الاتصالات، خصوصا أن شخصية الخادمة «سوناتي» باتت محبوبة من قبل الكثيرين.

وبين هشام أن تقبل الجمهور في الأعراس لما يجسدانه من شخصيات، يختلف باختلاف المناطق في السعودية، إذ أن سكان المنطقة الغربية يستهويهم تقليد اللهجة الإندونيسية العربية، فيما يفضل أهالي المنطقة الوسطى اللهجة الحجازية البحتة، إضافة إلى تقليد الفنانين المشهورين في نجد.

وأضاف: «اضطررت إلى إرسال أكثر من 1000 رسالة نصية كإعلان لفرقة (خالد وهشام) للتقليد في الأعراس، لا سيما أنني لست متأكدا من صدى الإعلانات المبوبة في بعض الصحف»، راجعا سبب عدم الإقبال الكامل على الفن الكوميدي في الاحتفالات والمناسبات إلى أنهما لم يشتهرا بعد.