بورشه تدشن متحفها الجديد.. وتؤكد معه تطلعاتها المستقبلية

تحفة معمارية تحتضن تراث الماضي العريق

زوار المعرض يتجولون بين السيارات في يوم الافتتاح الرسمي أمام الجمهور أمس (رويترز)
TT

ليس كل ما يلمع ذهبا، ولا كل صانع سيارات.. بورشه.

فمنذ 60 سنة فرض هذا الاسم الألماني العريق نفسه على عالم السيارات، فبفضل نبوغ مهندس ومصمم نمساوي الأصل لامع، اسمه فرديناند بورشه، ومن ورث تحمل المسؤولية في الشركة، تحدت الشركة منطق الصناعة، ومعه - كما يقول البعض - منطق الاقتصاد. فبورشه كشركة صناعة سيارات رياضية متخصصة وراقية، كان عدد الوحدات التي تصنعها سنويا محدودا. ومع أنها كانت ولا تزال شركة مستقلة، فقد جرت العادة أن تسند وكالتها في بعض الدول، لا سيما في العالم العربي، إلى وكيل موجود في السوق ولديه وكالات أخرى، وفي أحيان كثيرة ذهبت وكالات بورشه إلى وكلاء فولكسفاغن، لأسباب تقنية واقتصادية مفهومة، مع أن الصلة الوحيدة التي كانت تربط هذين الاسمين هي أن البروفسور فرديناند بورشه هو المصمم النابغة الذي صمم للزعيم الألماني النازي أدولف هتلر «مركبة الشعب» (فولكسفاغن) التي كان يحلم بها هتلر.

ولكن عبر العقود، دار الزمن دورته، وبفضل نجاح بورشه التقني والتسويقي، صار الصانع المتخصص الصغير عملاقا ماليا ناجحا، وتمكن أخيرا من السيطرة على مجموعة فولكسفاغن العملاقة، أكبر صانع سيارات في أوروبا، وأسهم في ذلك أيضا علاقة القربى بين عائلتي بورشه وبييش، ومنها فرديناند بييش حفيد فرديناند بورشه والرئيس السابق لمجلس إدارة فولكسفاغن الذي يملك بمفرده حاليا نحو 13 % من أسهم بورشه.

يقع المقر الرئيسي لبورشه في ضاحية زوفنهاوزن، بمدينة شتوتغارت إحدى عواصم صناعة السيارات في العالم والمقر الرئيسي لمجموعة ديملر صانعة سيارات مرسيدس بنز. وعام 1976 خصصت بورشه بجوار مقرها الرئيسي مكانا جعلت فيه متحفا لسياراتها التاريخية الناجحة، وما أكثرها. غير أن الحجم الصغير لذلك المتحف، الذي لم يكن يتسع لأكثر من 20 مركبة في وقت واحد، ومفهومه - العملي جدا - كان دون الثقافة التي حرصت إدارة الشركة الطموحة على ترويجها عن نفسها وعن إنتاجها وتراثها الهندسي. وهذا، في زمن أخذ يشهد إدراك شركات صناعة السيارات مدى أهمية «الهوية الثقافية» للسيارة، وكذلك مدى «الولاء للماركة (أو الاسم التجاري)»، وهو ما حفز عددا كبيرا من الصانعين في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان على إنشاء متاحف و«حدائق مفهومية» خاصة بإنتاجهم وبالصناعة ككل. وهكذا، في ظل وجود متاحف منافسة متميزة، حتى داخل ألمانيا ذاتها، منها «متحف بي إم دبليو» في ميونيخ، ومتحف مرسيدس – بنز (أقدم صانع في العالم) الجديد الذي افتتح عام 2006 في ضواحي شتوتغارت، كان لا بد لبورشه من دخول الحلبة.

ويوم أمس، أمام الإعلام العالمي، أزيح الستار عن متحف بورشه الجديد الرائع. إنه رائع بكل المقاييس، شكلا ومضمونا، يضم ساحة عرض إجمالي مساحتها 5600 م مربع. أما البناء ثوري التصميم، فقد جاءت فكرته التصميمية من هـ. جي. ميرتز، الذي أسهم في تصميم متحف مرسيدس بنز البديع، وأنجز العمل المعماري المتقن دار ديلوغان ميسل النمساوية للهندسة المعمارية من فيينا. ولقد قدرت التكلفة الإجمالية للمشروع، الذي سيتيح للزوار مشاهدة ما لا يقل عن 80 مركبة من أشهر وأروع ما أنتجه بورشه في مكان واحد، بنحو 100 مليون يورو. وعند الكلام عن المعروضات المهمة التي سيحظى بمشاهدتها زوار المتحف، من البديهي التوقف ولو للحظة عند المؤسس الذي صنع قصة بورشه. فرديناند بورشه (1875 – 1951) انطلق في عمله الهندسي عام 1931، وحقق نجاحا وسمعة عظيمين لفتا الأنظار إليه. وكانت فكرة سيارة الفولكسفاغن وسماتها التقنية والتصميمية ثورة حقيقية في عالم صناعة السيارات. ويمكن القول إن الفولكسفاغن بطراز «الخنفساء» الكلاسيكية الشهير هي السيارة التي فتحت فعليا السوق الأميركية الضخمة أمام السيارات الأجنبية، ومع هذا، فإن إنتاج شركة بورشه كماركة وكشركة صانعة بدأ عام 1948 مع طراز «تايب 356». وبعد وفاة المؤسس، تولى ابنه «فيري» (1909 – 1998) قيادة الدفة، وواصل مشوار النجاح، و«كرّت السّبحة» مع طرازات «911» الأشهر و«914» و«924» و«944» و«928».. ثم «بوكستر». كما اقتحمت الشركة، تحت قيادة رئيسها الحالي الدكتور وينلين فيدكينغ، مضمار المركبات الرياضية الوعرية بإطلاقها طراز «كايين»، وأخيرا، السيارة الكوبيه الرباعية الأبواب «باناميرا».