بيت الشعر في المغرب يحتفي بالشاعر عبد الرفيع جواهري

تنويها بتجربته الإبداعية وتكريما لعطاءاته في مجالات مختلفة

الشاعر المغربي عبد الرفيع جواهري خلال أمسيته الشعرية بالرباط (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

احتفى «بيت الشعر في المغرب»، بالشاعر المغربي عبد الرفيع جواهري، من خلال أمسية شعرية أقامها مؤخرا، بمقر المكتبة الوطنية بالرباط، تنويها بتجربته الإبداعية، وتكريما لعطاءاته في مجالات مختلفة، شملت، بالإضافة إلى الشعر، النضال السياسي والعمل البرلماني، وكذا الكتابة الساخرة التي كرس لها قلمه، وأبان فيها عن علو كعبه.

وخلال هذه الأمسية التي تولى تقديم فقراتها الشاعر رشيد المومني، تناوب على منصة الخطابة عدد من الباحثين والمبدعين وأصدقاء الشاعر ورفاقه، الذين تقاطعت خطواتهم مع خطواته على دروب الكلمة والإبداع، مستحضرين ذكرياتهم معه، منذ أن وفد إلى الرباط، قادما إليها من مسقط رأسه بمدينة فاس، وهو ما زال يومئذ فتى في سن الفتوة، باحثا عن مكان له تحت الشمس.

وفي هذا السياق، روى محمد العربي المساري، وزير الاتصال (الإعلام) الأسبق، كيف التقى بجواهري في الرباط، في عقد الستينات من القرن الماضي، كل واحد منهما بلكنته، المساري بلكنة أهل الشمال في المغرب، وجواهري بلكنة أهل فاس، حيث جمعهما العمل معا في الإذاعة، إلى جانب الأديب محمد برادة، رئيس قسم الإنتاج آنذاك، الذي سيصبح فيما بعد رئيسا لمنظمة اتحاد كتاب المغرب.

وتفرق الاثنان، المساري التحق بجريدة «العلم»، وجواهري انطلق في عالم المحاماة، بعد أن كان طالبا مجدا في كلية الحقوق، وانخرط في السياسة بمراكش، و«تغيرت المسارات ولم تتغير الكينونة»، حسب تعبير المساري، الذي أشاد أيضا بأسلوب جواهري في كتابة عمود «نافذة» الساخر في عقد الثمانينات من القرن الماضي، «الذي سيظل عنوانا كبيرا في الصحافة المغربية»، على حد تعبيره، الذي جعل القراء يشرعون في قراءة الصحف من الصفحة الأخيرة، مثلها مثل عمود «بخط اليد» الذي كان يكتبه عبد الجبار السحيمي بيومية «العلم». وبدوره أبرز الشاعر أحمد الطيب العلج خصائص شعر جواهري، وكلماته التي «تحفل بالرقة والعذوبة والدهشة»، واصفا إياه بأنه شاعر الحب والجمال الذي يعرف كيف يعزف على أوتار العقول والعواطف بأرق الكلمات وأجمل المعاني ببلاغة وصدق. وقال الناقد بشير القمري إن جواهري يستحق تسميته «حكيم الحداثة»،الذي يتقن الدفاع عن الرأي بكياسة ونباهة، ويعالج القضايا بحكمة دائمة لا تفارقه، سواء كمناضل سياسي داخل الحزب، أو كشاعر ظلت لغته رقراقة وشفافة، وبقيت الحكمة لديه نبراسا في التعامل مع العالم والناس، ولذلك ظل «قريبا من القلب والوجدان».

وتركزت كلمة الباحثة حورية الخمليشي، على سبر أغوار أشعار المحتفى به، خاصة تلك «القصائد المغناة التي دخلت البيوت، ودخلت معها قلوب الناس»، من خلال الأصوات التي تغنت بها؛ مثل عبد الهادي بلخياط، ومحمد الحياني، ورجاء بلمليح، مشيرة إلى «القمر الأحمر»، و«ميعاد»،و«رموش»، و«راحلة»، وغيرها «من الروائع الخالدة في الذاكرة الفنية المغربية».

توجت الأمسية الشعرية بقراءة جواهري لنصوص بعضها أنتجه مؤخرا، كانت تقاطع بعاصفة من التصفيق، خاصة قصيدة «كأني أفيق على مهل من رقاد عميق» التي تلاها بتأثر واضح، مستدعيا بين مقاطعها لمحات من ملاعب صباه في مدينة فاس، بنوع من الحنين.

ونظرا لارتباط تجربة الشاعر بالغناء، فقد تضمنت الأمسية معزوفات على العود للفنان ناصر الهواري، ومقطوعات غنائية من تلحين الفنان سعيد الشرايبي، وغناء الفنانتين كريمة الصقلي وفدوى المالكي، اللتين حلقتا بالحاضرين في أجواء مجنحة بالخيال في «الحديقة الشعرية» لجواهري.